ارتبط لفظ «الغيرة» فى أذهان الكثيرين منا بصفة ذميمة تلازم المرء فى حياته وتعنى ضمن ما تعنى لدى العديد من الناس تمنى زوال النعم مثل الحسد تماماً المذكور فى آى القرآن الكريم.
ولكن ما أود الإشارة إليه فى هذا المقام ليست الغيرة المتعارف عليها بين الناس قديماً وحديثاً والتى تبعث على الشر دوماً ولكن أريد هنا التنويه عما يسمى بـ «الغيرة المحمودة» بين الشعوب.. بحيث ننظر إلى شعوب العالم المتقدم فى المجالات المتنوعة ونحاول الأخذ بالأسباب والسعى الحثيث حتى نصل إلى ما وصلوا إليه.. فعلى سبيل المثال لو نظرنا إلى دول الشمال الأوروبى سنجد دولاً مثل فنلندا والنرويج وغيرهما بلغت درجة كبيرة فى مجال التعليم خاصة فى المراحل قبل الجامعية.. وكذا أيضاً وفى ذات المجال اليابان.. فهنا ما المانع من محاولة نقل تجارب هذه الدول فى ذات المجال وقد أحسنت مصر صنعاً حينما سعت إلى إنشاء العديد من المدارس اليابانية فى الكثير من محافظات الجمهورية.. كذلك الخطوات التى تتخذها وزارة التعليم من أجل تطوير المناهج لتواكب مثيلاتها العالمية وتطوير نظم التعليم قبل الجامعى.
دول مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة.. تنظر إليها شعوب العالم الثالث نظرة الغيرة المحمودة.. ذلك لأن مجالات التفوق فيها كثيرة ولعل الصيت الكبير الذى تتمتع به هذه الدول فى المجال الطبى خير دعاية لها ففى بريطانيا توجد الكلية الملكية فى تخصصات الطب المختلفة وهى فى ذات الوقت «قبلة» العديد من أطباء العالم وكذا فرنسا تشتهر بين قريناتها الأوروبيات بأنها إلى جانب صناعاتها العسكرية المتقدمة كان لها باع كبير فى علاجات الأورام المختلفة.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فحدًّث ولا حرج.. فهى والقوة الأولى اقتصادياً وعسكرياً وبعيداً عن النظام السياسى فيها.. فهى نموذج «حُلم» لكثير من الشعوب من حيث مستوى المعيشة المرتفع والدخول.. أيضاً من حيث مجالات الصناعة فإنها لم تجد من ينافسها اللهم إلا الصين خلال الأعوام القليلة الماضية.
ما ذكرته هنا نماذج قليلة لعدة دول يُنظر إليها على أنها «القدوة» فى مجالاتها ومن هنا فإن التطلع لأن نماثلها ونحذو حذوها.. ليس أمراً معيباً لذا فالغيرة من جانب الدول والشعوب والسعى حتى نصل إلى ما وصلت إليه أمر محمود طالما صفت النوايا وكان الحكام والمحكومون على قلب رجل واحد.. هنا وهنا فقط سنجد تلك الدول تنمو وتتطور سريعاً ولا أدل على ما أقول من نموذج دول النمور الآسيوية فى جنوب شرق آسيا التى سعت بجد وكللت جهودها بالنجاح وها نحن نشاهد دولاً مثل كوريا وماليزيا وسنغافورة تخطو سريعاً نحو منصات الدول الكبرى صناعياً.. وفى القريب سنجد النموذج «المصرى» يحذو نفس الحذو على طريق التقدم والرقى.