تستضيف القاهرة اليوم بالعاصمة الادارية الجديدة مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية الذى يجمع أبناء السودان على مدار يومين لمناقشة وقف الحرب ومعالجة الأزمة الإنسانية والتحضير للمسار السياسي، بدعوة من وزارة الخارجية، المؤتمر الذى يترأسه الدكتور بدر عبدالعاطى وزير الخارجية اعتبره مراقبون خطوة مصرية جديدة لكسر الحاجز النفسى وبناء الثقة بين القوى السياسية السودانية التى سيجتمع ممثلوها تحت سقف واحد لأول مرة منذ اندلاع الحرب فى بلادهم قبل نحو 15 شهرا ، المؤتمر يشارك فيه أكثر من 50 من قيادات القوى السياسية والمدنية والمجتمعية وشخصيات قومية ورجال دين وإدارات أهلية سودانية للبحث عن إيجاد حل ومخرج سياسى للأزمة السياسية والتى دخلت عامها الثانى على التوالى ، وتحول الوضع فى السودان الى صراع عسكرى مسلح بين قوات الجيش السودانى بقيادة عبد الفتاح البرهان من جهة وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو من جهة أخرى بعد ان فشلت كل الحوارات السياسية السابقة.
راعت الدعوة التوازنات على ضفتى المشهد السوداني، إذ شملت القوى المنضوية تحت تحالف قوى الميثاق الوطنى المساندة للجيش، والقوى المدنية الديمقراطية «تقدم» المتّهمة من خصومها بموالاة قوات الدعم السريع.
وقد لاقت الدعوة المصرية قبولا كبيرا بين كل القوى السياسية السودانية التى تشارك فى المؤتمر اليوم، والذين أكدوا جميعا أن الموقف المصرى من الأزمة الحالية فى السودان يتمتع بحيادية تامة كما أن مصر تقف على مسافة واحدة من كل الأطراف السياسية ، وليس لها توجهات ومصالح خاصة بل ان القاهرة تسعى للحفاظ على امنها القومى المرتبط بالأمن القومى السودانى وان ما يهدد السودان حتما ستتأثر به القاهرة وهو الأمر الواضح والراسخ لدى القيادة السياسية , ومن استقبال مصر لاعداد كبيرة من النازحين السودانيين .
ووفقا لخطاب الدعوة، فإن المؤتمر الذى تستضيفه العاصمة الإدارية الجديدة فى القاهرة، يستمع خلال جلسات متوازية إلى رؤى القوى المدنية والسياسية بشأن التداعيات السلبية للصراع الراهن فى السودان، وسبل معالجته، وطبيعة الاحتياجات المطلوبة للمتضررين، وكذلك إلقاء الضوء على محددات الحوار السياسى السوداني-السودانى .
من أبرز المشاركين رئيس هيئة القوى المدنية الديمقراطية «تقدم» عبد الله حمدوك، ورئيس حزب الأمة فضل الله برمة ناصر، ورئيس المكتب التنفيذى لحزب التجمع الاتحادى بابكر فيصل، ورئيس حزب المؤتمر السودانى عمر الدقير، ورئيس حزب البعث كمال بولاد، وقائد حركة تحرير السودان -المجلس الانتقالى الهادى إدريس، وزعيم تجمع قوى تحرير السودان الطاهر حجر، بجانب ممثلى المهنيين والنقابات والمجتمع المدنى ولجان المقاومة.
كما قدمت الدعوة إلى جعفر الميرغنى نائب رئيس الحزب الاتحادى الديمقراطي، ورئيس حركة تحرير السودان منى أركو مناوي، وقائد حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، ورئيس الحركة الشعبية- شمال مالك عقار، ورئيس حزب الأمة مبارك الفاضل، ورئيس المجلس الأعلى للبجا والعموديات المستقلة محمد الأمين ترك.
وشملت الدعوة كذلك رئيس الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة الأمين داؤود، ورئيس حزب التحرير التجانى السيسي، إضافة إلى شخصيات وطنية بينها السفير نور الدين ساتي، والواثق كمير، وصديق أمبدة، وعالم عباس، والمحبوب عبد السلام، والشفيع خضر.
ويؤكد المحللون أن الخطوة المصرية تأتى وصلاً لمساعيها وجهودها فى مساعدة السودان على تجاوز أزمته الراهنة ومعالجة تداعياتها المتفاقمة على الشعب السوداني، وعلى أمن واستقرار المنطقة ودول الجوار بصفة خاصة.
الدكتور الهادى ادريس نائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية « تقدم » ورئيس الجبهة الثورية السودانية قال إنه تلقى دعوة رسمية من وزارة الخارجية المصرية للمشاركة فى مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية وان المؤتمر يأتى فى إطار سعى مصر المستمر والحقيقى لايجاد حل للازمة السياسية فى السودان التى وصلت إلى مستوى يصعب تحمل نتائجه كما تحرص مصر على الحيادية فى حل الأزمة فالقاهرة لا تنحاز لطرف على حساب الآخر بل أنها تقف على مسافة واحدة من الجميع، مما يعطيها الأولوية والقوة فى إنجاح المفاوضات بين القوى السياسية لإيجاد حل سياسي، وتحرص على ان يكون الحل سودانى – سودانى حتى يتمتع بالقبول لدى كل الاطراف المعنية بالازمة عكس الحلول المفروضة من الخارج .
وقال إن القاهرة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى كانت من أولى الدول الافريقية التى عقدت مؤتمر دول الجوار فى القاهرة تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى بحضور رؤساء دول الجوار وهذا المؤتمر يأتى فى إطار سعى القاهرة الدؤوب لإيجاد مخرج للازمة المتصاعدة ويدفع ثمنها ابرياء السودان من اللاجئين والنازحين، مضيفا أن مصر دولة جارة وشقيقة وتحملت تبعات الصراع فى السودان من خلال استقبالها لعدد كبير من السودانيين وكذلك تضرر مصالحها الاقتصادية والأمنية , ولمصر مصلحة فى وقف الحرب وعودة الاستقرار فى السودان لذلك قمنا بتلبية الدعوة على الفور للتعاون مع الدور المصرى لحل المشكلة الحالية وسنتعاون معها كما نتوقع أن يتعاطى معها بشكل إيجابى بقية أطراف الأزمة لانها تبحث عن انقاذ السودان من خطر مدمر، وهو تصاعد الصراع.
وأوضح الهادى إدريس أن المبادرة المصرية، لا تنفصل عن المبادرات السابقة ولكنها منفتحة على الجميع خاصة مبادرة جدة والاستفادة من مخرجاتها والبناء عليها لتحقيق مكاسب إيجابية وتجاوز أزمة التنافس بين القوى الإقليمية والدولية إلى تكامل الأدوار وتوحيد المبادرات للخروج بحل ينهى المشكلة.
أشار إلى انه رغم كل ما شهدته بلادنا من الدمار والكارثة الإنسانية بسبب هذه الحرب، لم يتفاعل العالم والإقليم بقدر مستوى الأزمة السودانية سوى بعض المواقف الدولية لحل الازمة مثل مبادرة جدة ودور الاتحاد الافريقى والايجاد، ورغم ذلك نأمل بأن تستطيع القاهرة من خلال المؤتمر أن تنجح فى إيقاف الحرب والوصول لصيغة ترضى كل الأطراف .
وقال ان تنسيقية تقدم تضم العشرات من الأحزاب السياسية والنقابات المهنية وهى القوى السياسية التى تطالب بإيقاف الحرب وتأسيس دولة حقيقية وتوصيل المساعدات الإنسانية وهو ما يتفق مع الرؤية المصرية التى تحاول بكل الطرق وبالتنسيق مع كل الأطراف السودانية لإيقاف نيران الحرب التى راح ضحيتها آلاف الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ .
ويقول محمد عبد الله الدومة ممثل حزب الامة القومى السودانى ان مؤسسة الرئاسة وحزب الأمة القومى لبى دعوة القاهرة للتفاوض مع القوى السياسية لتحقيق أهداف أساسية وهى أولا وقف الحرب وإنهائها وايقاف اطلاق النار بين قوات الجيش السودانى وقوات الدعم السريع والتى راح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى وملايين النازحين وكذلك احتواء الأزمة الإنسانية وتطوراتها السالبة والحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية بعدم توفير الغذاء والعلاج اضافة الى الرؤية السياسية لإدارة الفترة الانتقالية لحين إجراء الانتخابات العامة المطلوبة والخروج بحل سياسى سلمى للأزمة ينهى الحرب للأبد ويشهد لفترة جديدة بدولة وطنية حقيقية إعادة البناء وإعمار ما دمرته الحرب.
وأشار إلى أن حزب الامة القومى يرى ضرورة إضافة محور العدالة الانتقالية باستصحاب أطروحات العدالة الترميمية ومبادئ الحقيقة والمصالحة ومحاصرة خطاب شعارات الكراهية والعنصرية والعصبية البغيض .
وشدد الدومة على ان الحزب يؤكد على متانة العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين المصرى والسوداني، ويثمن عاليا الدعم الكبير الذى يحظى به الشعب السودانى من القيادة والحكومة والشعب المصري، وهو دعم يندرج ضمن ما دأبت عليه الشقيقة مصر ويعزز حتما مسار العلاقات التاريخية التى ظل حزب الأمة القومى حريصا على تقويتها وتطويرها وسيكون داعماً للمبادرة التى كانت حاضرة فى اجندته , وسيبذل قصارى جهده لإنجاحها ويناشد كافة الأطراف السياسية السودانية العمل بجدية وهمة وتبنى مواقف ترتفع لمستوى التحديات التى طرحتها الحرب من حيث حجم الدمار والخسائر فى الأرواح والبنية التحتية والممتلكات ومعاناة الضحايا من المدنيين والعسكريين والمأساة الإنسانية الهائلة التى يعيشها الشعب السوداني، وضرورة السعى بين الأطراف المتحاربة بالجدية اللازمة لوقف سفك الدماء وتدمير مؤسسات الدولة.
وقال الدومة اننا نتطلع إلى أن تكون مخرجات المبادرة المصرية سببا فى وقف نزيف دماء شعبنا ووسيلة لكبح خطاب الكراهية والعنصرية وأثرهما على وحدة السودان ونشر البغضاء وتمدد وتغذية خطاب العنف بين أبناء الوطن.
ويقول الصادق على حسن رئيس مجلس أمناء هيئة محامى دارفور ان الهيئة رحبت منذ البداية بإعلان القاهرة بإطلاق المبادرة المصرية لحل الازمة السودانية منذ أسابيع قليلة بدعوة الأطراف السياسية المتصارعة فى السودان للاتفاق على حل او مخرج سلمى للأزمة السودانية ولذلك تواجدنا اليوم للتفاوض والبحث عن حل سلمى للمشكلة لإيقاف ضرب النار وتقديم المساعدات الإنسانية خاصة أن الحكومة المصرية أعلنت منذ البداية انها ترعى الحوار وان على السودانيين الموجودين فى الحوار البحث عن حل او مقترح للخروج من عنق الزجاجة والخارجية المصرية بعد ذلك ستنسق مع باقى الأطراف بشرط أن يكون هناك توافق من كل القوى السياسية على الحل الأفضل والأمثل .
وقال إن هيئة محامى دارفور التقت بالمجلس المصرى للشؤون الخارجية، ووقفت على المبادرة المصرية والإجراءات التى قام بها المجلس فى التسهيل لالتقاء السودانيين بكافة فئاته وتكويناته وتوجهاتهم بمصر للتداول بشأن الخروج برؤية مشتركة تحقق الحفاظ على وحدة البلاد والحكومة المدنية وأن المبادرة المصرية مؤهلة لإحداث تحولات هامة وتعزيز فرص المحافظة على وحدة البلاد، كما ترى ان مدخل نجاح المبادرة المصرية النأى بها عن تأثيرات أى طرف من الأطراف السودانية بمعزل عن الأطراف الأخري، وأن تظل مبادرة مستقلة مساعدة للسودانيين فى إنتاج الحلول لقضاياهم .
وقال الدكتور صديق تاور عضو المجلس السيادى السودانى السابق والقيادى بحزب البعث إننا تلقينا دعوة من وزارة الخارجية المصرية للاجتماع والحوار مع كل القوى السياسية المدنية للوصول إلى حل سياسى للأزمة والصراع العسكرى فى السودان لإنهاء المعاناة الحقيقية للمواطن السودانى ، وان الهدف الأساسى من المؤتمر كيفية إيقاف الحرب والخروج بحل أو مقترح لعرضه على الأطراف المتصارعة من خلال وزارة الخارجية المصرية والتى اعدت المؤتمر وتسعى للوصول الى بيان ترتضى به كل الأطراف وأن هناك رغبة حقيقية وجادة من القاهرة لحل الازمة والتى تنعكس آثارها السلبية على مصر بصفة خاصة والتى استقبلت آلاف النازحين والفارين من نيران المعركة فى السودان وأن المؤتمر يهدف لتحقيق نقاط عديدة وهى إيقاف ضرب النار وتوصيل المساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة من الحرب والتوصل لمخرج وحل سياسى للأزمة المشتعلة والتى دخلت عامها الثانى على التوالى .