مصر منارة العلم
وبلد العلماء
حينما أشاهد أى احتكاك بين مواطن وآخر لسبب بسيط فى الشارع لأولوية مرور بالسيارةمثلا.. أو نتيجة اختلاف فى وجهات النظر حول مباراة كرة قدم .. أوفى أثناء الوقوف فى طابور لقضاء أمر من الأمور الحياتية أو لسبب عارض يمكن أن يمر باعتذار بسيط.. أوبابتسامة حتى ولو كانت غير صافية أو بالعفو عند المقدرة أتيقن أن ماطرأ على البعض من الشعب المصرى وأخلاقياته فى السنوات الأخيرة أطاح بجزء كبير من قيمنا وأخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا.. وأيضا أحلامنا وأولوياتنا.. وتناسينا قيم العفو والصفح والحلم والتسامح.. الأمر الذى جعلنا ننزلق إلى درجات متدنية فى لغة حوارنا وتعاملنا مع بعضنا البعض أو حتى فى تعاملنا مع الدولة ومقدراتها التى هى أملاكنا ومن أموالنا.. وأصبح كل منا يتربص للآخر ويتصيد له أقل الأخطاء.. بعد أن كان ميثاق تعاملنا قول العلى القدير «فاصفح الصفح الجميل».. وقوله صلى الله عليه وسلم «مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمي».. وتتلقى آذاننا فى الشارع ووسائل المواصلات وبلا حياء ألفاظا تؤذى مشاعرنا وتخدش حياءنا.. وأصبحت هذه الألفاظ السيئة هى لغة الحوار الهابط الذى أصبح متداولا ليس فى الشارع فقط بل فى بعض وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعى واغلب الأعمال الفنية والدرامية سواء بالتصريح أو التلميح والتلقيح تحت ستار فن الواقع فيؤدى ذلك إلى ترسيخ هذه القيم الغريبة وتأصيل لغة الحوار الهابط ونسج منهجية التعامل بالبلطجة والصوت العالى .. حتى فى بعض البرامج الحوارية التليفزيونية تتدنى لغة الحوار بين الضيوف والتراشق بالألفاظ ووصل الأمر إلى رفع بعض الضيوف أحذيتهم فى وجه الآخر على الهواء.
هناك من يريد العبث فى عقولنا وتغييب وعينا وتقسيم صفوفنا وتشتيت أفكارنا وتشوية تاريخنا والتشويش على إنجازاتنا من خلال زرع قيم جديدة وغريبة على مجتمعنا ساعد فى ذلك بعض الفنانين الذين برعوا فى دور البلطجة واصبحوا للاسف قدوة بين الشباب وخاصة فى المناطق الشعبية.. هؤلاءالشباب الذين يجب أن يستعيدوا توازنهم ويستردوا وعيهم ليدركوا ويؤمنوا أن مصر بلدا كبيرا وعريقا.. لها خصوصيتها وقيمتها ومكانتها ومبادئها وريادتها وزعامتها.. تربت فى مدارسها شعوب وتخرجت من جامعاتها رؤساء وملوك.. مصر منارة العلم وبلد العلماء .
يجب أن نكون حائط صد وسداً منيعاً ضد من يتلاعب بعقول شبابنا ووعيه بما يذيعوه من خبائث ويبثوه من قيم متدنية وينشروه ويصبغوه باتجاهات وميول اجتماعية.. ويطوعون ما تسطره أقلامهم.. وتصوره كاميراتهم.. وتذيعه ميكرفوناتهم ليخدم أغراضهم الدنيئة.. يجب أن يتكاتف الجميع.. دولة ومؤسسات وإعلام وأحزاب وجمعيات أهلية وأسر وكافة المخلصين من أبناء هذا الشعب الصامد الأبى وأن نكون على قلب رجل واحد لإعادة القيم السمحة للمجتمع المصرى وأن نكون مرة أخرى كالجسد الواحد.. وأن نكون بالمرصاد ضد من يتربص بشابنا حتى لايحققوا أهدافهم الخبيثة.. وحتى نوقف حربهم لشباب مصر بأبشع الوسائل بلا قيم ولا أخلاق ولا مباديء.