التعليم الجيد سبب نهضة الأمم وتقدمها.. كما حدث فى سنغافورة وكوريا الجنوبية واليابان وفنلندا والسويد والنرويج.. التعليم خير استثمار تقوم به الدول.. وهذا ما فعله مهاتير محمد أثناء عمله كوزير للتعليم فى ماليزيا، ثم عندما رأس مجلس الوزراء.. واستطاع أن يرتقى بالدولة إلى أن تصبح إحدى قوى «النمور الاقتصادية» الآسيوية.
نحن لدينا نماذج كثيرة لمؤسسات تعليمية ناجحة ومشرفة فى عديد من المحافظات.. تقوم بتقديم خدمات التربية والتعليم على أعلى مستوى مهني.. كل من يعمل بها من المصريين.. وتتبع المعاهد القومية أو مسميات أخرى كثيرة.. وكلها تخضع لإشراف وزارة التربية والتعليم.. ولكنها تتمتع بنظم إدارية ومالية مرنة ومتطورة وواعية.. بعيدة كل البعد عن الرؤية المنغلقة البالية للنظم الإدارية التى عفى عليها الزمن.. هذه المدارس تتقاضى مصروفات بسيطة ومقبولة.. ولا تكلف الدولة أى أعباء مالية.. بل بالعكس.. البعض منها يمثل مورداً مادياً للوزارة.. وكل من يدرس فيها ويتخرج منها شباب يشرح القلب.. علم وتربية وشخصيات قيادية تتمتع بالتميز والمواهب والإبداعات.. نحن بحكم توجهنا للعمل مع الشباب عملنا مع الكثير من هؤلاء الطلبة والطالبات.. وعملنا فى الكثير من هذه المدارس.. والله نماذج من أولادنا وبناتنا تنشرح لهم الصدور ونسعد بالعمل معهم.. والأمثلة كثيرة جدا ولا مجال لحصرها.
نزور أيضا مدارس حكومية أخري.. ولكنها مختلفة تماما.. هذه المدارس يقال إنها مجانية.. فالمدرسة لا تتقاضى مصروفات تذكر.. ولكن.. وكما نسمع من الأهالى هناك أعباء مالية كبيرة يتحملها أولياء الأمور من أجل ضمان حصول أولادهم وبناتهم على التحصيل الدراسى الكافى لاجتيازهم المراحل التعليمية المرغوبة.. وأهمها بالطبع الثانوية العامة.
التاريخ يقول إن محمد على وطه حسين نادوا وطبقوا مجانية التعليم فى مصر.. وبذلك أصبحت كل مراحل التعليم فيها.. بما فى ذلك المرحلة الجامعية مجانا.. أى أن الدولة توفره للجميع دون أى مقابل.. فى تلك الأيام كانت أعداد الطلبة قليلة والموارد متاحة إلى حد ما والمنظومة التعليمية متطورة ومتميزة.. واستطاعت أن تنشر العلم والمعرفة.. والخلق الحسن.. ليس فى مصر وحدها.. يل وفى الكثير من البلدان العربية الأخري.
تزايدت أعداد البشر.. وكثرت الحروب والهموم.. وتغلب الاهتمام بالأرقام على حساب النوعية.. فتقلصت المكانة المتميزة للمنظومة التعليمية الحكومية فى البلد.. والحلول أمامنا وبين أيدينا.. فأعتقد أن الكثير منا قد يوافق على أن التعليم «أبو بلاش» ليس «ببلاش»، وفى نفس الوقت الناتج منه لا يحقق طموحاتنا فى أن تكون الأجيال القادمة على علم وخلق متقدم وحضاري.