فلنعمل معًا على بناء مجتمع أكثر إنسانية
فى الآونة الأخيرة، تصدرت الأخبار مجموعة من الحوادث التى تعكس تصاعدًا فى ظاهرة العنف المجتمعى وغيابًا لافتًا للقيم الإيجابية والإنسانية، ولعل أبرز هذه الحوادث هو ما شهدته محافظة الأقصر، حيث قام شاب مدمن بارتكاب جريمة مروعة عندما ذبح جاره أمام المارة، وسط حالة من الذهول والجمود من قبل المتواجدين الذين اكتفوا بالمشاهدة دون أى تدخل يُذكر.
هذا المشهد الذى يحمل دلالات خطيرة، ليس حالة منفردة، بل يُضاف إلى سلسلة من الحوادث التى تكشف عن أزمة أخلاقية واجتماعية متزايدة فى المجتمع، ففى إحدى المدارس الدولية بالتجمع الخامس تعرضت أيضا طالبة لاعتداء وحشى لفظى وجسدى من زميلاتها، فى مشهد صادم شهد تصفيقًا وتشجيعًا من باقى الحاضرين، إلى ان تم تصوير الواقعة ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.
ولا يمكن الحديث عن هذه الظاهرة دون التطرق إلى حادثة مقتل عقيد شرطة فى الفيوم، والتى تمثل مثالًا آخر على اتساع دائرة العنف التى لم تعد تستثنى أحدًا، مهما كانت مكانته أو دوره فى المجتمع.
من وجهة نظرى ان المؤلم فى هذه الحوادث ليس فقط وقوعها، وإنما السلبية التى باتت تحكم سلوكيات المجتمع، حيث أصبحت المشاهدة دون تدخل، التصوير بدلاً من المساعدة، والصمت بدلاً من الوقوف ضد الظلم، سمات واضحة للكثيرين، هذه السلبية التى تتعارض مع القيم الأخلاقية والدينية التى نشأنا عليها، هى انعكاس لتراجع الوعى وضعف دور المؤسسات التربوية والدينية والثقافية فى تعزيز القيم الإنسانية.
أعتقد انه يمكن إرجاع هذه السلوكيات إلى عدة عوامل متشابكة، أبرزها غياب التربية الأخلاقية،وانتشار المحتوى العنيف على السوشيال ميديا وتأثيره السلبى على السلوك العام، بالإضافة إلى الإدمان، وايضاً التكنولوجيا والتواصل الاجتماعى من حيث تصوير الأحداث ونشرها بديلًا عن التدخل الإيجابي، بجانب ضعف الوعى المجتمعي.
رسالتى إلى الجميع هى إن مسئولية التصدى لمظاهر العنف والسلبية فى المجتمع لا تقع على عاتق جهة واحدة، بل هى مسئولية مشتركة تبدأ من الأفراد وتنتهى بالمؤسسات، فلنعمل معًا على بناء مجتمع أكثر إنسانية، تسوده قيم الرحمة والتكاتف، ويقف فيه الجميع فى وجه الظلم بدلًا من الاكتفاء بالمشاهدة أو التصفيق.