رغم أن ما حدث فى الجمهورية العربية السورية.. نسخة مكررة مما حدث فى ليبيا والعراق.. إلا أن سقوط سوريا.. كان متفردًا فى رسائله التى يجب على الجميع أن يقف أمامها طويلاً.. ويستوعبها بدقة.. فقد كنا دائمًا نراهن على المساندة الإيرانية.. والقواعد الروسية.. والقوات التركية.. والفرق الأمريكية.. المتواجدة على الأراضى السورية.. وعندما اجتاحت رياح الخراب والتدمير العديد من دول المنطقة إبان 2011 راهن كثيرون إن إيران لن تدع دمشق تسقط.. وإن روسيا التى تقيم القواعد العديدة على الأراضى السورية.. لن يجرؤ أحد على الاقتراب منها.. وستكون تلك القواعد دروعًا واقية من سقوط دمشق.. لكن فجأة.. ينسحب الجميع.. ويتخلى كل الأصدقاء عن الخل الذى طالما كان رهن الاشارة.. مطيعًا.. منفذًا لكل التوجيهات.. فر الجميع وتركوا الذى كان يستند على وجودهم ويرتمى فى احضانهم مطمئًنا.. وإمعانًا فى الهروب والخيانة.. دبروا له السقوط الآمن للوطن.. وتسليمه لقمة سائغة لأعدائه.. تمكنت منه الميليشيات الممولة والمدربة بالمال والسلاح الأمريكى وغير الأمريكي.. توغلت إسرائيل لتبتلع ما تشاء من الأراضى السورية بجانب الجولان وحتى لا تعود سوريا.. ولو بعد مائة عام دمرت إسرائيل.. كل القواعد والمعسكرات والمطارات حتى المركبات المجنزرة فى الشوارع والأزقة دمرتها.. الأسطول البحرى حتى سفن الصيد لم تتركها.. فى أيام معدودة.. اختفت سوريا من على خريطة الأمة.. ليفقد مثلث القوى العربية ضلعًا آخر من أضلاعه.. بعد سقوط بغداد القوة الثانية فى المنطقة.
> > >
إن ابلغ رسالة من سقوط سوريا.. وهروب كل الخلان من حولها أنه لم يحمى وطنك إلا جيشك.. ولن يصون مقدرات بلادك إلا شعبك.. ويخطيء ألف مرة من يتصور لحظة أن القواعد الأجنبية الروسية أو الأمريكية يمكن أن تحمى وطنك أو تحافظ على دولتك.. إنه وهم يعيش فيه كثيرون ممن ظنوا يومًا أنه هذه القواعد مصدر قوة ووسيلة حماية..أنها قواعد مصالح لأصحابها.. وكان على الجميع أن يتنبه لذلك جيدًا.. منذ أن خرج علينا برنارد لويس بخريطة وبرنامج تقسيم الشرق الأوسط الجديد كان علينا أن نتدارك ذلك جيدًا.. وسريعًا.. ونخلع الارتماء فى الحضن الأمريكى الذى خطط ونفذ لاسقاط دول الشرق الأوسط.. ودمر العراق بتقارير وهمية وخطورة بقاء صدام مهددًا للسلم العالمي.. دمر الأمريكان بلاد الرافدين ونهبوا ثرواتها ونفطها.. وزرعوا الميليشيات المسلحة لابقاء العراق فى دوامة الصراعات ويبقى الشعب العراقى فى شتات وصراعات.. ونفس السيناريو فى ليبيا.. فلا أمن ولا استقرار بعد أن دمرت ميلشيات المارينز ليبيا القذافى وقسموا نفطها بين الشركات.. وبقيت ليبيا طوائف.. وعصابات صناعة أمريكية.. حتى لا تعود ليبيا.. ولا استقرارها.. إلى الابد.. ودخلت اليمن والسودان فى طريق اللاعودة.. مثلما أراد أعداء الأمة.. نفذوا.
> > >
والآن سقطت كل الأقنعة.. ولم تعد شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.. والنظام العالمي.. ذات قيمة.. وصار تنفيذ برنامج تقسيم الشرق الأوسط على الملأ.. وبلا مواربة.. وها هو الدعم الأمريكى اللامحدود لدولة الاحتلال.. تعيث فى الأراضى الفلسطينية فسادًا.. وتدميرًا.. تقود حرب إبادة ضد الشعب الفلسطينى تغتال الأطفال والنساء وتهدم البيوت فوق الرؤوس.. دون أدنى إدانة من الإدارة الأمريكية التى تدعم بالمال والسلاح قوات الاحتلال الإسرائيلي.. لتنفيذ الإبادة والتوسع ليس فى الأراضى الفلسطينية فقط.. وإنما فى الأراضى السورية عقب سقوط دمشق.. بنفس سيناريو سقوط بغداد.
> > >
سقوط دمشق.. أجراس خطر تطرق الرؤوس بعنف بأن القواعد الأجنبي.. والحماية من خطر الجماعات المرتزقة المسلحة أو أى عدوان خارجي.. وهم.. وسبات عميق يجب أن نستيقظ منه فورًا.. وندرك أن هذه القواعد خلايا نائمة وحماية زائفة.. وإذا كنا نحن العرب لم نعد العدة.. وتجاوزنا من أمتلاك النووى والذرى مثلما فعلت إسرائيل فلدينا عوامل القوة والقدرة.. ونمتلك أدوات الضغط.. ولابد من تنويع مصادر التسليح.. والتخلى فى أسرع وقت من الاتجاه الواحد نحو واشنطن التى لن تتخلى عن «الكيان» ودعمه.. وتمضى بإحكام نحو تفتيت وتمزيق الدول العربية.. وبسط نفوذها على الشرق الأوسط ودعم توسعات دولة الاحتلال على حساب الجميع.
> > >
إن مخطط اسقاط الاوطان يمضى بدقة وكلما فشل سيناريو.. ظهر سيناريو آخر.. وخطط الحصار الاقتصادى والسياسى ماضية وبكل السبل.. ولن يحمى أوطاننا نحن العرب إلا جيوشنا.. ووحدتنا.. وإن لم نستغل كل ما نملك من وسائل ضغط ومن عوامل القوة.. سوف يلحق بنا ما لحق بالآخرين.
إن هذه التحديات.. تستدعى وبقوة دعم الدولة المصرية فى مواجهة المخططات الشيطانية.. فمصر هى درع الأمة وكلما كانت مصر قوية.. ومدعومة عربيًا بكل ما تحمل الكلمة من معني.. ستبقى الصخرة الحديدية التى تتحطم عليها كل المؤامرات والمخططات والاطماع الغربية فى الشرق الأوسط.