يعد الكاتب الشاب والطبيب أحمد سمير سعد امتداداً لأجيال عظيمة أبدعت وكتبت ونشرت الثقافة العلمية وحببتها إلى الأجيال التالية منهم أحد شخصيتى المعرض د.أحمد مستجير صاحب سلسلة «فى بحور العلم».
صدر لسمير سعد عدة كتب بالتزامن مع معرض الكتاب فى دورته الـ56 أحدهما عن مستجير والثانى عن قصة «القنبلة الذرية» بالإضافة إلى أن سمير تولى مسئولية الإشراف على سلسلة فى النشر العلمى تصدرها دار المعارف بعنوان « اقرأ العلمي» وهى امتداد لسلاسل نشر الثقافة العلمية التى كتب فيها الكبار قديماً.. وفى حوارنا معه على هامش المعرض يكشف لنا الكثير من أسرار كتابته العلمية ونجاحاته.
> باعتبارك ابناً أو حفيداً لرموز كتابة الثقافة العلمية وعلى رأسهم د.أحمد مستجير شخصية المعرض كيف كان تأثير الرجل عليك؟؟
>> د.مستجير هو أحد الشخصيات التى أسهمت فى تكوينى عندما كنت صبياً صغيراً فقد تعلمت منه الكثير، إذ حملت كتبه التى ترجمها وضمت إجابات عن أسئلة عويصة مثل ما الهندسة الوراثية وما الاستنساخ؟ وفتحت أمام الفتى الصغير أبواب عوالم سحرية. ثم تحول المرشد الذى أخذ بيد الصبى الصغير إلى مَثَل حين بدأت الكتابة فى مجال الثقافة العلمية لذا هو حاضر فى ذهنى طوال الوقت وقد أعدت قراءة سلسلة كتبه التى جمع فيها أغلب مقالاته المنشورة فى مختلف الدوريات والتى حملت عنوان: «فى بحور العلم» مراراً وتكراراً..
> ألهذا جاء كتابك الثانى كتاب «أحمد مستجير.. وترنم العلم شعراً» الذى صدر بالتزامن مع اختياره شخصية المعرض؟
>> فى الواقع قبل قرابة العامين كتبت عدة حلقات تليفزيونية للتعريف بثلة من أصحاب الإنجازات العلمية وبالطبع اخترت أن أكتب حلقة عن د.أحمد مستجير ضمن برنامج «رواد العلم»، لذا عندما عرفت باختياره شخصية المعرض لهذا العام ابتهجت للغاية فهو يستحق كل تكريم.
> ماهى رسالة الكتاب ومحتوياته؟
>> سعيت جاهداً فى هذا الكتاب لجمع كل ما يمكن التوصل إليه من وثائق، جمعت ما كتب وما كُتِب عنه، وتواصلت مع العائلة خصوصا د.مروى مستجير الابنة الصغري، وقد غمرتنى الأسرة الكريمة بالمحبة وبكثير من أوراق د.أحمد مستجير الخاصة وصور لم تنشر وحكايات من الذاكرة عن مواقف مؤثرة وملهمة وحميمية. استعرضت فى الجزء الأول من الكتاب سيرة د.أحمد مستجير، بدءاً من طفولته فى الريف وعلاقته بوالديه وإخوانه وأخته مروراً بعمله القصير فى الإرشاد الزراعى ثم سفره إلى إدنبره وحصوله على الدكتوراه وقصة الحب التى نشأت بينه وبين زوجته هلدجارد ثم علاقته بأبنائه وعمله الحافل بالإنجاز وقد عمدت أن أكتب ذلك فى سرد أدبى أقرب للقص مضفراً بأشعاره المنشورة وغير المنشورة.. وفى الأجزاء الأخرى تعرضت لأحمد مستجير العالِم وأبحاثه خصوصاً بحثه الأخير الخاص باستنباط سلالات مقاومة للملوحة من الأرز والقمح كما تعرضت لأحمد مستجير داعية الثقافة العلمية وأهم رؤاه حول الترجمة وأساليبه وكذلك الأفكار التى كان يدعو إليها وأخيراً تعرضت لأحمد مستجير الشاعر الرومانسى الرهيف.
> صدر لك كتابان هذا العام فى معرض الكتاب الأول ترجمتك بعنوان: «القنبلة الذرية التاريخ السرى – أولى حروب الفيزياء» لجيم باجوت حدثنا عنه؟
>> جيم باجوت هو أحد أهم الكتاب العالميين فى مجال الثقافة العلمية ويجمع بين خلفيته العلمية وممارسته للبحث العلمى الأكاديمى لفترة من حياته من ناحية والقدرة على كتابة أصعب الأفكار وأبسطها بأسلوب سلس من ناحية أخري. يحكى قصة القنبلة الذرية منذ بدأت طبول الحرب تدق واكتُشِف الانشطار النووي، وشرعت كل دولة من الدول المشاركة فى الحرب فى استقصاء إمكانية تصنيع قنبلة ذرية، تحمل قوى تدميرية تعادل عشرات آلاف الأطنان من الـ»تى إن تي».
> هل معنى ذلك أن الكتاب يسرد تاريخ العلم فحسب؟
>> بالطبع لا فالكتاب يحكى عن دراما حقيقية، وفيها يتضح كيف تلاعب الخوف بالجميع، وحصل الفيزيائيون بعد أن عرضوا إمكانات السلاح الجديد على دعم قادة الحرب وتحولوا إلى أحد أهم الموارد العسكرية. يتتبع الكتاب ما دار فى ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وروسيا وغيرها من البلدان الأوروبية التى ساهم علماؤها فى الأحداث لنكتشف أن الكتاب لا يكتفى بسرد كيف تطورت المفاعلات النووية وكيف حل علماء الفيزياء مشاكل تصنيع القنبلة الذرية وكيف ظن بعضهم أن السلاح لا يمكن تصنيعه فى الإطار الزمنى للحرب وسعى البعض الآخر بكل الجهد من أجل إتمام التصنيع بل يقص كذلك المحاولات التخريبية التى مارسها الحلفاء ضد مصنع الماء الثقيل، إحدى المواد المهمة التى تدخل فى تشغيل المفاعلات، واستعدادهم لاغتيال هايزنبيرج الاسم الأبرز بين العلماء الألمان، هذا كله ممزوج بوقائع الحرب وأحداثها التى انتهت بإلقاء القنبلة على هيروشيما ونجازاكي.
> يعتقد البعض أن الكتابة العلمية أمر جديد على الثقافة العربية فهل هذا صحيح؟
>> لا أظن على الإطلاق أنه جديد، فعلى سبيل المثال لو نظرنا إلى شخصية معرض القاهرة الدولى للكتاب هذا العام الدكتور أحمد مستجير، سنكتشف أنه أحد أولئك الذين اهتموا بكتابة مقالات الثقافة العلمية بلغة عربية سلسلة، لا تحتوى على مجازات ولا تقصد إلى الجزالة فحسب بل تستشهد بالأشعار والقصص والطرف، فى تطواف رائع. نجد كذلك الأفكار العلمية تصل إلى شعره فى كثير من الأحيان، فبالإضافة إلى معارفه الحاضرة دوما بأنواع النباتات وأوصافها، نجده يأتى فى إحدى قصائده على ذكر فضاء منكوفسكى وهو فضاء من أربع أبعاد تفرضه نظرية النسبية الخاصة نجده يشير إلى هندسة ريمان فى القصيدة نفسها وهى هندسة لا إقليدية، استغلها أينشتاين فى نظرية النسبية العامة.. لا أريد أن أذكر الأسماء حتى لا أنسى أحداً لكننى قد أذكر على سبيل المثال لا الحصر د.سمير حنا صادق ود.أحمد شوقى ود.رءوف وصفى ود.محمد المخزنجي.. بل لعلنا نصل فى هذه السلسلة إلى الجاحظ وكتابه «الحيوان».
> أنت مسئول عن سلسلة «اقرأ العلمي» بدار المعارف وهى سلسلة جديدة مستحدثة حدثنا عن مشروعها للنشر، وأحدث إصداراتها؟
>> تهدف سلسلة «اقرأ العلمي» إلى نشر كتب فى مجال الثقافة العلمية، وللأسف مثل هذه الكتب نادرة فى عالمنا العربي، بالإضافة إلى ذلك فأغلب الكتب التى تُنشَر فى هذا الصدد تأتى مترجمة بحكم التفوق الغربى لكننى طوال الوقت كنت على يقين من أن لدينا كتابا ذوى خلفية علمية يستطيعون أن يكتبوا بلغة عربية سلسة وبسيطة عن المنهج العلمى وعن أحدث التطورات فى العلوم والتكنولوجيا وعن فلسفة العلم ومجتمعات العلماء ويستطيعون أن يربطوا كل ذلك بمجتمعنا العربى وقضاياه واهتماماته فى براعة شديدة لذا فهذه السلسلة بالنسبة لى حلم خاص. أرجو أن نوفق فيه وأن نحرز بواسطتها ما نصبو إليه..
> وما هى أهم إصداراتها حتى الآن؟
>> لقد صدرت ثلاثة كتب بالفعل، هى «وهم الآلة.. كيف بدأ الذكاء الصناعي» وهو كتاب لا يناقش مؤلفه مصطفى العدوى نشأة الذكاء الصناعى وتطوره فقط بل يتطرق إلى أسسه وآثاره والأسئلة الفلسفية والمجتمعية المثارة حالياً بشأنه، والكتاب الثانى «جينات المصريين» وفيه يتعرض أحمد حسن مؤلفه إلى مشروع جينوم المصريين الذى يستهدف دراسة المحتوى الجينى للمصريين المعاصرين ولمومياوات فرعونية بغية معرفة الأصول والتطور وفى ظل عصر يدرك أهمية ما يعرف بالطب الشخصى كما يستعرض كثيراً من الدراسات التى حاولت التعرض للأمراض الجينية الشائعة فى أوساط المصريين وكيفية الوقاية منها أو العلاجات المرتقبة. أما الكتاب الثالث «إغواء الخيال العلمي» فهو مقالات وقصص لهوجو جرنزباك أحد رواد الخيال العلمى وأول من صك هذا الاصطلاح وقد ترجمها ياسر أبو الحسب وقدم لها. وننتظر صدور الكتاب الرابع «ثلاثة وجوه للعلم» وفيه يستعرض مؤلفه أحمد سمير عبدالحميد خطوات البحث العلمى الأكاديمي، إنه وجه العلم المنهجي، ويقدم ست قصص لوجه العلم المشرق لأبحاث أسهمت فى تقدم البشرية وست قصص لوجه قبيح، فيها حاول مؤلفو الأوراق العلمية فبركة النتائج لكنهم كُشِفوا بعد حين.