خاضت مصر معركة مقدسة على مدار سنوات، ضد التطرف والتشدد والإرهاب، وحققت نجاحات كبيرة وقضت على فتن مستطيرة، كانت تنذر بويلات وتداعيات كارثية على الوطن، واستعادت الأمن والأمان والاستقرار، ورسخَّت الاعتدال والوسطية والتسامح والتعايش وطهَّرت المنابر من المتشددين والمتطرفين وإنصاف المتعلمين الذين لا يملكون أدنى درجات الأهلية والجدارة للتصدى للخطابة والأمور والقضايا والفتاوى الدينية التى شهدت حالة خطيرة من الفوضى والعشوائية وأحدثت فتناً وبلبلة، وخدعت بعض الشباب، بعد أن احتل هؤلاء المتطرفون والمتشددون الجهلاء أو المدفوعون عمداً لخلق مثل هذه الأجواء التى تقود فى النهاية إلى مخاطر جمة.
لم تقتصر المواجهة المصرية للتشدد والتطرف والتعصب والمغالاة، وفوضى الفتاوي، والإرهاب على المواجهة الأمنية، أو منع هؤلاء الجهلاء من التصدى للحديث فى الأمور الدينية، ولكن عملت على معالجة ومقاربة شاملة تعانقت فيها محاور كثيرة مثل البُعد الأمنى والفكرى والاجتماعى والتنموي.. وتجديد الخطاب الديني، وإسناد الأمر لأهله من العلماء وأهل الذكر والمتخصصين، للحديث فى الأمور الدينية، وأوكلت لدار الإفتاء المصرية، قضايا الفتوي، والإجابة عن تساؤلات الناس فى أمور الدين؟
محور بناء الإنسان.. الذى يعد على رأس أولويات الرئيس عبدالفتاح السيسي.. شديد ووثيق الارتباط باقتلاع جذور التشدد والتطرف والغلو، والتعصب، لذلك على مدار 10 سنوات، شهدت مصر اهتماماً غير مسبوق، بتغيير حياة المواطنين خاصة الأكثر احتياجاً إلى الأفضل، ونجحت مصر فى القضاء على العشوائيات، انحيازاً لكرامة الإنسان المصري، وأيضاً القضاء على بؤر مجتمعية شديدة الخطورة، لتفريخ عناصر إجرامية، أو إرهابية، أو متطرفة أو ضعيفة الولاء والانتماء ناقمة على كل شيء فى البلاد بسبب ضعف اهتمام الدولة فى الماضى بهذه الفئات وأيضاً الارتقاء بالخدمات والرعاية الصحية من أهم محاور بناء الإنسان المصرى فى ظل مبادرات رئاسية استثنائية مثل القضاء على فيروس سي، وقوائم الانتظار ومبادرة 100 مليون صحة وغيرها، بالإضافة إلى المبادرة الرئاسية حياة كريمة وما قدمته للإنسان المصري، خاصة المشروع الأعظم، وهو تطوير وتنمية قرى الريف المصرى على 3 مراحل لتغيير حياة ما يقرب من 60 مليون مواطن يعيشون فى قرى الريف، وتوفير كافة الخدمات الحضارية واللائقة لهم، وباستثمارات تزيد على تريليون جنيه، واختصاراً فى قضية بناء الإنسان المصرى شهدت مصر فى عهد الرئيس السيسى قفزات غير مسبوقة، وأيضاً، أرست مبادئ مهمة، فى الجمهورية الجديدة، وهى إعمار بيوت الله، وتطوير المساجد، وإقامة المساجد الجديدة، وإقامة المسجد، إلى جوار الكنيسة فى المدن الجديدة، وهو ما حقق لمصر، حالة من الاعتدال، والتسامح والتعايش، وحرية الاعتقاد، واحترام الأديان والرموز الدينية، وهو تجسيد حقيقى لمبدأ الحرية والاختيار التى تقرها الأديان، فلا تمييز فى مصر ولا تطرف أو تشدد وبالتالى تلاشت أسباب الفتن والإرهاب، الذى دفعت مصر فى مواجهته والقضاء عليه تكلفة باهظة، سواء فى أرواح الشهداء والمصابين أو ما يقرب من 100 مليار جنيه.
إلى هنا الحديث يفتح سياقاً مهماً للفهم، ودق ناقوس الخطر، خاصة أن هناك من يسعى إلى تأجيج الفتن فى تناول قضايا دينية، أعتبرها لعباً بالنار. فالتطرف والتشدد يميناً أو يساراً مرفوض بشكل قاطع، لخطورته على أمن واستقرار المجتمع فإذا كان التشدد والتطرف الديني، والمغالاة والتعصب ظواهر مرفوضة، ولا تمثل صحيح الدين وجوهره الذى يدعو إلى الحوار والتسامح والاختيار وحرية الاعتقاد، والرئيس السيسى أطلق دعوته بتجديد الخطاب الديني، وأكد على عدم المساس بالثوابت الدينية أو الإساءة إلى الرموز الدينية من أجل ترسيخ التعايش والتسامح والاعتدال ليس فى مصر فحسب ولكن فى العالم.
فيروس التطرف والتشدد القاتل بدأ فى مصر من الولادة الخبيثة والمصنوعة لجماعة الإخوان المجرمين عام 1928، وكانت قبل أن يعزلها المصريون ويطردوها من مصر فى 30 يونيو 2013 مصدرا للخطر والفتن وتهديدا حقيقيا ووجوديا للدولة الوطنية المصرية، ولكن الدولة المصرية نجحت فى تطهير البلاد من أفكار وتطرف الجماعة الإرهابية وهو ما أعاد الأمن والاستقرار والاعتدال والوسطية وفى المقابل، يرفض المصريون محاولات العبث بالدين وثوابته، والتشكيك فيها أو محاولات التقليل والتشكيك فى السنة النبوية، وهذا التيار المتطرف يساراً مجموعة من الأشخاص الذين يسعون إلى تزييف وعى الناس، وإحداث بلبلة ليست مستندة على علم أو تخصص، ولكنها صادرة من شخصيات تدور حولها الكثير من علامات الاستفهام، والشبهات، والارتباطات بمشروعات خارجية، تسعى لهدم وتدمير الدين مرحلياً وتدريجياً، بإحداث بلبلة فى عقل المواطن، وخلق حالة من التشكك وفى ظنى أن من يدافعون عن هؤلاء بحجة وذريعة حرية الفكر، أختلف معهم كثيراً فهؤلاء ليسوا مؤهلين للحديث فى أمور الدين والمدفوعين بالنيل من الدين ويتساوون مع جماعة الإخوان الإرهابية التى شوهت وأساءت للدين وخلقت مصطلحات ومعاداة للإسلام فى بلاد ودول الغرب مثل الإسلاموفوبيا، وبالتالى نحن أمام تيار مواز يحمل نفس الهدف الاستراتيجى هو تدمير الإسلام، وإضعافه فى نفوس وعقول ووجدان المنتسبين له.
المتطرفون أقصى اليمين، والمتطرفون أقصى اليسار، هم أخطر الفتن وممارساتهم هى لعب بالنار، ومحاولات لضرب الأمن والاستقرار وإثارة البلبلة والفوضى خاصة فى قضايا شديدة الحساسية مثل الدين فما بالك من لغة هؤلاء المهينة للدين ورموزه.
والعجيب، أن الأمور الدينية مستباحة من غير ذوى الأهلية والتخصص والذكر، فإذا كنت مريضاً تذهب إلى الطبيب، وإذا أردت إنشاء مبنى أو عمارة أو منشأة تذهب إلى المهندس، وإذا أردت من يدافع عنك أمام القضاء تذهب إلى المحامي، لكن يظل الدين مستباحاً يتحدث فيه كل من هب ودب رغم أنه القضية الأخطر، وكرة اللهب التى قد تشتعل، فى وجه المجتمع، لذلك لابد أن تسند الأمر لأهله من العلماء والمتخصصين وذوى الأهلية وليس للعابثين، والمغرضين والمؤججين للفتن، لذلك لابد من مواجهة حاسمة بإسناد الأمر للعلماء المتبحرين فى علوم الدين وليس لأصحاب الغرض والهوي، والأمراض النفسية فهذه ليست أموراً مستباحة يتبارى فيها الجميع، لكن للدين أهله وعلماؤه، ومشايخه ووأد الفتن، أمر غاية فى الأهمية، يبدأ من وضع إطار ومبادئ حاكمة ومعايير واضحة لكل من يتحدث فى الدين، حتى لا نعود لسيرتنا الأولى من فوضي، وفتن.