على مدار الخمس سنوات القادمة، يتوقع انضمام 5 ملايين من الشباب إلى سوق العمل، مما سيجعل استيعابهم بمثابة تحد كبير يواجه مصر. ولكن برغم ذلك، نرى أنه قد يخلق فرصة هائلة لتسريع النمو، إذا تمكنت مصر من العمل على استمرار تنفيذ وثيقة إستراتيجية الاقتصاد الوطني، ووثيقة ملكية الدولة بقطاع خاص قوى ونشط لتشغيل هذا الجيل من العمالة فى وظائف منتجة. مع الاستمرار فى ترشيد الانفاق الاستثماري، وتحسين وزيادة تنافسية التعليم العالي. فعلى مدار عدة عقود سابقة، كان القطاع الخاص فى مصر أقل ديناميكية وأكثر اتجاها إلى الخارج، مع وجود نسبة بسيطة من الشركات القادرة على المنافسة خارج السوق المحلي. ولتعزيز التقدم فى تنمية القطاع الخاص، توسعت مصر فى أعمال الاصلاحات الهيكلية فى ظل برنامجها الوطني، عبر اصلاحات لرفع كفاءة تخصيص الأراضي، وتقوية المنافسة، وزيادة الشفافية والحوكمة، والتصدى للفساد، خاصة الفساد الإدارى منه، الذى لا يحقق نتائج مالية سلبية فقط على الاقتصاد، ولكنه يتسبب فى مخاطر اجتماعية خطيرة أهمها تقلص فضيلة الولاء والانتماء للوطن فى ظل فترة يسعى فيها الرئيس إلى إعداد الشباب وتمكينه للمشاركة الإيجابية فى بناء مصر الجديدة الحديثة، وهو ما أدركته القيادة السياسية فى الوثيقة الإستراتيجية للاقتصاد الوطني، وهو ما يجعلنى اتفق تماماً مع الكاتب الكبير فاروق جويدة، عندما أكد أن مشكلة هذا العالم هى الاختيار فى كل شيء، حيث نجد أن الرجل غير المناسب يتصدر المشهد لأنه الأعلم والأذكي، لذا وجب علينا تحرى اختيار الرجل المناسب ليكون فى المكان المناسب ليكون القرار الصائب وفق معيار الجدارة.. فالجامعات هى البوابة الرئيسية للدولة للحصول على جودة تعليم وبحث علمي، مع خلق جامعات عالمية لتوفير تعليم عالى المستوى يمكن الخريجين من الانضمام إلى سوق العمل المحلى والدولى واكتساب المهارات والقدرات اللازمة. وهذا ما أكده الرئيس خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر ومعرض مصر الدولى السابع للبترول إيجبس 2024 عبر مجموعة من الرسائل المهمة، كانت فحواها ضرورة أن يدرك المواطن العادى الأبعاد الحقيقية للظروف الاقتصادية التى نعيشها، فى ظل تحديات اقتصادية كبيرة، مع تقاعس للدول المتقدمة فى وعودها التى انطلقت فى مؤتمر باريس 2015 بضخ نحو 100 مليار دولار لمصلحة الطاقة والمناخ، وبعد مرور تسع سنوات لم تلتزم هذه الدول بوعودها وإنقاذ الدول النامية خاصة الأفريقية من تحمل فاتورة هذه الأضرار البيئية وحدها. كما نرى سعى القيادة السياسية عبر التباحث مع الجانب الماليزي، صاحبة التجربة الاقتصادية القوية، والتى تتميز بتركيزها على قضية التعليم باعتباره قضية أمن قومى خاصة التعليم الجامعي.
فمن غير المقبول أن تمتلك مصر إمكانات هائلة بفضل تعداد سكانها البالغ حوالى 106 ملايين نسمة وموقعها الجغرافي، غير أن التنمية الاقتصادية ظلت مكبوحة بسبب السياسات الاقتصادية، وضعف الحوكمة، والدور المتواضع الذى تقوم به الجامعات، لاسيما بعد أن ازداد الاهتمام بريادة الأعمال داخل الجامعات فى مختلف أنحاء العالم، لما تحققه من تنمية اقتصادية واجتماعية، وخلق أجيال من المبدعين والمبتكرين. وهو ما أكد عليه أكد د. أيمن عاشور وزير التعليم العالي، بأهمية دور الجامعات فى تحقيق التنمية المستدامة وتقديم كافة أشكال الدعم للمناطق الواقعة فى نطاقها الجغرافي، خاصة أن الإستراتيجية الوطنية للتعليم والبحث العلمى 2030 أولت اهتماماً بتفعيل دور الجامعات فى خدمة المجتمع والبيئة، وبالتالى فإن الجامعات بما لها من ثقل، تمثل قوى دفع حقيقية للتقدم، فالحضارة المصرية العظيمه قد بنيت على البحث العلمى باعتباره الوظيفة الأساسية للإنسان الذى تمكنه من كشف الصلة بهذا الكون وقوانينه وتوظيفها بما يؤدى إلى إعمار الكون وبناء الحضارات القادرة على تحقيق سعادته. وبالتالى فإن الجامعات المصرية هى الأساس فى تحقيق هذا التوجه فهى بيوت الخبرة، وهى أساس كل إنجاز اقتصادى واجتماعي، ولكنها تصطدم بمشاكل ومعوقات عدة من هجرة العقول، فرأس المال البشرى هو حجر الزاوية فى المجتمعات المتقدمة.