إن لم تستح فافعل ما تشاء وبعض جهات الإنتاج الدرامي والإعلامي لا تستحى ولا تخجل ولا تحترم قيم ولا ثوابت، لا ترى إلا سواداً ولا تقدم إلا إسفافًا ولا تنتج إلا أفكارًا مدمرة، تبحث عن الإثارة ولو بنهش عرض المجتمع، وتتاجر بالفساد الأخلاقي والمالي لا تتورع أن تقدم المجتمع المصرى في صورة من الانحلال والفوضى والبلطجة، تختار أسوا النماذج وتصدرها باعتبارها عنوان أهل مصر.
من يرضى هذا أو يقبل به، مصر ليست بهذه الصورة السيئة، القائمة، لا هي مجتمع من العاهرات ولا بلد بلطجة ولا أهلها دمويون خائنون منحلون غارقون في الجريمة، أهل مصر طيبون لديهم قيم وأخلاق، شعب يعرف العيبة، ويحافظ على الشرف، شعب يعشق الستر، ولا يضمر الشر، متسامح بكره الدم، ويرفضه، صحيح في مجتمعنا جريمة وخارجون عن القانون ومنحرفون مثلنا في ذلك مثل كل المجتمعات فى العالم، لكن كل هذا لا يمثل ظاهرة ولا يعبر عن عموم الشعب صاحب الحضارة والمبادئ، ومن الخطأ أن يتصيد بعض المنتجين والمخرجين حالات فردية ليجعلوها صورة عامة لمجتمع علَم الدنيا كلها الخلق الراقية والشهامة والجدعنة، فمن يفعل هذا يرتكب جريمة في حق اجيال كاملة تتخذ من الدراما نموذجا لها ومن الأبطال قدوة وموضة في تعاملهم.
إحدى المحاميات الكبار قالت لى ذات مرة أنها أصبحت تعرف طبيعة القضايا التي ستأتي لها من خلال الدراما، وإذا كان المود الدرامى بلطجة ستجد أغلب القضايا من نفس النوعية بل وبنفس شكل ما تقدمه الدراما، وإذا قدمت الدراما شكلًا جديدًا من السرقة أو الفساد تجده مترجم عندها في الملفات التي تعرض عليها.
المحامية الشهيرة لخصت حكاية الدراما وتأثيرها على المجتمع وخطرها على سلوك الشباب تحديدا بل وتدمير أسر بالكامل.
وهذا ما تحذر منه ويشدد الرئيس السيسي على الانتباه له، فالمجتمع لا يستحق منا أن تقدمه في الدراما وكأنه شعب عاشق للرذيلة، ومتلهف للجريمة.
من يفعل هذا له وصف واحد وهو أنه خارج عن قيم وثوابت مجتمعه، ويساهم في تدمير أجيال كاملة بالتأكيد، نحن لسنا في حاجة إلى مناقشات وندوات ومؤتمرات لتحدد شكل الدراما ودورها، لأن هذا معروف وواضح، ويكفى أن نرى حالة الاطمئنان لدى الأسرة المصرية وهى تشاهد الدراما الحقيقية مثل الاختيار أو الغاوى أو النص أو الكابتن أو الكبير أو غيرها مما تقدمه قنوات المتحدة، بينما نرى حالة السخط والغضب المجتمعي من دراما السقوط التي تقدمها بعض قنوات أخرى تعتمد على البلطجة والعرى «زيًا ولفظًا»، والتشويه لكل ما هو جميل في هذا البلد.
اعتقد مقارنة بسيطة ستكشف لنا معنى المسئولية والضمير الوطني كما تكشف لنا أيضًا الفارق بين صناع الدراما الجادة ونموذجها بدون مبالغة قطاع الإنتاج في ماسبيرو عندما قدم «ليالي الحلمية»، و«رأفت الهجان» و«بوابة الحلواني» وحاليًا «المتحدة»، بما تقدمه من أعمال تبنى الوعي وتناقش قضايا مجتمعية برقى وبين تُجَّار الدراما الهابطة المدمرة التي لا تقل خطرًا عن المخدرات والتطرف، وهؤلاء معروفون الآن بالاسم قنوات ومنتجين.