أيام ويتوارى احتفالنا بفانوس رمضان مع توديعنا للشهر الكريم والفضيل واستقبالنا لشهر الاعياد وكل عام وانتم بخير.. ولكن سيظل فانوس رمضان يمثل لنا مظهرا ثقافيا واحتفاليا وكرنفاليا وتراثيا ينبغى المطالبة بضمه الى قوائم عناصر التراث غير المادى لتسجيله بمنظمة اليونسكو خاصة اننا نقود حملة دبلوماسية منذ وقت وخلال الفترات القادمة لترشيح الدكتور خالد العنانى وزير الآثار السابق للوقوف على رأس هذه المنظمة العالمية.
ومن الطبيعى عدم اقتصار ضم فانوس علاء الدين على قائمة الارشيف القومى للماثورات الشعبية.. بل اننا بحاجة لتحقيق الحلم فى تسجيله على قائمة التراث باليونسكو نظرا لاننا نعتبر الفانوس عنصراً منفردا لبلدنا ويستحق ان يأخذ دوره للمحافظة على ديناميكية التراث خاصة انه يستخدم بالديكورات الحديثة بما يدل على انه محافظ على وجوده بقوة رغم التوجه القادم فى التوسع للتحول نحو الرقمنة وقد تمتد لظهور فوانيس رقمية يمكن برمجتها وارتباطها باستعراض رسومات متحركة أو كتابات مضيئة بشكل يتماشى مع الديكورات الحديثة.
اتصور ان قرار وزير التجارة منذ عشر سنوات للحد من استيراد الفانوس الصينى ساهم بشكل فعال فى المحافظة على طابع الهوية للفانوس المصرى حيث ان السلعة المستوردة منه حملت تغييراً فى هوية الفانوس التقليدى بعد ان تم طرحه بنماذج وشخصيات لا تمت بصلة للفانوس المصرى ولا بقيمته التراثية والثقافية كما ان القرار منح للفانوس التراثى قبلة الحياة من جديد.
والفانوس ظاهرة ثقافية رمضانية تحولت عبر الزمن من مجرد وسيلة للاضاءة ليلا الى وظيفة كرنفالية احتفالية وصناعة ثقافية وحرفة تراثية.. ولكنه بكل تأكيد مر بمراحل قبل انتشاره فى شوارعنا حيث تعددت الروايات حول ظهوره منذ نحو أكثر من الف عام مرتبطا بالخلافة الفاطمية خاصة بعد ان امر الخليفة المعز لدين الله الفاطمى شيوخ المساجد بانارتها بالفوانيس خلال شهر رمضان حتى يتسنى للمصلين إقامة صلاة التراويح.
ومن الطريف ان اغلب صناع الفوانيس من العمال المهرة بمهنة السمكرى أو من اعتادوا على اصلاح الوابورات ولذلك تعد حرفة تراثية تمتد بجذورها فى دروب مناطق حى النحاسين حيث ازدهرت صناعته بسوق الشماعين ايام عصر المماليك وتحولت القاهرة الى مركز مهم لصناعته وتخصصت احياء مثل الأزهر والغورية وبركة الفيل فى تصنيع الفوانيس التقليدية المصنوعة يدويا من النحاس والخشب المزينة بالزجاج الملون ووصولا الى الفوانيس البلاستيكية المتميزة بانخفاض تكلفتها وتنوع ألوانها وتصاميمها وامكانية تشغيلها بالبطاريات أو الكهرباء وبعضها تأتى بمؤثرات صوتية وضوئية لتضيف البهجة الرمضانية.
ولا يزال حلم تواجد الفانوس المصرى بتراثه التاريخى وبأضوائه المتلالئة داخل اليونسكو يراودنا.. الا ان ذلك يتطلب جهودا مكثفة من العاملين فى حقل التراث الثقافى بمختلف تخصصاتهم مع اتاحة حالة من التعاون المشترك لاعداد قاعدة بيانات دقيقة عن مختلف العناصر المرتبطة بالفانوس بهدف طرح ملف علمى دقيق يبين قيمة الفانوس وتاريخه الممتد واهمية تسجيله.