فى الوقت الذى تتلاطم فيه أمواج التحديات الدولية الجيوسياسية والاقتصادية استقبلت القاهرة للمرة الرابعة منتصف هذا الأسبوع الرئيس الفرنسى ماكرون بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى حملت الزيارة أكثر من معنى ومغزى ما بين التاريخى والحضارى والعلمى والجيو السياسى والاقتصادى.
التحديات الدولية الحالية تدفع الدول إلى التعاون بشكل أكبر لتجاوز الأزمات والجيو السياسية وبناء علاقات اقتصادية قوية ومستدامة ولذا كانت الزيارة متعددة الجوانب ما بين لقاءات رسمية سياسية واقتصادية وعلمية وثقافية انتهت الزيارة باعلان تحالف استراتيجى بين القاهرة وباريس لمواجهة تحديات التى تعانيها المنطقة والعالم والقارة الاوروبية.
كان لقاء الرئيس السيسى والملك عبدالله وماكرون له دلالة واضحة فى مواجهة تحدى الاطماع التوسعية على حساب دول المنطقة.
تنوع برنامج الزيارة ما بين زيارة الاماكن التاريخية والمتحف الكبير وحى خان الخليلى للتأكيد على حضارة مصر وثقافتها وأهمية القاهرة التاريخية بالاضافة لزيارة العريش التى تقع على بعد 50 كيلو متر من معبر رفح الذى يفصل ما بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية لتأكيد التضامن مع الشعب الفلسطينى وضرورة إدخال المساعدات الانسانية وتأكيد على أن سيناء ليست مجرد جغرافيا بل رمز المواجهة الشعب المصرى للتحدى الذى يحاول النيل من السيادة على جزء من أرضه المصرية.
التوافق كان واضحاً فيما خرج من هذه القمة والذى شمل كل ما يواجه المنطقة العربية من تحديات والتأكيد على رفض قاطع للتهجير القسرى للشعب الفلسطينى ووقف الابادة الجماعية فى غزة وحشد الدعم الإنسانى للشعب الفلسطينى ووقف فورى لاطلاق النار وحماية المدنيين ووصول المساعدات الانسانية لهم وفقا لما نص عليه اتفاق واقف اطلاق النار الذى ابرم فى يناير الماضى متمشيا مع ما ينص عليه القانون الدولى مع وقف التدهور فى الاوضاع فى الضفة الغربية والقدس الشرقية ووقف جميع الاجراءات الاحادية التى من شأنها تقويد فرص حل الدولتين واحترام الوضع التاريخى والقانونى للاماكن المقدسة فى مدينة القدس ودعم خطة إعمار غزة التى اقرتها القمة العربية الاخيرة واعتمدتها منظمة التعاون الاسلامى وبلورة الجهود وحشد الدعم بهدف رسم افق سياسى لتنفيذ حل الدولتين على اساس قرارات الشرعية الدولية والتأكيد على اهمية الحفاظ على سلامة الاراضى السورية ووحدتها واستقرار لبنان وتعزيز دور الجيش اللبنانى والالتزام بوقف اطلاق النار مع اسرائيل وتكثيف التعاون فى منطقة القرن الافريقى.
زيارة الرئيس الفرنسى للقاهرة تكمن اهميتها فى عودة تاريخ الجمهورية الخامسة الديجولية فى مساندة القضية العربية وفى القلب منها الحق الفلسطينى فى اقامة دولته هذه المساندة رغم ما مر بها من فتور الا ان استقبال قصر الاليزيه الراحل ياسر عرفات والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية فى وقت كان الغرب يعتبرها منظمة ارهابية متحديا ومبلورا دوراً اوروبياً بعيدا عن الهيمنة ولا ننسى موقف شيراك امام العالم فى زيارته للبلدة القديمة ومساندته لسكانها الفلسطينيين.
هذه الزيارة هى تتويج لجهد مصر فى فى حشد الرأى العام الاوروبى لمساندة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وهنا نحتاج الى جهد فرنسى اكبر وتفعيل دورها من خلال مقعدها الدائم فى مجلس الامن وفى محيط الفرانكفونية.
اذا كانت الزيارة بلورة لرسم صورة للجهد المصرى الدءوب فى المطالبة والحفاظ على الحقوق المشروعة لشعب فلسطين فان ماكرون خاطب الرأى العام الفرنسى الغاضب من المذابح والابادة الجماعية لاهل غزة لتأكيده على السعى من اجل وقف المذابح التى يرتكبها جيش الاحتلال الاسرائيلى بحق ابناء غزة وربما تكون الزيارة خطوة فى طريق عودة الدور الفرنسى للبنان وسوريا والساحل الافريقى.