قمة الثمانى التى استضافتها القاهرة بالعاصمة الإدارية ناجحة بكل المقاييس، سواء فى مستوى الحضور، أو القضايا التى ناقشتها والرسائل التى صدرت عنها خاصة فى القضية الفلسطينية والملف اللبنانى والقمم الثنائية التى عقدت على هامشها.
خبراء الدبلوماسية اعتبروا انعقاد القمة فى هذا التوقيت يحسب للقاهرة،ويؤكد مكانتها ومحورية دورها كما ان تولى مصر رئاسة القمة خلال الفترة القادمة سيحمل القاهرة مسئولية كبيرة، لكنها قادرة على النجاح فيها وتحديداً تحقيق الأهداف التى تضمنها إعلان القاهرة.. وتنفيذ المبادرات التى طرحتها مصر والأهم قدرتها على استثمار القمة فى حشد المواقف لدعم الحق الفلسطينى وايقاف الحرب فى لبنان وفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلى والتحذير من تداعيات التصعيد.
يقول السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية، ان توقيت انعقاد قمة الثمانى فى غاية الأهمية حيث الحرب على غزة والأوضاع فى سوريا مما يتطلب تضافر الجهود لحل هذه الأزمات ، لذلك فالقمة وجهت رسالة قوية مفادها أن أعضاء المجموعة حريصون على تحقيق السلام والتنمية وليس الحروب.
يتابع: أن السياسة المصرية ترتكز على تحقيق الاستقرار والتنمية ، والقمة تعتبر أداة جيدة لتنفيذ خطط المجموعة والتى تضم دولا تمتلك مقومات اقتصادية كبيرة مؤكدا أهمية التوافق حول القضايا الملحة والعمل على تحقيق رفاهية مواطنى هذه الدول والبالغ عددهم قرابة مليار نسمة .
ويستكمل : أن قمة الثمانى بارقة أمل لتحقيق نموذج جيد من التعاون البناء المشترك لذا كانت رسائل الرئيس السيسى حول الحرب على غزة والأوضاع فى سوريا تهدف إلى التأكيد على أن مصر تسعى لتحقيق الاستقرار والبعد عن الصراعات والمضى قدما لإعادة الإعمار لإصلاح ما أفسدته الحروب.
ولفت «العرابي» ان انعقاد القمة ونجاحها فى هذا التوقيت يحسب لمصر وقدرتها على حشد هذا الحضور والتوافق على رسائل واضحة ولا يحدث هذا إلا من دولة قوية ومؤثرة ولذلك فالرسائل كانت قوية وكلها تترجم تأثير القاهرة.
«القمة تركز على الجانب الاقتصادى ولكن فى هذه المرة أضيف لها البعد السياسي»..والكلام للسفير جمال بيومى مساعد وزير الخارجية الأسبق قائلا «إن القمة تضم ثمانى دول تتميز بقدراتها الصناعية الكبيرة مثل مصر وتركيا حيث تمتلكان أفضل مصانع للمنسوجات على مستوى العالم ولكن ينقصهما تصنيع الآلات التى تقوم بعملية الانتاج ، لذا فمن المهم التعاون للتغلب على هذا الأمر».
يضيف: أن العالم العربى يشهد حروباً وصراعات مثل الحرب على غزة ولبنان وما يجرى فى سوريا مما يعكس أهمية القمة فى هذا التوقيت ويوفر تربة خصبة للمساهمة فى تحقيق السلام وإيجاد حلول لهذه الصراعات ، مشيرا إلى أن تمثيل القمة لم يقتصر على أعضاء المجموعة فقط بل تمت دعوة الرئيس الفلسطينى ورئيس الحكومة اللبنانية وممثل الأمم المتحدة مما يتيح الفرصة لإجراء مناقشات سياسية حول قضايا المنطقة المختلفة .
يشير إلى أن الرئيس السيسى وجه رسائل مهمة خلال القمة منها اعتزام مصر على التصديق على اتفاقية التجارة التفضيلية مما يفتح الطريق أمام إقامة منطقة تجارة حرة بين أعضاء المجموعة فى خطوة جيدة تساهم فى تعزيز التعاون الاقتصادى ، فعندما اقيمت منطقة تجارة عربية حرة زادت صادرات مصر ثلاثة أضعاف .
يواصل حديثه موضحا أن تعزيز التبادل التجارى وزيادة الاستثمارات بين دول مجموعة الثمانى ستكون لها آثار إيجابية على شعوب هذه الدول ، فكلما تخلصت العلاقات التجارية من الرسوم الجمركية ارتفع التبادل التجارى بشكل كبير .
يستكمل: أن مصر لديها علاقات قوية مع اندونيسيا ويوجد لدينا 15ألف طالب إندونيسى يدرسون فى الأزهر مما يوفر المناخ الملائم لتعزيز التعاون فى كافة المجالات سواء فى الجانب العلمى أو غيره.
كما أن لنا علاقات جيدة مع عدد من الدول وهناك الآن تقارب مصرى – تركى وكل هذا يؤكد ان المستقبل مختلف.
يستعرض الدكتور جمال سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس عدة رسائل مهمة أكد عليها الرئيس السيسى خلال قمة الثمانى قائلا إن حديث الرئيس حول أهمية تعزيز التعاون المشترك فى الاقتصاد الرقمى خطوة جيدة تساهم فى تضافر الجهود فى هذا المجال الحيوى والاستفادة من خبرات دول المجموعة خاصة أن مصر لديها قدرات كبيرة فى هذا المجال .
كما أن دعوة الرئيس السيسى لتعزيز التعاون فى الذكاء الاصطناعى شعاع نور لتوحيد جهود دول المجموعة فى تعظيم العائد من هذا المجال المهم والذى أصبح أحد أهم ركائز الاقتصاد العالمى ويتطلب تعاونا مع كافة الدول سواء مجموعة الثمانى أو «الغرب» لتحقيق تقدم كبير فى «الذكاء الاصطناعي» مما يدفع عجلة التنمية.
يضيف سلامة أن دعوة الرئيس الفلسطينى ورئيس وزراء لبنان رسالة مهمة من القمة تؤكد ضرورة إيجاد حلول لهذه القضايا ، مشيرا إلى أن توقيت القمة يأتى تزامنا مع أحداث مشتعلة فى عدة دول عربية سواء سوريا ولبنان أو فلسطين مما يجعل الجانب السياسى يطغى على مناقشات القمة بالإضافة إلى الجانب الاقتصادى وما حدث يؤكد مكانة القاهرة وتأثيرها وثقة الجميع فى وحياديتها والأهم دورها الذى ظهر فى القمة من خلال نجاحها فى حشد المواقف لدعم الحق الفلسطينى واستقرار لبنان وفضح الجرائم الإسرائيلية.
ترى الدكتورة يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أن قمة الثثمانى لها أهمية كبيرة، فهى منصة للتعاون الاقتصادى، وفى الوقت نفسه لها دور حيوى فى تعزيز التعاون السياسى، مؤكدة أن القمة أرسلت رسائل قوية للعالم الخارجى مضمونها أن الدول الإسلامية تلعب دورا قويا فى السياسة الدولية وحريصة على توحيد كافة الجهود لحل مشاكل المنطقة.
تضيف د. يمن أن إعلان القاهرة ركز على القضايا الاقتصادية المهمة مثل التعاون فى مجال الزراعة والأمن الغذائى مما يحقق تطلعات شعوب المجموعة ويفتح الباب أمام مصر للاستفادة من هذا التعاون فى زيادة الاستثمارات بجانب الاستفادة من مقومات دول المجموعة فى دعم ملف الصناعة خاصة أن بعض دول المجموعة مصدر للخامات المهمة والتى تدخل فى صناعات حيوية مثل المطاط وهو عصب صناعة الأدوية.
تتابع أن ماليزيا واندونيسيا تربطهما علاقات طيبة بمصر ويمكن استثمار ذلك فى إقامة منطقة للصناعات الدوائية بـ»قناة السويس» واستغلال الفرص بين الدول الثلاث لتحقيق التكامل فى هذا المجال، مشيرة إلى أن مصر لديها منطقة تجارة حرة مع تركيا مما ساهم فى زيادة التبادل التجارى بين البلدين، وقمة الثمانى توفر بيئة مناسبة لتوسيع التعاون بينهما.
تشير د. يمن إلى أن العالم يواجه معضلة فى سلاسل الإمدادات منذ أزمة كورونا لذا فتعزيز التعاون بين دول مجموعة الثمانى مفتاح حل هذه المشكلة خاصة أن هذه الدول لديها موارد كبيرة مؤكدة أهمية توسيع المجموعة لتضم دولاً أخرى من منظمة التعاون الإسلامى والاستفادة من قدرات الدول الغنية بالموارد النفطية والصناعية وغيرها لدعم عملية التنمية عبر ضخ استثمارات متنوعة خاصة فى ظل وجود البنوك الإسلامية التى تركز على دعم اقتصاد الدول الإسلامية مثل البنك الإسلامى للتنمية.
تستكمل أستاذ الاقتصاد أن مصر لديها فرص رائعة للاسثتمار الأجنبى مما يتطلب جهودا كبيرة لجذب المزيد من الاستثمارات عبر توطيد العلاقة مع الدول المختلفة ومنها دول مجموعة الثمانية، مشيرة إلى أن القمة وجهت رسالة سياسية مغلفة بالبعد الاقتصادى.
«قمة الثمانية فى القاهرة شكلت تفاعلاً مهماً يسهم فى معالجة القضايا العالمية المشتركة وتعزيز التعاون بين الدول».. هذا ما أكدته الدكتورة نهى بكر أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية مشيرة إلى المشاركة الهامة لقادة دول تركيا وإيران ونيجيريا وباكستان وبنجلاديش وإندونيسيا وماليزيا مما يساهم فى إتاحة الفرصة لمناقشة التحديات العالمية والتعاون فى مجالات مثل الاقتصاد، الأمن الغذائى، والتغير المناخى.
تستكمل أن التعاون المشترك بين دول المجموعة يعزز من جهود النمو والاستقرار ليس فقط للدول الثمانية الاعضاء بل فى جميع أنحاء العالم، ولتحقيق ذلك لابد من المضى قدما لتعزيز الشراكة فى مجال جذب الاستثمارات ودفع التبادل التجارى فى السلع والخدمات، فدول المنظمة تمثل سوقاً ضخمة، حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من مليار نسمة، ويصل ناتجها الإجمالى إلى نحو 5 تريليونات دولار.
تواصل د. نهى حديثها مشيرة إلى أن تطورات الأوضاع الإقليمية فرضت نفسها على أجندة مناقشات قادة مجموعة الثمانى النامية، ففى ظل التوترات السياسية والأمنية فى العديد من الدول، تمثل القمة منصة لمناقشة قضايا الإرهاب والصراعات الإقليمية، مما قد يؤدى إلى إستراتيجيات مشتركة لتعزيز الأمن والسلام، مؤكدة أن استضافة القاهرة للقمة يعزز من دور مصر كدولة محورية فى المنطقة لها مكانتها السياسية والاقتصادية.
تستكمل أن القمة ساهمت فى تبادل الأفكار والرؤى بين قادة المجموعة، مما يسهم فى تحفيز الابتكار وتعزيز الحلول للمشكلات المشتركة موضحة أن القرارات التى تم اتخاذها خلال القمة سوف تساهم فى تشكيل رؤية مستقبلية للتعاون، خاصة فى ظل التحديات العالمية مثل تغير المناخ والأمن الغذائى والانكماش الاقتصادى العالمى.