كثيرا ما نتحدث عن «القوة» بأشكالها الخشنة والناعمة والسائلة، ومن الضروى هنا متابعة ومراقبة سلوك «مُلاَّك القوة ومستأجريها» وكيف يديرون ما بين أياديهم من قوة، فطريقة إدارة القوة تحدد خصائصها ومحدداتها وكذلك نتائجها، ووفق هذه الزاوية نجد القوة الخجولة والقوة الوقحة والقوة المتزنة وأخيراً ظهرت القوة المبعثرة، والتعريف البسيط لهذه المصطلحات يضفى قدرا من الفهم المشترك،
>>>
فالقوة الخجولة هى التى تختبئ تحت مياه الأزمات كما الغواصات وهناك دول عديدة تخجل من إظهار قوتها فما بالنا باستخدامها ولنا فى الصين المثل الأكثر وضوحا!؟ وعلى العكس التام نجد «القوة الوقحة» والتى تستعرض بفجاجة ما لديها من قوة وتبالغ فى إظهارها كما الطائرات المحلقة فوق الرءوس والاعناق كما تفعل إسرائيل والولايات المتحدة، أما القوة المتزنة فهى التى تقف على أرض الواقع لا تختبئ ولا تستعرض ولا يحركها الهوى والحماسة وهنا ودون شيفونية أرى أن مصر هى النموذج المثالى للاتزان الاستراتيجى والقوة المتزنة.
>>>
واخيراً نصل إلى نموذج «القوة المبعثرة» وهى تلك الدولة التى تمتلك كل أنواع القوة، لكنها فى نفس الوقت لا تجيد استثمار تلك القوة التى بين يديها، وكما نتحدث عن «مزيج الطاقة» نتحدث كذلك عن «مزيج القوة» الذى يتكون من معادلات متغيرة بمكونات تجمع نسبا ومقادير محددة من كل أنواع القوة المذكورة، للأسف هذا المزيج لم يكتمل لأسباب قد تكون معلومةً وقد تكون غير ذلك، أتحدث عن مصر صاحبة أحد أكبر وأقوى وأعظم جيش فى المنطقة والعالم، وكذلك صاحبة واحدة من القوى الناعمة الأكثر تاثيراً فى العالم بآثارها وفنونها ومفكريها، هذا المزيج المصرى من القوة الشاملة خشنة وناعمة يحتاج تناغما وتكاملا حتى نصل إلى «خلطة القوة المستدامة».
>>>
بيد أن الحديث عن القوة الناعمة كان ومازال وسيظل حديثا براقا تغلب عليه طبيعة «الينبغيات» لكننى هنا أتحدث عن مشروع جديد عنوانه «التأثير»- تأثير القوة الناعمة على الجمهور المستهدف دولا كانت أو جماعات أو مناطق- نحن فى حاجة إلى قياس الأداء عن طريق «مسطرة التأثير» وليس البروباجندا، أشعر كثيرا بأن قوانا الناعمة «مبعثرة» وغير متناغمة لذلك أراها- وقد أكون مخطئا- غير مؤثرة، لدينا قامات عديدة مبهرة ومبدعة وملهمة فى كل المجالات والتخصصات لكننا لا نجيد- وربما لا نرغب- فى تنجيم وتسويق «البراند الثقافى المصري» فنحن نملك أساتذة كباراً بحق فى كل المجالات لا يأخذون حقهم ولا نستفيد منهم لا على المستوى القطَّاعى ولا على المستوى الجمعي، وهذا يمثل فى تقديرى اهدارا مقصودا لقدرات الدولة المصرية آن له أن يتوقف فورا .