حين نتحدث عن حاضر ومستقبل العلاقات المصرية – الصينية، فإننا لا نستطيع إلا أن نسجل تطوراً ايجابياً كبيراً، وعلاقات متينة بين أقدم حضارتين فى تاريخ البشرية .. مصر والصين.
وهنا أشير الى محورين فى غاية الدلالة : الأول هو مواكبة العلاقات الدولية فى العالم الجديد .. والمحور الثانى هو اقتراحات عملية محددة لمستقبل العلاقات الاقتصادية المصرية – الصينية.
ولن أذهب الى أرقام التبادل التجارى فقط بين مصر والصين، لأنها لا تعكس كل المستقبل، وعموماً نقول انها بلغت ما يقرب من 16 مليار دولار فى العام الماضى 2023، وهى لا تعكس أهمية وفرص العلاقات الاقتصادية المصرية – الصينية للطرفين، حيث ستكون هناك آفاق واسعة، وفرص استثمارية ضخمة بين مصر والصين فى ضوء الزيارة التاريخية للرئيس عبدالفتاح السيسى لحضور المؤتمر الوزارى للمنتدى العربى – الصينى فى بكين.
وهناك تحول اقتصادى مؤثر ومهم بانضمام مصر الى مجموعة البريكس الاقتصادية القوية، والتى يتزعمها الاقتصاد الصيني، حيث أصبحت المجموعة الآن تضم 10 دول تمثل ما يقرب من 48٪ من سكان العالم، وحوالى 30٪ من الناتج المحلى العالمي.
وحيث تقدمت الصين تقدماً مذهلاً ومشهوداً فى التكنولوجيا والصناعة بكافة المجالات والقطاعات الصناعية، وبمعايير جودة عالمية، فى ذات الوقت الذى تعمل مصر بمفهوم التنمية المستدامة من خلال توطين الصناعة فى مصر، وهو توجه مهم من أجل فتح آفاق واسعة للشباب فى مصر، وخلق فرص عمل، وفتح مصانع مصرية بتكنولوجيا حديثة (ويمكن للصين التعاون معنا بخبرتها فى ذلك).. وبالتالى تكون لدينا منتجات جيدة، تزداد جودة بالخبرة مع السنوات، من أجل سد الاحتياجات الداخلية للسوق المحلية، ثم التصدير والمنافسة فى الأسواق الخارجية.
وهو كما نرى يصب فى صالح اليوم وغداً، لنعمل من أجل الأجيال القادمة ايضاً.. لهذا تسمى التنمية المستدامة.
أما اذا تطرقنا الى الشراكة الاستراتيجية التى تم توقيعها بالفعل كمبادرة منذ عشر سنوات بين مصر والصين، فهى ليست مصطلحاً وانما أسلوب عمل لدعم الاقتصاد فى مصر والصين، من أجل تحقيق المصالح المشتركة، خاصة وأن مصر عضو فى مبادرة الحزام والطريق المهمة للمنطقة والاقليم والعالم ضمن 160 دولة وقعت على هذه المبادرة.
هى زيارة تاريخية فى سجل البلدين الصديقين مصر والصين.. تؤسس من خلال القيادتين الكبيرتين الى حاضر مزدهر، ومستقبل واعد. وأخيراً نشير الى أن هذا التفاهم والإرادة السياسية فى التعاون الاقتصادى هو ما جعل أكثر من 140 شركة صينية تعمل فى مصر بثقة، وتبنى معنا حاضرنا ومستقبلنا بمفهوم التعاون والتقدم والرخاء، خاصة وأن مصر بلد آمن مستقر سياسياً واقتصادياً وسط تحديات غير مسبوقة فى الشرق الأوسط، بل وأزمات اقتصادية عالمية. وهنا نسجل ومن خلال اقتراحات عملية محددة لمستقبل العلاقات الاقتصادية المصرية – الصينية ، نتطلع الى تأسيس مناطق صناعية جديدة ومتعددة فى كافة الصناعات (سيارات – أدوية – أجهزة طبية – أجهزة منزلية – أجهزة الكمبيوتر والمحمول) بتكنولوجيا وخبرات صينية على أرض مصر الرائدة افريقياً وعربياً وشرق أوسطياً فى الصناعة، ويمكن البدء بالتوسع فى الصناعة الوطنية من خلال مفهوم «توطين الصناعة» بمساعدة الصين، حيث لدينا سوق استهلاكية محلية كبيرة، وأسواق أفريقية واعدة، مع وجود اتفاقيات دولية تفضيلية فى افريقيا وآسيا وأوروبا، وأيد عاملة قابلة للتدريب والتعلم، فنخلق فرص عمل للشباب من ناحية، ونجذب استثمارات صينية مباشرة من ناحية أخري، وهذه استثمارات آمنة لأصدقائنا فى الصين، ولتكن الأولوية فى علاقاتنا بالصين الصناعة ثم التجارة والسياحة والثقافة.