تظل العلاقات المصرية ـ السعودية تحظى بخصوصية ومكانة وأهمية استراتيجية ليست للبلدين فحسب ولكن للأمة العربية بأسرها، فالقاهرة والرياض يقودان سفينة الأمة وهما جناحا الأمن والاستقرار لدولها وللمنطقة بشكل عام، لذلك فإن علاقة البلدين الشقيقين ضرورة استراتيجية ووجودية، سواء على المستوى الثنائي، أو العربي، أو الإقليمى فى ظل مساحات شاسعة من التوافق بين الدولتين الشقيقتين، على المستويين الرسمى والشعبي، وما يتمتعان به من مكانة فى وجدان وقلوب المصريين والسعوديين.
علاقات القاهرة والرياض التاريخية والاستراتيجية والوجودية، تندرج تحت عنوان لن ترونا إلا معاً، ومهما بلغت حملات ومحاولات قوى الشر لإحداث الوقيعة، ونشر الشائعات والأكاذيب تبقى علاقات البلدين، أقوى وأكثر رسوخاً وصموداً أمام ما يستهدفها من افتراءات وأكاذيب.. لاشك أن المنطقة التى نعيش فيها، تمر بمفترق طرق تاريخي، وتشهد متغيرات حادة، سريعة الإيقاع فى ظل نذر الحرب الإقليمية الشاملة التى تخيم على أجواء المنطقة فى ظل إصرار إسرائيل على التصعيد، واتساع الجبهات التى بدأت بالعدوان على غزة ثم استشرت لتصل إلى لبنان، فى مشاهد من الدمار والخراب، تؤثر على أمن واستقرار المنطقة ولها تداعياتها المختلفة، سواء الأمنية أو الاقتصادية، بل ومستقبل هذه المنطقة، وأيضاً ما تمر به المنطقة، من توترات وأزمات وما يشهده البحر الأحمر من اضطرابات وهو ما يجسد بشواغل القاهرة والرياض كونهما من أكبر الدول المطلة على البحر الأحمر.
القاهرة والرياض، أكبر قوتين عربيتين، تشهدان تغيرات تاريخية خاصة فى ظل خطط ورؤى البناء والتنمية والنهوض فى البلدين التى أتت ثمارها وانعكست على قوة اقتصاد البلدين، وما يحظيان به من فرص ثمينة للاستثمارات، وهو أمر مهم وحيوى للبلدين من خلال تكامل شامل، وتعاون وتنسيق على أعلى مستوى لاستغلال تلك الفرص خاصة أن المملكة العربية السعودية هى أكبر قوة اقتصادية فى المنطقة العربية، من هنا فإن الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين «القاهرة والرياض» تمثل ركيزة تصب فى صالح البلدين الشقيقين لاستثمار الفرص المتبادلة التى جاءت نتاج رؤى تنموية طموح، وثاقبة، لتحقيق آمال وطموحات الشعبين الشقيقين وما يجمعهما من قواسم مشتركة، وروابط قوية، وهو ما تترجمه طبيعة هذه العلاقات على أرض الواقع والتواجد المصرى فى السعودية، والتواجد السعودى فى مصر، من خلال جاليات البلدين.. من هنا جاءت زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولى عهد المملكة العربية السعودية رئيس مجلس الوزراء لمصر واستقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى له فى حفاوة رسمية وشعبية لضيف مصر الكبير.
زيارة الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى رئيس مجلس الوزراء تترجم عمق وطبيعة العلاقات المصرية ـ السعودية، وأيضاً علاقة الزعيمين الكبيرين الرئيس السيسى والأمير محمد بن سلمان التى تسودها الأخوة والتناغم والتفاهم وتقارب الرؤي، ووجهات النظر ودوام التنسيق والحوار والنقاش حول ما يجرى فى المنطقة من متغيرات حادة، وتحديات غير مسبوقة.
توقيت الزيارة، بالغ الأهمية، وأيضاً مضمون وأهداف هذه الزيارة والتى جسدت عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
الرئيس السيسى أكد على عمق ومحورية العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين فى ظل التهديدات التى تواجه المنطقة وأهمية التنسيق والتعاون المشترك لتجاوز وعبور المرحلة الدقيقة الحالية التى تمر بها المنطقة والعالم الإسلامي.
زيارة ولى العهد السعودى للقاهرة ترجمة حقيقية، للعلاقات والروابط التاريخية بين البلدين لذلك تعملان على تعزيز الآليات الثنائية المؤسسية مع تدشين مجلس التنسيق الأعلى المصرى السعودي، برئاسة الزعيمين الكبيرين الرئيس السيسى والأمير محمد بن سلمان لمتابعة مختلف أوجه العلاقات الثنائية وسبل تطويرها باستمرار، بما يعنى أن هناك قفزة ومستوى رفيعاً من العلاقات والتنسيق.
الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى أكد على الأهمية التى توليها المملكة لتعزيز العلاقات الثنائية مع مصر والبناء على الروابط التاريخية الممتدة بين البلدين والشعبين الشقيقين لتحقيق المصالح المشتركة على كافة الأصعدة والمستويات السياسية والاقتصادية والتنموية.
تمثل الزيارة أيضاً أهمية كبيرة على المستوى الاقتصادى فى ظل ما تملكه الدولتان الشقيقتان من فرص هائلة وفى ظل ما تشهده البلدان من رؤى خلاقة فى مجال البناء والتنمية الشاملة، لذلك تم استعراض جهود البلدين لتطوير الشراكة الاقتصادية بين القاهرة والرياض خاصة فى مجال تبادل الاستثمارات وزيادة حجم التبادل التجارى والتكامل فى مجالات الطاقة والنقل والسياحة والاستفادة المتبادلة من إمكانات وقدرات البلدين.
ملف الاقتصاد والاستثمارات، والتعاون فى مجالات مهمة للبلدين، من أهم مكاسب الزيارة.
كما أكدت الزيارة ومباحثات الزعيمين على حالة التناغم والتوافق فى الرؤى والمواقف حيال ما يدور فى المنطقة من متغيرات، خاصة الأوضاع فى قطاع غزة ولبنان، والتأكيد على خطورة الأوضاع الإقليمية وضرورة وقف التصعيد، وكذلك إن إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية هى السبيل الوحيد لتحقيق التهدئة والسلام والأمن بالمنطقة، بشكل مستدام، لذلك من المهم بدء خطوات للتهدئة تشمل وقف إطلاق النار بقطاع غزة وفى لبنان ومعالجة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة والتوقف عن سياسات حافة الهاوية.
تشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصرى السعودى برئاسة الرئيس السيسى وولى العهد السعودى نقلة كبيرة فى العلاقات وتجسيداً حقيقياً لما وصلت إليه من شراكة استراتيجية شاملة.. بالإضافة إلى توقيع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين البلدين سوف تضاعف آفاق الاستثمارات المتبادلة فى البلدين، وتعظم من استغلال الفرص الكثيرة والتنمية التى تذخر بها الدولتان فى ظل ما تشهداه من رؤية جديدة للبناء والتنمية خلال السنوات الماضية ومازالت.
شراكة القاهرة ـ الرياض الاستراتيجية ووصول العلاقات بين البلدين الشقيقين إلى هذا المستوى الشامل يصب فى مصلحتهما وشعبيهما وأيضاً لدول وشعوب الأمة ولمصلحة المنطقة، ويدعم حاضر ومستقبل القاهرة والرياض، ونموذج للتلاحم والتكامل العربي، والعمل العربى المشترك على كافة الأصعدة ويعكس رؤية واستراتيجية الرئيس السيسى فى توطيد العلاقات المصرية.. مع الأشقاء فى الخليج، بصفة خاصة والدول العربية، فلم تمض أيام على زيارة الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات الشقيقية وما شهدته الزيارة من نتائج مهمة على كافة الأصعدة الاقتصادية والاستثمارية وأيضاً التنسيق حول ما يدور فى المنطقة، لتأتى زيارة الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودي، لتجسد عمق العلاقات المصرية بأشقائها من الدول العربية وفى القلب منها الدول الشقيقة فى الخليج.
لن ترونا إلا معاً، واقع نعيشه وحائط صد ضد محاولات الفرقة والوقيعة والأكاذيب فمصر والسعودية هما جناحا الأمن والاستقرار لدول وشعوب الأمة العربية والإسلامية والمنطقة.