الذات الشخصية جزء لا يتجزأ من الذات الوطنية، ففى الحياة المجتمعية يرسم الإنسان أحلامه، ويخطط لمستقبله، ولكنه يصطدم بواقعه المضطرب، ويشعر فى لحظة ما أنه مجرد آلة يعزف عليها الوقت، لتصدر صوت نشاز، من الصعب فك طلاسمه. نعم يعمل أعداؤنا على تحطيم الذات الشخصية لنا، ويوظفون كل الوسائل لتثبيط قدرتنا وقدراتنا، لنقع فريسة «سهلة» لظروف أقوى منا.
الاغتيال المنظم للذات الشخصية، يؤدى إلى تساوى الأمور كافة، الإيجابية منها والسلبية، وربما تصل فى مرحلة ما الى القيم والتقاليد والعادات والسلوك الذات الشخصية، ترتبط بالوطن، وبالتالى فإن الذات الوطنية الخالية من الشوائب، هى التى تصلح لبقاء المجتمع قويا قادرا على الصمود ومواجهة الاحتلال. والذات الشخصية والذات الوطنية، ركيزتها الوحدة الوطنية، وفى كنف هذه الوحدة يمكن للعناصر المبدعة فى كل المجالات، وبغض النظر عن انتماءاتها الفكرية والشخصية أن تنتصر للوطن وتدافع عنه، لأنها تنطلق من واقع الوحدة، بعيدا عن ظلمات الانقسام والتشتت، فلنبدأ فى بناء الشخصية والوطن بتوحيد كل الجهود والأفكار لوطن يواجه كل التحديات الإنسان هو أساس أى تطور أو تقدم فى المجتمع، فكل فرد يمثل حجر الأساس فى بناء الأمة وتطورها إذا كان الوطن يطمح إلى تحقيق النمو والتقدم فى جميع المجالات، يجب أن يبدأ هذا التحول من داخل الأفراد، من خلال تطوير الذات الشخصية وتنميتها، والذات الشخصية هى مصدر الطاقة التى تحرك الإنسان لتحقيق أهدافه وتطلعاته. عندما يسعى الفرد إلى تحسين نفسه وتطوير مهاراته، فهو بذلك لا يسهم فقط فى تحسين حياته الشخصية، بل فى تحسين المجتمع بشكل عام. الشخص المتعلم، الواعى، والمتوازن قادر على التفكير واتخاذ القرارات الحكيمة التى تؤثر إيجاباً على محيطه، مما يؤدى إلى مجتمع متقدم. الشخصية القوية تعد من السمات الأساسية لأى فرد يسعى لبناء وطن قوى. هذه القوة لا تعنى القوة البدنية فقط، أو القوى المادية بل القوة الفكرية والعاطفية أيضاً الفرد الذى يمتلك شخصية قوية لديه القدرة على مواجهة التحديات والصعاب دون أن يستسلم وعندما يكون لدى الأفراد فى المجتمع شخصية قوية، يصبح المجتمع بأسره أكثر قدرة على مواجهة الأزمات. والحقيقة أن التعليم هو أحد أعظم أدوات بناء الشخصية. فمن خلال التعليم، يمكن للإنسان أن يطور مهاراته الفكرية والاجتماعية، مما يعزز قدرته على الإبداع والمساهمة فى تحسين المجتمع. والعمل على تنمية الذات الشخصية له فوائد عظيمة على مستوى الفرد والمجتمع. الأفراد الذين يملكون رؤية واضحة لأهدافهم ومهارات متطورة فى مجالات الحياة المختلفة، يصبحون أكثر قدرة على الابتكار وتحقيق الإنجازات. إن قوة الوطن لا تأتى فقط من مواردها الطبيعية أو بنيتها التحتية، بل من قوتها البشرية التى تسعى باستمرار إلى التطوير والنمو. وهنا لابد أن أشير إلى أهمية القيم الإنسانية فى بناء شخصية قوية ووطن قوى فالإنسان الذى يتمتع بالقيم الإنسانية مثل الصدق، الأمانة، والعدل، يعد من العناصر الأساسية فى بناء مجتمع متماسك. والقيم الأخلاقية تشكل الأساس الذى يبنى عليه الفرد علاقاته مع الآخرين. وعندما تتكاتف هذه القيم بين الأفراد، يصبح المجتمع أكثر قوة وتماسكاً. وعندما يمتلك الأفراد فى المجتمع هذه القيم، فإنهم يسهمون فى بناء وطن قائم على العدالة والاحترام المتبادل. وهذا بدوره يعزز من استقرار الوطن ويؤدى إلى تقدم مستدام. القيم الإنسانية مثل الاحترام، الأمانة، والتسامح، هى الأسس التى تُبنى عليها الشخصية القوية. بدون هذه القيم، يصبح بناء الوطن غير ممكن. لذلك، فإن الفرد الذى يسعى لتحقيق هذه القيم داخل نفسه، يساهم فى بناء مجتمع متماسك، يسوده الاحترام المتبادل والعمل المشترك، وعلى العكس تماماً نجد أن الإنسان الفاقد للقيم الإنسانية لا يمتلك مقومات الشخصية الوطنية خاصة إذا كانت شخصيته قائمة على المعيار المادى وما تملكه من أموال، فالأموال دائماً لا تبنى شخصية وطنية سوية بل تساعد على وجود شخصية هشة ضعيفة لا قيمة لها فى الحياة. وهنا لابد أن نعى جيداً أن القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية جزءًا لا يتجزأ من بناء الأوطان القوية، فكل فرد يتحلى بتلك القيم يصبح عنصرًا مؤثرًا فى دفع المجتمع نحو السلام والتنمية المستدامة. وعندما يتحقق ذلك، نجد أن الوطن يصبح قادرًا على المنافسة فى مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.