.. جاء فى المعاجم اللغويه بمعنى الجاهلُ بالأمور، من لا دراية له ولا خبرة ورغم هذا فهو جريءُ يقدم باندفاع وتهور نحو مايريده وليس هناك من يمنعه باقناعه بالعواقب الوخيمة.
الغشيم فى الأصل هو تعبيرعن الحاطب فى الليل الذى يقطع كلَّ ما تطوله يده بلا نظر ولا فكر ويأتى أيضاً بمعنى اليابسُ القديم من النَّبْات أو للدلالة على الحجر الأصم غير المنحوت وللتعبير عن الظالم الوحشى الذى لا يفرق بين الجانى والمجنى عليه.
.. من هنا فهى صفة يحملها غالباً ضعيف العقل أو الذى نشأ فى بيئة القهر ولم يتح له اندماج اجتماعى كفؤ يمنحه القدرة التلقائية على التصرف على نحو مقبول مما يضره ويضر غيره وهو فى الواقع ضحيه ومسكين وكذلك كل من يكون طرفا فى تعاملات معه.
.. الكارثة قطعا تكون عامة إذا ماكان من طائفة صناع القرار لذلك أتصوران علوم الإدارة على وجه الخصوص يتحتم ان تتضمن فرزاً وتأهيلاً نفسياً لدارسها يوفر صلاحية عقلية ونفسية تكفى للوقاية من أخطار الغشم وهى العلوم التى تعد دراستها من مسوغات تعيين كل من يعمل فى ادارة أى عمل ولو كان بسيطاً.
.. الغشم كان له اليد الطولى فى التاريخ البشرى وللدلاله على ذلك يكفى رصد أعداد ضحايا النزاعات والحروب التى خلفت قتلى ومصابين وجوعى بالملايين عبر الزمان فضلاً عن الخراب والدمار وكذلك جرائم القتل الجماعى والفردى والاخطاء البشرية الناتجه عن الجهل والاهمال والعشوائية والتهور جميعها نتيجة أسباب لا تخلو من غشم
.. الغشيم لا يعترف أبداً أنه كذلك وإلا كان قد منح نفسه فرصاً ليتعلم كيف يتجنب المزيد من عواقب النقص لذلك لا بديل عن أجراء جماعى قسرى لابعاده عن المسئولية حتى عن ذاته ودفعه للصفوف الخلفية رهن إعادة تأهيله
.. السينما المصرية قدمت الغشيم فى أدوار متنوعة وكان للكوميديا نصيب الأسد منها يبرز فيها العملاق الراحل عمر الحريرى الذى جسد شخصية المهندس فريد فى فيلم سكر هانم الغشيم الطيب بنمط كوميدى ومثالى الى حد ما والمثالية هنا انه يعرف ويعترف انه كذلك مكتفيا بتقليد كمال الشناوى فى سلوكه تجاه محبوبته الغشيم يحب ولكنه لا يعرف كيف يحب كما انه لا يعرف كيف ومن ومتى يكره وهو ما يوقعه فى ورطات متتالية قد تكون كوميدية فى الرواية ولكنها كارثية فى الواقع.
.. نظرة عابرة تكفى لملاحظة البصمات الواضحة للغواشم فى كل المواقع إلا أن كل مجال يختلف عن الآخر فى حجم تأثيره بالطبع وتبقى الأسرة فى تقديرى هى الأهم.
.. أولى مراحل إجلاء الغشم عن الإنسان هى مرحلة النشأة الأولى يتحتم أن تكون وفق معايير صحية تنتج كياناً متوازناً نفسياً مع الذات والبيئة المحيطة من خلال خلية أسرية ناضجة تعرف أسس بناء الإنسان ويلى ذلك مراحل أخرى تتولاها الكيانات التعليمية والدينية والاجتماعية.
.. والسؤال الأن هل نملك على المستوى العام ثقافة تربية طفل !؟ من يعلمها لمن وأين؟ هل تنجح فحوصات ما قبل الزواج الروتينية عديمة الجدوى فى رصد المرضى عموما وبالغشم خصوصاً بغرض إعادة تأهيلهم قبل الزواج!؟ ليس فقط للحد من تعاظم نسبة الطلاق ولكن لتجنب إنجاب غواشم جدد !! المؤسسات المعنية بالطفل والمسئولة عن مستقبل الوطن هل يملكون أجابة؟