قل لى ماذا تقرأ ــ أقل لك.. من أنت؟!.. مقولة يعلمها الكثيرون ممن يهتمون بذلك.. لأن القراءة تشكل الوعي..وترسم المستقبل الفكرى والتنويرى للمتلقى لأفكار ورؤى الآخرين من الكتاب والمفكرين والفلاسفة.. وكم من أفكار غيرت من المفاهيم بشرط أن نتفق مع قناعة الشخص الذى يطلع على فكر الغير فليس من المعقول تبنى أفكار لا تتسق مع ثقافة المجتمع الذى نعيش فيه ولا على المبادئ والقيم والاهم من ذلك الدين ولا ينبغى لأحد منا مجرد التقليد وتبنى افكار هدامة دون أن يدرى فيصطدم بالمثل العليا ويغرد خارج السرب.
الحقيقة ان العرس الذى نشهده هذه الايام وهو المعرض السنوى الدولى للكتاب فرصة لأنه يتيح لنا التعرف على كل ما هو جديد فى عوالم الفكر والثقافة من شتى انحاء العالم ــ وفرصة للاطلاع لان نقطف من كل بستان زهرة ذات رائحة طيبة.. تنفعنا فى المجالات الحياتية.. فالمعرض يتيح لنا دون جهد لأن نتجول ونختار ما يناسب كل منا وفق أهوائه وميوله وايديولوجياته وتوجهاته، شريطة ان يقرأ ما اشتراه من الاجنحة المختلفة وينتفع به، وليس لمجرد الاقتناء كما يفعل البعض للأسف الذى يميل إلى حب التملك والتشدق بما يقتنيه من كتب تظل قابعة على أرفف مكتبته الصغيرة ولا يعرف ربما سوى عناوينها.
عندما كنت صغيراً كان اهتمامى هو قراءة كتب الاطفال وروايات الجيب وقصص الخيال العلمي.. وكذلك الاساطير والحكايات الشعبية فى الف ليلة وليلة سواء فى مصر أو غيرها وكانت تجذبنى وتأخذنى إلى عوالم خرافية حيث التنين ذى الرءوس الكثيرة والخل الوفى وأمنا الغولة والشاطر حسن وست الحسن والجمال وغيرها من المشوقات، وبعدما كبرت وصرت شاباً بدأت ابحث عن قصص الحب شأن أى مراهق فى روايات نجيب محفوظ ويوسف السباعى واحسان عبدالقدوس وغيرهم وفى الشعر نزار قبانى واحمد رامى ومحمد الماغوط ومرسى جميل عزيز ومأمون الشناوى وعندما نضجت بدأت أبحث عن أمير الشعراء أحمد شوقى وشعراء الجاهلية خاصة اصحاب المعلقات وغير ذلك مما لا يمكن حصره حيث التنوع ما بين العاطفى والوطنى والسياسى سواء فى الشعرأو الادب او الفكر او فى التاريخ بعصوره المختلفة.
صراحة ــ المعرض فرصة لأن نصطحب اولادنا ونأخذهم فى جولة بداخله ونساعدهم فى اختيار ما يناسب اعمارهم وان تحفزهم على الاقتناء ليس من الجديد والمعاصر وانما فى القديم ايضاً ليتعرفوا على ابداعات وافكار من سبقونا لان التواصل بين الاجيال مطلوب وكى لا تكون هناك حلقات مفقودة والتركيز ليس فقط على إرث المصريين فقط رغم ثرائهم وانما من بلاد اخرى فالفكر ليس له حدود ولا اوطان ولا ازمان منذ ان خلق الله الانسان وإلى ان تقوم الساعة.
الحقيقة القراءة متعة ما بعدها متعة فهى غذاء العقول والاهم من ذلك هو ان تكون من بين هؤلاء الذين تقرأ لهم أى تكون واحداً منهم وتقوم بوضع المخزونات الفكرية الناتجة عن الكم الهائل من القراءة فى كتاب بداخله عصارة فكرى والقناعة التى خرجت بها وفق الميول والايديولوجية وهذا ما فعلته شخصياً شجعنى على ذلك عملى فى بلاط صاحبة الجلالة التى اتاحت لى الكثير من الاطلاع والفهم فى مجالات شتى بحكم مهنتى السامية التى تخوض فى غالبية التخصصات والمعارف والحمد لله تمكنت من تأليف احد عشر كتاباً اغلبها فى الشأن السياسى.
القراءة احساس جميل عندما تتفاعل مع ما بين يديك من كتاب وتتعايش مع مؤلفه واتذكر اننى نسيت النوم ليلة كاملة عندما شدنى كتاب للمفكر الاسلامى مصطفى محمود وكررتها ثانية مع الكاتب الكبير انيس منصور لان ما يتحدثان عنه فى مؤلفاتهما تشدك وتأخذك بعيداً عن مكانك وزمانك برشامة الاسلوب وبساطة السرد وعمق الفكرة وغرابة الموضوعات الجريئة التى يطرحونها فى سياق ادبى سلسل ورائع ناهيك عن اخرين امتعونا بكتاباتهم واشعارهم فأثروا الحقل الثقافى واضافوا للبشرية مثلما سبقهم الاخرون، لذا علينا تشجيع النشء على الابداع بالاكثار من المسابقات الثقافية والادبية، والقيام بطباعة اعمال الفائزين فى كتيبات بالمجان تشجيعاً لهم وتحفيزاً لغيرهم كى يسيروا على نفس الدرب كى يظل التواصل بين الاجيال خاصة فى ظل منصات التواصل الاجتماعى والالعاب الالكترونية والشواغل الدنيوية التى الهمت الكثير منا على القراءة نفسها التى هى اساس الثقافة والابداع وغذاء العقول.
.. وأخيراً:
> شكراً.. لوزارة الثقافة التى اختارت المؤرخ الكبير سليم حسن شخصية المعرض فى دورته الـ 55 وكذلك يعقوب الشارونى أحد رواد أدب الاطفال شخصية معرض الطفل.
> وشكراً.. لطرح كتب بأسعار رمزية تتراوح ما بين الجنيه الواحد والعشرين جنيها للتشجيع على الشراء خاصة للشباب.
> أيام نتنياهو باتت وشيكة مهما حاول تأجيل المبادرات الخاصة بالتهدئة.
> كان الله فى عون أشقائنا فى غزة ينامون فى العراء وتحت الامطار والقصف ومعاناة لم يستطع احد تحملها سوى شعب «الجبارين»
> المدرب فيتوريا.. خذلنا وعليه ان يرحل لانه المسئول الاول عن خروج منتخبنا الوطنى لكرة القدم من البطولة الافريقية وصراحة لاعبونا لم يقصروا.