قوة الله سبحانه وتعالى هى القوة الأعظم المطلقة.. قوة الله سبحانه وتعالى فى علم الله المطلق، الله سبحانه وحده هو العلم والمعرفة الأعظم المطلقة التى لا حدود لها وتتجسد قوة الله سبحانه وتعالى فى العلم المطلق والمعرفة التى لا حدود لها ولا نهاية لها مثل هذا الكون الذى لا نعرف له حدودا ولا نعرف له بداية أو نهاية والمذهل اننا لا نعرف أين يوجد موقع الأرض فى الخريطة الشاملة لهذا الكون الذى نعيش فيه فمازالت خريطة الكون ومجرات النجوم والكواكب أوسع من كل قدرات الانسان المعرفية والعقلية ومازال المعلوم لنا من خريطة المجرات والنجوم والكواكب أقل من قطرة مياه فى بحار ومحيطات الأرض نعم ما زال موقع ومكان كوكب الأرض مجهولا لنا بين كواكب ونجوم السماء!!
مازالت كل اختراعات الحضارة الانسانية وكل أدوات العلم والمعرفة والتكنولوجيا عاجزة عن اشباع حاجة الانسان للمعرفة والعلم والحياة الأفضل مازال كل ما لدينا من علوم الرياضيات والفيزياء والكيمياء أقل من أن تحقق لنا الاختراق المطلوب فى الفضاء وإقامة وسائل مواصلات واتصالات تساعدنا على الهبوط الآمن على أى كوكب قريب من الأرض ولو القمر أو حتى المريخ.. وتتوالد الأزمات والصراعات والحروب الكبرى فى هذا العالم.. كما تتوالد الفئران و»القطط السمان» ووحوش غابة السياسة الدولية.
أسرار الحرب التكنولوجية بين الصين وأمريكا
الانتعاش الاقتصادى فى هذا العصر .. من صنع آلات ذكية عاقلة
الروبوت.. يلتهم الوظائف من الجميع
قريباً جيوش الأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات والمدرسين .. بلا عمل
صدق أو لا تصدق.. الروبوت يتفوق على الإنسان فى الاختراعات
السباق التكنولوجى .. يرسم خريطة الأرض فى القرن الـ 21
لكن تكنولوجيا الذكاء الصناعى الجديدة والآلات العاقلة الجديدة القادرة على التفكير والتعلم والتعليم تعمل أيضاً بتكنولوجيا «التوالد المعرفى والمعلوماتي» وقد أصبحت هذه الآلات العاقلة حادة الذكاء تتفوق على كل قدرات العقل الانسانى المعلوماتية والمعرفية والفكرية يكفى ان انساناً آلياً واحداً يمكنه أن يشرح لنا كل نظريات الفلسفة وتاريخ الحضارة الانسانية منذ عصر الفراعنة وحضارة العراق وفارس والهند والصين.. وكل تاريخ كوكب الأرض حتى اليوم بهدوء وثقة وبصورة آلية لا يتلعثم فيها ولا يرتبك أى خطأ فى الأرقام أو الأيام والتاريخ باليوم والساعة والثانية.. العقول الآلية فائقة الذكاء الجديدة تتفوق بقدراتها وإمكانياتها على العقل الإنسانى ملايين المرات.
ولماذا نندهش أمام هذه التطورات التكنولوجية الجديدة ونحن نتذكر جيداً ان الانسان كان يقوم بغزل ونسج ملابسه يدويا قبل اختراع مصانع الغزل والنسيج التى تفوقت على الانسان وقدراته اليدوية والعقلية بالجودة فى الانتاج والابهار فى التصميم والألوان؟!!
التفكير الآلى السريع
يقول هنرى كيسنجر ان نماذج الانسان الآلى الجديدة مثل «تشات جي. بي» تعتمد على ذاكرة آلية صناعية والتفكير الآلى السريع شديد الترتيب فى كل مجالات العلوم وتكنولوجيا المعرفة وأحدث نظريات العلم فى الرياضيات المتقدمة وأحدث النظريات فى الفيزياء وعلوم المعادن والكيمياء والطب والبيولوجى بل وكل نظريات الفلاسفة الانسان الآلى الجديد يمكن أن يتفوق فى علوم الطب على كبار أساتذة الطب والجراحة.. بل ان العمليات الجراحية الدقيقة فى الحالات المرضية الحرجة جدا لا يمكن أن يقوم بها سوى انسان آلى حاد الذكاء وشديد المهارة مهارة الآلات الدقيقة.
وقد حدث تقدم هائل فى الحضارة الانسانية وتمكن الانسان من بناء وإقامة شبكات واسعة للمواصلات والاتصالات ذكية جدا تغطية القدرة على السفر وسرعة القيام بالرحلات إلى أى مكان على الأرض سواء فى قطار سريع بدون سائق أو فى سيارة أو حتى طائرة بدون سائق حتى السفن والغواصات أصبحت بدون سائق.
طفولة الإنسان التكنولوجية
لكن كل ما اخترعه الانسان حتى الآن من أدوات الحياة ووسائل المواصلات والاتصالات الذكية المذهلة مازالت مثل لعب الأطفال!! ومازالت كل الصواريخ السريعة عاجزة عن تحقيق حلم الانسان القديم بإقامة شبكة مواصلات ثابتة وقادرة على الهبوط الآمن بالإنسان ولو على سطح القمر أقرب الكواكب التابعة للأرض مباشرة ومازالت التكنولوجيا المتوافرة لدى الإنسان عاجزة عن الوصول بالسرعة الواجبة إلى أقرب الكواكب للأرض وهو المريخ.
لم يتمكن الانسان بعد من إقامة شبكة مواصلات واتصالات قوية وثابتة وذكية بما يكفى للوصول بالإنسان إلى الكواكب القريبة من الأرض فى الفضاء وكل هذا يؤكد ان حضارة الانسان على الأرض مازالت فى عمر الطفولة والزهور.
وقالوا قديما فى بدايات عصر الكمبيوتر والإنترنت ان العلم والمعرفة قوة والحقيقة ان شبكة الانترنت وما تحتوى عليه من علوم ومعلومات ومعارف تمثل أقصى ما عرفه الانسان وتعلمه على مدى تاريخ وجوده وحياته على الأرض.. لكن لا يجب أن ننسى ان كل أدوات العلم والتكنولوجيا والحضارة التى أبدعها الانسان لا تكفى لإشباع حاجات الانسان للعلم والتعلم والتفكير والمعرفة ولا تكفى لاستكشاف ما حولنا حتى فى كواكب المجموعة الشمسية التى توجد فيها الأرض.
صحيح ان عواصف العلم ومنجزات التكنولوجيا تذهلنا كل صباح وجهاز الموبايل بين أيدينا وأيدى أطفالنا هو فى الواقع جهاز كمبيوتر شبه متكامل للاتصال والمعرفة لكن كل هذا لا يكفي.. الانسان بحاجة دائمة إلى أن يعرف أكثر وأوسع وبلا حدود أو نهاية.
أعظم المنجزات
لكن لا يجب أن ننسى مطلقاً ان الانترنت هى أعظم منجزات الحضارة الأمريكية فى تسعينيات القرن الماضى وهى أعظم مشروعات وزارة الدفاع الأمريكية – البنتاجون وكل من كان يتصل بالانترنت من خلال جهاز الكمبيوتر الشخصى فى البيت أو المكتب أو المدرسة أو الجامعة كان يتصل فى الواقع بوزارة الدفاع الأمريكية وجهاز المخابرات المركزية الأمريكية.
ولا شك ان الانترنت من الإنجازات العبقرية للحضارة الأمريكية.. وقد حاولت الامبراطورية الأمريكية من خلال شبكة الانترنت الاستحواذ على كل المعلومات وأسباب كل العلوم وكل نظريات التكنولوجيا الحديثة وكل أسرار جميع دول وشعوب العالم السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية وكان هذا نوعا فريدا من الهيمنة الامبراطورية والمخابراتية الأمريكية على العالم.
الآن أصبحت الانترنت شبكة عالمية وهى الفضاء السيبرانى الواسع فوق كوكب الأرض الذى تجرى فيه وعليه أخطر منافسة تكنولوجية ومعلوماتية فى التاريخ خصوصا بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وتحرص الصين بالتحديد على عدم السماح للولايات المتحدة الأمريكية بالانفراد بالسيادة المعلوماتية على الانترنت.
وهذا يعنى ان الصراع على المعرفة وتكنولوجيا المعرفة والمعلومات قد أخذ أبعادا جديدة بين الدول الكبرى والصغرى فى القرن الحادى والعشرين.
لم تعد المنافسة الجيوسياسية فى هذا العالم قاصرة على التكنولوجيا والتفوق فى الثروات الاقتصادية والمعدنية أو التفوق فى تكنولوجيا الأسلحة التى أحدثت ثورة هائلة فى استراتيجيات الحرب ومعارك القتال وبتكنولوجيا ذكية.. المذهل انها رخيصة التكاليف ولأول مرة فى التاريخ.
السيادة على الإنترنت
والصراع والمنافسة التكنولوجية بين أمريكا والصين من أجل الاشتراك فى السيادة على الانترنت نوع جديد تماما من المنافسة التكنولوجية المرهقة.
والحقيقة ان الصين مثل أمريكا تماما ترى أن تكنولوجيا الذكاء الصناعى وفى آلات الروبوت والإنسان الآلى هو مفتاح القوة الاقتصادية والعسكرية فى القرن الحادى والعشرين وهذا ما يجعل واشنطن دي.سي. لا تنام أحيانا ليلا خوفا وتحسبا لمعدلات التقدم الصينى السريع فى تكنولوجيا الذكاء الصناعى الإنسان الآلى – الروبوت – والأدوات الذكية ولا يوجد شيء عليه اجماع فى واشنطن حاليا سوى التحسب والخوف من مخاطر واحتمالات تفوق الصين التكنولوجى على الولايات المتحدة الأمريكية خصوصا فى مجالات الذكاء الصناعي.. ويرى الأمريكيون فى تفوق الصين التكنولوجى الدائم جزءا من الصعود الشامل للصين كقوة عالمية كبرى تنافس الامبراطورية الكونية للولايات المتحدة الأمريكية التى بدأت تعانى أعراض التراجع والسقوط السياسى والاقتصادى وربما التكنولوجي.
السباق على الشرائح الذكية
من أجل ذلك صدر مؤخرا فى واشنطن قانون «الشرائح الذكية» الذى ينص على فرض حظر شامل على تصدير الأجيال الجديدة من دوائر الشرائح الذكية إلى الصين وهى الدوائر الذكية اللازمة لإنتاج الأجيال الجديدة من أجهزة الكمبيوتر العملاقة والآلات الذكية والعاقلة من الروبوت وأدوات الاتصال والمواصلات الذكية وأدوات المعرفة وأدوات كل المهام الانسانية التى يقوم بها الانسان فى المصانع والمدارس والجامعات والمستشفيات وحتى فى المزارع ومكاتب الشئون الإدارية والمالية، الانسان الآلى الجديد والقادم قادر على القيام بكل المهام التى يقوم بها أى انسان فينا بدقة أفضل وأسرع وأكثر نظاما ومن المؤكد انه أكثر انتظاما ونظاما.
وقد أقيم مصنع فى الصين مؤخرا لإنتاج الملابس لا يعمل فيه انسان واحد بل آلات ذكية تقوم بالعمل والانتاج تحت اشراف أجهزة روبوت- انسان آلي- تقوم بالإشراف على العمل والانتاج.. والإشراف على الإدارة المالية وحساب المرتبات والمكاسب والخسائر ويوجد مجموعة من أجهزة الروبوت متفرغة لمهام من نوع آخر هو التفكير والتخطيط والعمل على ابتكار آلات للغزل والنسيج جديدة ذكية قادرة على الانتاج الأفضل والأسرع، فهل يوجد للإنسان مستقبل بعد الآن فى سوق العمل أشك.
منافسة شرسة
وكل ذلك يؤكد أبعاد المنافسة الإستراتيجية الشرسة بين أمريكا والصين فى مجالات التكنولوجيا والذكاء الصناعى وهى منافسة كما هو واضح لا رحمة فيها على الاطلاق ويقولون فى واشنطن بوضوح ان حظر تصدير تكنولوجيا الأجيال الجديدة من الشرائح الذكية إلى الصين يستهدف عرقلة تقدم الصين فى هذه المجالات على المدى القصير جدا جدا.
لكن هذا الحظر لن يحرم الصين من تحقيق التقدم الذى تريده على المستوى القصير فعلا أو المتوسط أو على المستوى البعيد.
هذه القيود الأمريكية لا تزيد على كونها سلسلة من الإجراءات التى تستهدف استفزاز صانع القرار فى بكين ومضايقته بأية صورة من الصور لكن فى النهاية نجد ان الصراع والمنافسة الاستراتيجية بين الصين وأمريكا فى التكنولوجيا الذكية أخذت أبعادا جديدة وهى جزء من الصراع الجيوسياسى بين الجانبين فوق كوكب الأرض.
وتعتمد الإستراتيجية الأمريكية التكنولوجية على عدة أسس تبدو صحيحة على المدى القصير جدا كما ذكرنا لكنها من المستحيل أن تكون صحيحة غدا أو بعد غد.
والحقيقة ان الشرائح الذكية اللازمة لإنتاج أجهزة الكمبيوتر والروبوت وآلات الذكاء الصناعى تتطلب شبكات واسعة من الامداد والانتاج تنتشر فى مختلف بلدان العالم وهى شبكة معقدة للغاية تمتد من اليابان وكوريا الجنوبية حتى الصين وتايوان والهند وروسيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وكندا وكاليفورنيا فى الولايات المتحدة الأمريكية.
وتوجد سوق عالمية مفتوحة لتجارة الشرائح الذكية وأجيالها الجديدة المتطورة فى العالم وتتفوق تايوان على كل دول العالم فى مجالات تصميم وانتاج الشرائح الذكية للكمبيوتر والروبوت ومختلف الأجهزة والمعدات التى يستخدمها الإنسان.
الجائزة فى تايوان
ويقولون فى لاهاى ان هذه الضغوط الأمريكية يمكن أن تؤدى لحرمان الصين من التكنولوجيا الحديثة للشرائح الذكية فى الوقت الحالي.. لكن خلال السنة القادمة أو السنوات القادمة لن يكون ذلك ممكنا وسوف تضطر هولندا أو أى دولة أخرى فى العالم.. فى السنة أو السنوات القليلة القادمة إلى انتهاك القيود الأمريكية والخروج عليها من أجل الانفتاح على السوق الصينية التى لا تشبع مطلقا من الشرائح الذكية المطلوبة لكل المجالات والمنتجات وهناك شكوك هائلة فى هولندا من الآن فى جدوى الضغوط الأمريكية لأن صعود الصين التكنولوجى قد تجاوز كل الآفاق ويقولون فى لاهاى انه من المستحيل أن يكون الهدف الأمريكى هو حرمان هولندا من تحقيق مكاسب كبرى من التجارة مع الصين.
ولذلك تقف أمريكا بعنف وقوة ضد كل محاولات الصين ضم تايوان إلى أراضيها تحت اسم «الصين الواحدة» وقد حدث تقدم هائل فى تكنولوجيا صناعة الشرائح الذكية أو أشباه المواصلات خصوصا فى أوروبا بالتحديد ألمانيا وهولندا وهناك تكنولوجيا جديدة للشرائح الذكية تسمى «فوتولتيوجرافي» وهى أجهزة دقيقة للغاية تنفرد بها شركة هولندية كبرى وقد قامت أمريكا بضغوط هائلة على هذه الشركة بهدف حرمانها من تصدير انتاجها من الشرائح الذكية الحديثة للصين ليس هذا فقط بل ان أمريكا منعت الشركة الهولندية من تصدير أحدث معدات إنتاج الشرائح الذكية إلى الصين.
ألمانيا فى السباق
.. وترتبط الصين بعلاقات اقتصادية وتجارية واسعة مع ألمانيا. القوة الصناعية والتكنولوجية الأولى فى أوروبا.. وفى النهاية قد تقوم هولندا وألمانيا بإعادة تقييم جدوى التحالف التجارى مع أمريكا ضد الصين.. لأن من المستحيل ان تكون المصالح والأولويات الأمريكية سببا فى الخسائر التجارية لألمانيا وهولندا ودول أوروبا.
وهناك دائما متغيرات سريعة.. بل وتحولات كبرى يمكن ان تحدث فى أية لحظة.. يتم خلالها إعادة التفكير فى جدوى الالتزامات الأمنية والتكنولوجية الأوروبية.. مع الولايات المتحدة.. خصوصا وان الحرب فى أوكرانيا لن تبقى مشتعلة إلى الأبد.. كما ان الصراع بين أمريكا والصين على تايوان لن يدوم إلى نهاية الزمن.
ويحرص الرئيس الأمريكى بايدن على دعم وتعزيز حلف الناتو بين أمريكا ودول أوروبا.. لكن حلف الناتو لن يكون من أولويات الرئيس الأمريكى القادم.. لو حدث واتضح انه دونالد ترامب ومثل هذه التحويلات.. يمكن ان تغير وجه العالم والتاريخ.. وليس فقط مستقبل حلف الناتو بين أوروبا وأمريكا.
السير على الشرائح الذكية
.. فى القرن الحادى والعشرين.. اكتشفنا ان العالم لم يعد يسير على عجلات السيارات والقطارات فقط.. بل يسير أيضا على «أشباه الموصلات» أو الشرائح الإلكترونية الذكية.. متناهية الصغر.
اليوم أصبحت البنوك وكل وسائل المواصلات والاتصالات.. وكل الخدمات الحكومية.. وكل الشركات التجارية والصناعية والزراعية تعمل بأجهزة الكمبيوتر.. أو بالتكنولوجيا الرقمية.. وهذه التكنولوجيا تعمل «بأشباه الموصلات».. أو الشرائح الذكية الصغيرة.
.. وقد اشتعلت الحرب التكنولوجية الكبرى بين الولايات المتحدة والصين فى مجال واحد فقط تقريبا.. هو الشرائح الذكية الصغيرة.
وتريد الولايات المتحدة الأمريكية حسم المنافسة الإستراتيجية الكبرى مع الصين لصالحها.. بهدف تحقيق النصر الحاسم على قوة الصين الصاعد.. خصوصا فى المجالات الاقتصادية والتكنولوجية.
.. وتعتبر الصين حاليا هى السوق الرئيسية لأشباه الموصلات والشرائح الذكية فى العالم.. بواقع 30٪ من حجم السوق العالمي.. ولذلك اشتعلت حرب الشرائح الذكية بين موسكو وبكين.. خصوصا فى مجالات الأجيال الحديثة منها ذات الاستخدام العسكرى أو التى يمكن استخدامها فى تكنولوجيا. الفضاء.
وقد أصبحت تكنولوجيا الشرائح الذكية وأشباه الموصلات من الأسس الجديدة للتكنولوجيا والاقتصاد فى العالم لكن واشنطن تشعر بالقلق.. لأن هذه الصناعة التكنولوجية الراقية تتركز فى جنوب شرقى آسيا.. خصوصا فى تايوان التى تنفرد بإنتاج 90٪ من أشباه الموصلات والأجيال المتقدمة منها اللازمة لصناعة الكمبيوتر.. والآلات الذكية العاقلة الجديدة.. أجهزة الروبوت والإنسان الآلي.
ويتوقع الخبراء ان يتضاعف حجم الاستثمارات فى هذه الصناعة بما يزيد على تريليون دولار خلال السنوات العشر القادمة.. ويبقى ان السوق الصينى الاستهلاكى الواسع لإبداعات هذه الصناعة.. هو الأكبر فى العالم.. وقد تركز جزء كبير من شبكة الإنتاج والإمداد فى هذه الصناعة داخل الصين ذاتها على مدى عقود من الثقة الإستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة.
لكن تغيرت هذه الأوضاع الآن.. وأصبحت «الثقة الإستراتيجية» بين الصين وأمريكا مفقودة تماما.. وانتقلت القوتان الأعظم فى العالم إلى عصر جديد من المنافسة الإستراتيجية التى لا تعرف الرحمة.
التفوق .. ليس له بديل
.. ويتحدثون فى واشنطن حاليا انه لا يوجد بديل أمام الولايات المتحدة الأمريكية سوى تحقيق الفوز والنصر فى هذا السباق الرهيب لتحقيق التفوق الاقتصادى والتكنولوجى على الصين.
.. هكذا تراجعت أحاديث العولمة والأسواق الحرة المفتوحة وبدأ عصر جديد للصراعات الجيوسياسية بين الجانبين.
وحدثت تحولات وتغييرات عميقة فى أبعاد المنافسة الإستراتيجية العالمية.. خصوصا فى مجالات التكنولوجيا والاقتصاد.
ويؤكد الخبراء فى واشنطن انه لا يوجد بديل. سوى دعم قدرات أمريكا التنافسية فى مجالات التجارة والإنتاج والطاقة وأمن المناخ.. باعتبار ان هذه القضايا هى التى سوف تحسم أمن أمريكا الاقتصادى على مدى القرن الحادى والعشرين.
.. الواقع العالمى حاليا يؤكد وجود حرب مشتعلة فى قلب أوروبا.. بالتحديد فى أوكرانيا..ونيران صراعات لا تنطفئ فى الشرق الأوسط.. بسبب الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.. وحرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة.
.. ويرى المراقبون ان الصين قد دخلت فعلا فى منافسة إستراتيجية مفتوحة مع أمريكا.. وهذه المنافسة. هى التى سوف تحدد ملامح وجه الصين فى هذا القرن.
وقد اقتنع الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر بأن الصين يمكن ان تشكل قوة التوازن العالمى مع أمريكا.. فى مواجهة الاتحاد السوفيتى السابق من هنا لم تتردد أمريكا فى تزويد الصين بالأسلحة الحديثة. ومضاعفة الاستثمارات الصناعية والتكنولوجية الأمريكية فى الصين وحصلت الصين على استثمارات أمريكية واسعة ساعدتها فى بناء قاعدة صناعية وتكنولوجية كبري.. حتى أصبحت الصين أكبر قوة عالمية صاعدة فى التاريخ.
.. وتصور الأمريكيون على مدى أكثر من ثلاثين عاما ان الصين يمكن ان تكون شريكا لأمريكا.. وأخيرا.. ظهرت أعراض المنافسة الإستراتيجية على الصين.. مع صعود الرئيس تشى جين بينج لقمة السلطة فى بكين.
واليوم أصبحت أمريكا فى سباق مفتوح مع الصين من أجل التفوق الاقتصادى والتكنولوجى فى هذا القرن.
من هو الأقوي
.. ومن الآن.. يقال ان المنافسة التكنولوجية فى مجالات الشرائح الذكية الدقيقة وفى مجالات الذكاء الصناعي.. هى التى سوف تقرر المصير الاقتصادى والتكنولوجيا.. ليس فقط لأمريكا والصين.. ولكن لسائر دول العالم.. الكبرى والصغرى على السواء.
من هنا فرضت أمريكا قيودا واسعة على صادرات التكنولوجيا المتقدمة للصين.. وخصوصا فى مجالات الأجيال الجديدة من الشرائح الذكية الدقيقة التى يطلقون عليها اسم «أشباه الموصلات».
وهذه المنافسة هى التى سوف تحدد من هو الطرف الأقوى فى هذا القرن العاصف بالصراعات الجيوسياسية.. وبالمنافسة الاقتصادية والتكنولوجية.. «المشتعلة بالنار».
ومن الواضح ان الولايات المتحدة الأمريكية تتمتع بالعديد من المزايا التنافسية والتكنولوجية فى هذا السباق الناري.. ولذلك لجأت الصين لأساليب التجسس التكنولوجى للحصول على حقوق الملكية الفكرية فى مجالات الابتكارات التكنولوجية.. وأصبح هناك تركيز إستراتيجى فى واشنطن وبكين على زيادة معدلات النمو الاقتصادي.. وعلى الابتكار التكنولوجي.. وليس الحرب.. والقوة العسكرية.
إمبراطورية تتراجع
.. لكن الفوضى السياسية الداخلية فى واشنطن.. ليست فى صالح القدرة التنافسية الأمريكية.. ومع ذلك لابد ان يقال ان التراجع النسبى لقوة الإمبراطورية الأمريكية لا يعنى تلقائيا.. ضمان صعود الصين النهائي.
لابد ان تحتفظ أمريكا بدور القيادي.. أو كما يقولون حاليا لابد من ضمان «الزعامة التكنولوجية» لضمان التفوق ليس فقط على الصين.. لكن أيضا لضمان التفوق على القوى الأخرى الصاعدة فى العالم التى ترفض وتعادى النظام الدولى الذى تقوده أمريكا.
وفى النهاية.. تبقى هناك حقيقة.. وهى ان التفوق التكنولوجى هو القوة المحركة للأمن الاقتصادى والأمن الإستراتيجي.. لأية قوة فى العالم.
ولذلك لم تتردد أمريكا فى فرض حظر عالمى على صادرات الشرائح الذكية الدقيقة للصين.. خصوصا الشرائح الذكية الخاصة بتكنولوجيا الذكاء الصناعي.. التى يمكن ان يكون لها استخدامات عسكرية واسعة النطاق. وهذا يؤكد انتهاء مرحلة «الوفاق الاقتصادي» بين أمريكا والصين.. بعد ان أصبحت الثقة الإستراتيجية مفقودة تماما بين الجانبين.
رأس مال المعرفة
وهذه القيود التى فرضتها أمريكا على الصين.. تعتبر فى الواقع قيوداً على رأس مال المعرفة التكنولوجية.. فى تكنولوجيا المستقبل فى مجالات الشرائح الذكية الدقيقة وتكنولوجيا «كمبيوتر الكم».. وأشباه الموصلات التى يمكن استخدامها فى المجالات العسكرية.
وتسعى أمريكا مع حلفائها فى الدول الصناعية السبع الكبرى إلى بناء شبكة إنتاج وإعداد آمنة لهذه التكنولوجيا الجديدة تماما وهناك تخطيط فى واشنطن لإضافة استراليا وكوريا الجنوبية لهذه المجموعة.. وهذا تحول هائل فى تجارة التكنولوجيا وفى سياسة الأمن الإستراتيجية للولايات المتحدة.
وهنا نكتشف ان الأمن الاقتصادى يعيد تشكيل أبعاد المنافسة الإستراتيجية بين أمريكا والصين.. وأصبحت هناك مخاطر سياسية تدخل فى الاعتبارات التجارية.. وقالوا قديما ان الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخري.. واليوم يقولون ان الاقتصاد استمرار للحرب بوسائل أخري.
هكذا.. انتقل العالم من عصر العولمة والأسواق المفتوحة.. إذ عصر الاعتماد المتبادل.. الذى يتم استخدامه كسلاح إستراتيجى للأمن الاقتصادي.. ولن تتغير هذه القاعدة على الأقل.. على المدى القصير أو المتوسط.
ومع الحلفاء سوف تقوم أمريكا بوضع القواعد الجديدة لهذا الشكل من الاعتماد المتبادل.. تكون فيه شبكات الإنتاج والإمداد هى القوة المحركة للسياسة الاقتصادية.
عسكرة الاقتصاد
هكذا.. أى تحول الاقتصاد إلى سلاح إستراتيجي.. باعتباره من الأدوات الإستراتيجية الأمريكية.. وهذا يعتبر تحولا هائلا فى التجارة والتكنولوجيا وفى السياسات الأمنية لأمريكا.
كل هذه المتغيرات تدفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى وضع وتحديد أسس جديدة لسياساتها التجارية فى القرن الحادى والعشرين.. فقد اتبعت أمريكا سياسة التجارة الحرة والأسواق المفتوحة بعد الحرب العالمية الثانية.. واستفادت من ذلك بقوة حتى بلغت قيمة المنتجات الأمريكية فى الأسواق العالمية 1.4 تريليون دولار فى عام 2019.
منافسة جديدة .. جديدة
.. وبلغت قيمة صادرات الخدمات الأمريكية 850 مليار دولار.. انتهى كل ذلك الآن.. وانتهى عصر العولمة التقليدية.. وبدأ عصر المنافسة الجيواقتصادية والجيوتكنولوجية.
وأصبح من الضرورى زيادة القدرة التنافسية لأمريكا على المستوى العالمي.. ولابد ان ينعكس ذلك بالضرورة عل سياسة أمريكا الخارجية فى القرن الحادى والعشرين.
السؤال الرهيب
والآن نأتى لسؤال كبير.. ورهيب.. وبلا إجابة واضحة.. فمن الواضح ان السنوات العشر القادمة سوف تشهد تقدما هائلا فى تكنولوجيا الذكاء الصناعي.. ومن الطبيعى ان تتوغل هذه التكنولوجيا وتدخل فى كل مجالات حياتنا.. لكن الاستخدامات العسكرية لهذه التكنولوجيا قد أدت بالفعل إلى ظهور نوعيات جديدة من الأسلحة الذكية التى تنطلق لأهدافها بصورة أوتوماتيكية بأوامر وقرارات من الآلات الذكية العاقلة الجديدة.. الروبوت.. وهذه الآلات الذكية تتخذ قرارات وأوامر إطلاق النار.. بناء على تحليلات هذه الآلات الذكية للموقف العسكري.. فى أى صراع أو حرب.
.. و هذه الالات الذكية بطبيعتها.. تعمل بسرعة.. تفوق سرعة العقل البشرى آلاف المرات وهذا يجعلنا فى دائرة جهنمية.. ولذلك أصدر الكونجرس الأمريكى قرار بألا يتخذ قرار الحرب فى أى صراع نووي.. إلا بشر.. أى الرئيس الأمريكى القائد العام للجيوش الأمريكية.. وقالوا.. لا يمكن ان تترك قرار الحرب لحسابات الآلات الذكية.. مهما كانت.
.. ولذلك طالب الصقر الإستراتيجى الأمريكى هنرى كيسنجر فى سنواته الأخيرة بضرورة إجراء حوار بين القوى التكنولوجية فى العالم من أجل الحد من أسلحة الذكاء الصناعي.. لأنها أخطر أنواع الأسلحة على الإطلاق.. منذ اختراع الأسلحة النووية.
الحكم للروبوت
بل وقالوا.. لابد من وضع قيود وحدود للسرعة التى تعمل بها هذه الآلات الذكية.. التى يمكن ان تحكم العالم ذات يوم!! فلم يحدث من قبل أن تمكن الإنسان من التفوق بسرعته العادية على أية آلة أو تكنولوجيا قام باختراعها.. وربما كان هو قدر الإنسان أن يقوم باختراع الآلات.. لكن العقاب.. أصبحت هى أخطر أزمة يواجه البشرية ان تجد نفسها تحت سيطرة آلات ذكية وعاقلة.
ولذلك حذر هنرى كيسنجر فى كتابه الأخير «عصر الذكاء الصناعى ومستقبلنا الإنسانى» من مخاطر أسلحة الحرب الذكية الجديدة ومن مخاطر تدخل آلات الذكاء الصناعى عميقة التفكير.. وسريعة التفكير فى قرارات الحرب والسلام فى هذا العالم.
وتساءل كيسنجر.. وقال كيف سوف يمكننا التفاعل مع الات الذكاء الصناعى وأجهزة كمبيوتر «التفكير العميق».. مع القضايا الإستراتيجية الكبري.. الخاصة بالحرب والسلام فى هذا العالم.. الجديد.. الذى يخطو.. نحو المجهول فى القرن الحادى والعشرين.