جاء البيان الصادر عن زعماء مصر وأمريكا وقطر، فى الوقت المناسب وبرداً وسلاماً على قادة العالم التواقين إلى إنهاء الحرب فى غزة وقد يكون البيان بمثابة التحذير الأخير لإسرائيل قبل الانفجار فى حال وقوع حرب شاملة فى الشرق الأوسط، إذ أكدوا فيه أن المنطقة تواجه تصعيداً غير مسبوق وقد يتسبب فى اتساع الحرب إلى خارج القطاع.
ويبدو أن هذا البيان الذى يطالب الطرفين بالعودة إلى طاولة المفاوضات يحمل نداءً أخيراً من أمريكا لإسرائيل بعد أن نفد صبر واشنطن من إضاعة إسرائيل للوقت ورفض نتنياهو لوقف الحرب ولذا يعتبر البيان الفرصة الأخيرة لإنقاذ المنطقة من الانفجار، وظهر ذلك جلياً فى المكالمة التليفونية التى جمعت بايدن ونتنياهو عقب اغتيال هنية ووصفت بـ «الصعبة»، إذ طلب بايدن من رئيس الوزراء الإسرائيلي، التوقف عن تصعيد التوترات فى المنطقة، عقب اغتيال رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية والقائد العسكرى فى حزب الله اللبنانى فؤاد شكر، كما حذر بايدن نتنياهو من أنه إذا أقدم على التصعيد مجدداً، فينبغى له عدم الاعتماد على الولايات المتحدة لإنقاذه، فيما قال مسئولون أمريكيون إنهم يعتقدون أن نتنياهو أخفى عن بايدن خططه لتنفيذ الاغتيالات الأخيرة، وذلك بعد أن ترك انطباعاً الأسبوع السابق أثناء زيارته لواشنطن بأنه يستجيب لطلب الرئيس الأميركى بالتركيز على إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة، كما ناقش بايدن مع نتنياهو الاستعدادات العسكرية المشتركة لمواجهة الرد المتوقع من إيران وحزب الله، وفى الوقت نفسه للإعراب عن عدم رضاه عن المنحى الذى اتخذه نتنياهو بتنفيذ هذه الاغتيالات دون علم البيت الأبيض كما تحاول أمريكا تصوير الأمر.
وأقول لكم، إن إعلان حركة حماس، تعيين يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي، جاء مخالفاً لكافة التوقعات، فى وقت يشهد القطاع تصعيداً لنذر الحرب وتهديداً باتساع دائرة النار فى المنطقة خصوصاً أن إسرائيل تتأهب لرد محتمل من إيران فى أعقاب اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، خلال وجوده فى طهران نهاية الشهر الماضي، يبدو أن أول الملفات التى ستتأثر من هذا الاختيار المفاجئ صفقة الهدنة التى كانت على وشك النضج خصوصاً أن المرشحين لخلافة هنية لم يكن من بينهم السنوار، بل جاء فى مقدمة التوقعات خالد مشعل الذى سبق أن شغل المنصب عقب اغتيال عبدالعزيز الرنتيسي، وخليل الحية نائب رئيس الحركة فى غزة، وزاهر جبارين الذى يتولى إدارة الشئون المالية للحركة، إضافة إلى القيادى محمد إسماعيل درويش، وليس غريباً أن يطلق على السنوار «رجل الأنفاق» فى قطاع غزة، والذى يعيش داخلها منذ هجمات السابع من أكتوبر الماضي، وإذا كانت رسالة إسرائيل من قتل هنية «نحن لا نعبأ بالصفقة»، فرد حماس من اختيار السنوار «ونحن أيضاً لا نهتم بالتهدئة وسنواصل القتال»، إنها الحرب النفسية بين طرفى الصراع الذى قدرت له أمريكا أن يظل محصوراً داخل القطاع وأن تقتل إسرائيل نساء وأطفال غزة دون أن يحاسبها أحد، لكن اغتيال هنية أدى لخلط الأوراق فأيران سترد إن عاجلاً أو اجلاً، ولذا تأتى أهمية هذا البيان الذى يعتبر محاولة أخيرة من القاهرة واشنطن والدوحة لإنقاذ الشرق الأوسط من حرب شاملة تلوح فى الأفق.