دعم القضية الفلسطينية وإدانة الاعتداءات الوحشية والمجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين أكثر الموضوعات التى تناولتها الدار سواء عبر صفحاتها الرسمية أو موقعها الإلكترونى
ذكر المؤشر عددا من نداءات مفتى الجمهورية المجتمع والمنظمات الدولية ببذل مزيد من الضغط على الكيان الإسرائيلى المحتل للسماح بدخول مزيد من شاحنات المساعدات الإنسانية
يشهد التاريخ أن مصر بمؤسساتها العسكرية والسياسية والدينية والطبية والخيرية تعتبر الدرع الحامية والداعمة الأكبر والسند الدائم للقضية الفلسطينية، بل تعتبرها قضيتها الأولى التى لن تتخلى عنها أبدًا، ومؤخرا أصدر المؤشر العالمى للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم تقريرا متضمنا تاريخ دار الإفتاء المصرية فى دعم القضية الفلسطينية والدفاع عن حق الشعب الفلسطينى فى المقاومة من أجل استرداد أرضه والحياة فى أمن وسلام وطمأنينة مثل سائر شعوب العالم، وبلغ نسبة اهتمام الخطاب الإفتائى وفق تقديرات المؤشر العالمى للفتوى منذ أحداث «طوفان الأقصي» ما يقرب من «65%» من إجمالى الخطابات والفتاوي، وقد رصد مؤشر الفتوى عينة مكونة من «150» فتوى ومقالا، وتغريدات تجاوزعددها الـ»500» تناولت القضية الفلسطينية؛ لتحليل تفاعل مؤسسة الإفتاء المصرية مع القضية الفلسطينية، ومتابعة المواقف الشعبية من القضية بصورة عامة ومن الفتاوى الصادرة بشأنها بصورة خاصة.
أوضح مؤشر الفتوى أن عينة الرصد والتحليل كشفت دعم دار الإفتاء القيادة المصرية فى كافة الإجراءات والمواقف التى تتخذها حرصا على خلق وعى شعبى بأهمية الترابط والوحدة الوطنية وتعزيز التضامن والصمود أمام الضغوط الخارجية، وتأكيد ضرورة توصيل المساعدات الإنسانية إلى فلسطين عبر قنوات الدولة الرسمية حتى يمكن استفادة الفلسطينيين المنكوبين من تلك المساعدات، وغلق الطرق أمام كل من تسول له نفسه استغلال القضية للنصب والاحتيالات وجمع تبرعات وهمية لا تصل لمستحقيها، وقد ذكر المؤشر عددا من نداءات مفتى الجمهورية المجتمع والمنظمات الدولية بذل مزيد من الضغط على الكيان الإسرائيلى المحتل للسماح بدخول مزيد من شاحنات المساعدات الإنسانية التى تنتظر فى معبر رفح المصرى للدخول إلى قطاع غزة؛ حفاظًا على أرواح الأبرياء، وتخفيفًا على الأطفال الذين يفتقدون أبسط مقومات الحياة، محذرا من كارثة إنسانية إذا لم يسمع العالم لصوت القيادة المصرية التى تعلن ضرورة الوقف الفورى غير المشروط لسياسات العقاب الجماعى والحصار الإسرائيلى المفروض على السكان المدنيين فى قطاع غزة، والتجويع والحرمان من المياه، والدواء، والغذاء والكهرباء، والوقود وغيرها من الاحتياجات الأساسية؛ مما يشكل جريمةَ حرب وتعدٍّ على الإنسانية بموجب القانون الدولي، كما خرجت فتاوى دار الإفتاء المصرية تدعم الفلسطينيين والمسجد الأقصي، من ذلك جواز إخراج الزكاة لإغاثة أهل فلسطين بالغذاء والدواء والكفالة التامة لما يحقق لهم الحياة الكريمة فى شئونهم كلها، خاصة التعليم والصحة والأمن، وفتوى أخرى قضت بأنه إذا أخرج المزكى زكاته أشياء عينية أو مادية فلا مانع من إرسالها إلى الفلسطينيين واعتبارها مصرفًا من مصارف الزكاة ، أما إذا لم تحدد نية المتبرع فتُعد صدقة ولا مانع من إرسالها إلى الفلسطينيين.
أعلن مؤشر الفتوى أن فتاوى دار الإفتاء المصرية عبر تاريخها الطويل كانت داعمة للحق الفلسطينى فى المقاومة والدفاع عن أرضه، والتعريف بالأماكن المقدسة والقيمة التاريخية والدينية لها، بالإضافة إلى كافة أشكال الدعم التى تبدأ بالدعم بالنفس والمال لمواجهة المحتل، وجواز إخراج أموال الزكاة لإغاثة أهلها، كما كانت داعمة حتى فى فتاوى العبادات من حيث الصلاة والصوم والزكاة تحت وطأة هذا الاحتلال، فعلى سبيل المثال أفتى مفتى الديار المصرية الشيخ حسنين مخلوف فى العام 1948 بجواز إفطار المجاهدين فى شهر رمضان لتوفير قوتهم لإنقاذ وطنهم ضد العدو، وفى عام 1956 أفتى للشيخ حسن مأمون أن مواجهة الفلسطينيين للعدو الصهيونى فرض عين حتى الجلاء عن أرض فلسطين.
خلال 2017، بعد اعتراف إدارة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب رسميًّا بالقدس عاصمة لإسرائيل، وافتتاح الولايات المتحدة سفارتها الجديدة فى القدس فى مايو 2018، حيث اعتبرت الإفتاء المصرية قرار نقل السفارة بمثابة إنشاء مستوطنة أمريكية فوق أراض عربية، مشيرة إلى أنه لا يجوز بحال من الأحوال التعامل مع هذا الحدث والقبول به، وشددت على أن عروبة القدس وهويتها غير قابلة للتغيير أو العبث، وأن كل شعوب ودول العالم الإسلامى ترفض رفضًا قاطعًا كافة محاولات قوات الاحتلال لتهويد القدس وتغيير هويتها العربية والإسلامية، وفى عام 2019 برزت صفقة القرن أو خطة ترامب للسلام بدعوى حل النزاع الإسرائيلى الفلسطيني، وتشمل إنشاء صندوق استثمار عالمى لدعم اقتصادات الفلسطينيين والدول العربية المجاورة، وفى مايو «2021»، اندلعت أحداث حى الشيخ جراح بين الفلسطينيين ومستوطنين يهود، سقط على إثرها آلاف الشهداء من الفلسطينيين، وحينها أكدت الإفتاء أن الانتهاكات الإسرائيلية تستفز مشاعر المسلمين، وأن فلسطين ستبقى أبيَّة على الطغاة مهما طال الزمن، وسيظل شعبها مرابطًا على أرضه وعِرضِه ومقدساته، مدافعًا عن الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين، وعقب عملية طوفان الأقصى التى وقعت فى 7 أكتوبر 2023، وشنتها فصائلُ المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة نتيجة للانتهاكات الإسرائيلية فى المَسْجِدِ الأقصى المُبَارك، والاعتداء الإسرائيلى على المُواطنين الفلسطينيين فى القُدس والضّفّة، برز اهتمام الإفتاء المصرية مع القضية، وتنوعت الموضوعات التى تناولتها الإفتاء سواء من خلال فتاوى أو بيانات وتصريحات أو تغريدات وتدوينات، وجاء دعم القضية الفلسطينية وإدانة الاعتداءات الوحشية والمجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين بنسبة «30٪» أكثر الموضوعات التى تناولتها الدار سواء عبر صفحاتها الرسمية وموقعها الإلكترونى أو عبر الوسائل الإعلامية المختلفة، وتنوعت بين تصريحات للمفتى وبيانات صادرة عن دار الإفتاء فى إدانة استهداف الطغيان الإسرائيلى مبنى كنيسة الروم الأرثوذكس فى قطاع غزة، ومستشفى الشفاء وشارع الرشيد بغزة وسقوط مئات الشهداء والجرحي، وتدمير مربع سكنى كامل بمخيم جباليا ، كما وصف مفتى الجمهورية اعتداءات الكيان الإسرائيلى الوحشية الغاشمة على الشعب الفلسطينى بأنها جرائم حرب مكتملة الأركان، وأن ما يحدث فى فلسطين يتعارض مع جميع الأديان والإنسانية والقانون الدولي، ثم جاء الحديث عن دعم قرارات الدولة المصرية والوقوف خلف قيادتها السياسية ثانى المحاور بنسبة «25٪» من بين الموضوعات التى اهتمت دار الإفتاء بتناولها، وهو ما يعد مؤشرًا إيجابيًّا يعكس المسئولية الاجتماعية للدار فى الحفاظ على وحدة الوطن وأمنه وأمانه.
كما برزت المسئولية الاجتماعية وإعلاء قيم حفظ النفس فى تناول الدار ضرورة تقديم مساعدات إنسانية للفلسطينيين عبر القنوات الرسمية للدولة، ودعمهم فى التمسك بأراضيهم، ورفض تهجيرهم إلى مصر والأردن، وهما من الموضوعات الأكثر تداولًا عبر المنصات الاجتماعية لا سيما موقع فيسبوك.
ولم تكن دور الإفتاء العربية الأخرى بمعزل عن دعم القضية الفلسطينية، حيث أكدت دار الإفتاء الأردنية عام 2023 أن ما يقوم به الصهاينة ضد الفلسطينيين عدوان غادر لا يُقره دين أو قانون وهو عمل محرم شرعًا، كما أفتت عام 2010 بجواز دفع الزكاة لأهل فلسطين، وأن المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية فى فلسطين جزءٌ لا يتجزأ من عقيدة المسلمين وتاريخهم وحضارتهم ولا يجوز الاعتداء عليها بحال من الأحوال، وفحوى الفتاوى السابقة أيدتها دور الإفتاء الأخرى العربية مثل اللجنة الدائمة بالسعودية، والإفتاء فى الإمارات والكويت وغيرها.