عشرات الأفلام والمسلسلات تكشف أسرار الغضب الشعبى من حكم «الإخوان»
حين ذهب المصريون إلى ميدان التحرير ليطالبوا بحقوقهم، وربما ليروا انفسهم معا، لأول مرة منذ زمن طويل، ويكتشفون أن آلامهم واحدة، وكذلك أحلامهم فى مواجهة فصيل إخوانى انتعش وقرر الاستيلاء على حلمه القديم بالحكم، واخضاعهم لما يريده من سيطرة على مصر والعالم العربي، وغير العربى (بدعم وتأييد غربى كامل) اكتشف الكثيرون ممن ذهبوا للميدان هذا، ووجدوا أدلة متناثرة كحضور بعض الأسماء من الخارج للميدان للحديث للعالم من الميدان، حاول الاخوان تقديم انفسهم لشعب كبير غاضب، زاد غضبه وقتها، وقرر إبعادهم، وهكذا اصبحت المقاومة هى الحل، كما اصبح الميدان هو الموقع الاهم للعالم كله فى هذه الأوقات، وفيه، ومنه، خرج لنا اكبر عدد من الافلام التسجيلية والوثائقية، وبعدها الروائية التى حفظت لنا تاريخ كفاح لا ينسى عاشه الكل من 2011 وحتى اليوم الاخير من شهر يونيو 2013 الذى أكمل فيه المصريون ثورتهم ونزلوا لدعمها ودعم جيشهم فى أكبر احتشاد شعبى عرفه العالم فى التاريخ الحديث، وحيث تحولت الشوارع فى كل محافظات مصر الى بيوت تحتضن الجميع، ،ولم يكن ممكنا ان نرى هذا من خلال الفن وقتها، وانما رأيناه عبر الاعلام ووسائله واهمها التلفزيون، وان كان الفن هو الابقي، وهو ما قدمته لنا عشرات الافلام التى انتجت اعوام 2011، و2012.
و2013، وكلها تستحق التوقف عندها، ووما طرحته من افكار تتراوح بين القبول والرفض للواقع من خلال نماذج وافكار عديدة ومهمة وبعضها متجاوز كل ما هو تقليدي.
اسمى ميدان التحرير.. إلى 18 يوماً
«18 يوم» هو اسم الفيلم الذى عبر عن صورة من صور (انتاج الأزمات) فى الفن وحيث دفعت الثورة عشرة مخرجين وثمانية مؤلفين وعدداً كبيراً من الممثلين الى التعاون معا لانتاج فيلم مستقل يقدم قصصا مختلفة عما حدث ويحدث، وليكشف لنا عن حياة تتغير من خلال اجزاء هذا الفليم التى اشترك فى اخراجها شريف عرفة ويسرى نصر الله وكاملة ابو ذكرى ومروان حامد وخالد مرعى وشريف البندارى وغيرهم، ويقدم فيلم (اسمى ميدان التحرير) للمخرج على الجهيني، رحلة لشاب مصرى على مدى ثلاثين عاما من البداية حتى تخرج وقابل الكثير من العقبات التى قدمها المخرج وفريق عمله بأسلوب جمع بين الدقة والجاذبية وهو ما رأيناه أيضا فى فيلم (الكعكة الحجريّة) للمخرجة أسماء أبراهيم، والذى وثق بأسلوب رائع حشود البشر وتكتلاتهم وحواراتهم فى الميدان، والفيلمان من انتاج القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصرى التى كانت تهتم كثيرا بتقديم الافلام التسجيلية والقصيرة، وبالنسبة للافلام الروائية الطويلة فقد أنتجت السينما المصرية 22 فيلما فى هذا العام وتقلصت ايراداتها مع موجة من الرفض لها وللفن كله من (كارهى الفن) ودعوتهم لمقاطعة السينما، وهو ما جاء الرد عليه سريعا بعد الثورة ودعم الفن بكل نوعياته، لها .وفى عام 2012، زاد الانتاج إلى 35 فيلما روائيا طويلا من بينها افلام هامة فى دعم الثورة والتعبير عن فن مختلف مثل افلام (المصلحة ) اخراج ساندرا نشأت (صرخة نملة) لسامح عبد العزيز، و(الفاجومي) اخراج عصام الشماع عن حياة الكاتب الكبير. احمد فؤاد نجم، و(ساعة ونص) اخراج وائل احسان .
من فبراير الأسود.. إلى الميدان
ويأتى عام الانتصار للثورة بالكثير من الدعم الفنى لها من خلال عدة افلام ضمن 37 فيلما طويلا أنتجتها لأفلام مثل الحفلة، على جثتي، سمير ابو النيل، تتح، شمال يا دنيا، القشاش، قلب الأسد، فيلا 69، هو فيه كده، الحرامى والعبيط ، هاتولى راجل، اما افلام الثورة فى هذا العام فتختلف بين قصص الناس، خاصة ذوى المناصب والأعمال المرموقة وهو ما قدمه فيلم (الشتا اللى فات) اخراج إبراهيم البطوط من خلال قصص ثلاث شخصيات تتقاطع مصائرها وقت الثورة، اما فيلم (عشم) للمخرجة ماجى مرجان، فيقدم لنا حكايات. سبع من النساء والرجال الذين تأثرت حياتهم كثيرا بالحياة قبل الثورة ولهذا انتظروها فى شوق كبير، وعلى مستوى آخر تقدم نادين خان فيلمها الاول (هرج ومرج) عن الناس فى حي. شعبى وكيف يستقبلون فكرة التغيير، اما (فبراير الأسود) للمخرج محمد امين فيطرح قضية ضمن قضايا الغضب والدعوة للتغيير هى مدى تقدير واحترام العلماء من خلال قصة شقيقين، عالم اجتماع وعالم كيميائى (قام بدورهما خالد الصاوى وخالد صالح )وكيف يتم العسف بهما حتى يقرر الهجرة، واخيراً الأفلام الوثائقية واهمها عام 2013 فيلم (الميدان) لمخرجته المصرية الأمريكية جيهان نجيم، والتى حضرت الى بلدها الأصلى بعد بداية الثورة، واستمرت لأكثر من عام مع فريق عمل مختلط لتقدم وتوثق الكثير من المواقف والمواجع والأحداث فى فيلم اقترب من الساعتين.
الدراما.. والاختيار
لم تتخلف الدراما عن التفاعل مع الثورة من البداية، ولكنها قدمت افضل أعمالها بعد نجاحها وخروج الشعب لتأييدها، وهو ما رأيناه على مستويين، الاول هو المسلسلات التى قدمت أسباب الغضب الشعبى مثل مسلسل (ربيع الغضب) للمخرج محمد فاضل والكاتب مجدى صابر والذى تناول بعض القضايا المسكوت عنها والتى أغضبت الشعب، ومسلسل (فض اشتباك). للكاتب والمخرج حازم متولى والذى قدم صورة قريبة من الواقع لشخصية ضابط شرطة، ومسلسل (موجة حارة) المأخوذ عن رواية. (منخفض الهند الموسمي) لأسامة انور عكاشة واخراج محمد ياسين ويدور حول الصراعات الاجتماعية والعائلية قبل الثورة، اما مسلسل (بدون ذكر اسماء) للكاتب وحيد حامد والمخرج تامر محسن فيدور حول الصراع الفكرى والحياتى الذى خلقه العائدون من رحلة العمل فى الخليج الى بلدهم، وكذلك تدور احداث مسلسل (الداعية) للكاتب مدحت العدل والمخرج محمد العدل حول. المفاهيم الإنسانية وهل تختلف كثيرا فيما يخص الفن والموسيقى تحديدا؟ وبالطبع فإن تقديم الأعمال المعبرة عن معنى الثورة ونجاحها لابد ان يستمر ليضيف الينا ما يجب تذكره فى عالم صعب، وحروب تتواصل مثل حروب الارهاب التى قام بها الارهابيون. قبل وبعد الثلاثين من يونيو، ولهذا رأينا عام 2020 المسلسل المنتظر (الاختيار). والأكثر أهمية فى توثيق احداث الحرب التى شنها الارهابيون على مصر من خلال. مواقع كثيرة لعل اهمها. هنا هى ارض سيناء الكبيرة والتى أتاحت لهم فرصا للحركة والتدريب، وهو ما رأيناه عبر الجزء الاول. من (الاختيار) للمخرج بيتر ميمى والكاتب باهر دويدار، والذى قدم قصة البطل العقيد احمد المنسي، قائد الكتيبة (103) صاعقة الذى استشهد فى كمين البرث بمدينة رفح شمال سيناء وهو يتصدي. لهجوم الأرهابين فى سيناء، وفى الجزء الثانى (رجال الظل) قدم المسلسل بطولات رجال الشرطة المصرية فى مواجهة الارهابيون وتعرضهم للمواطنين، ومحاولات السيطرة على مصر، اما الجزء الثالث (الذى كتبه هو والجزء الثانى الكاتب هانى سرحان بمساعدة اياد صالح)، فقد رأينا عبره احداث مصر فى العام الذى سيطرت فيه جماعة الاخوان على الحكم، والأزمات التى واجهتها الدولة والشعب من الجماعة، ومحاولات تغيير الهوية من خلال افعال غريبة مثل اعتصام رابعة وغيرها من الأمور التى تسببت فى غضب شعبى شديد وإدراك لأهمية الخلاص من حكم الجماعة وهو ما انتهى بتأييد عارم لثورة الثلاثين من يونيو وللرئيس الذى رفض الحكم الاخواني. والخروج الكبير للمصريين فى هذا اليوم المجيد.