فى تأمل كتاب «العقيدة الإسلامية كما جاء بها القرآن الكريم» لمؤلفه العالم المجتهد الجليل الشيخ محمد أبوزهرة يتوقف المتأمل أمام أمرين أمام مقدمة هيئة كبار العلماء التى جاءت جامعة مانعة بسيطة مركزة فكانت مقطوعة من الأدب الرفيع شديد التماسك والتمازج بحيث لا يكاد القارئ يستغنى عن جملة من جملها كما أنها حكت قصة الكتاب وأهميته وما طرأ عليه منذ كان بحثا فيما يزيد قليلا على 60 صفحة حتى حالته التى نقرأه عليها الآن.
أما النقطة الثانية فتتمثل فى تخلى هذه الطبعة الحديثة التى جاءت هدية على عدد ذى القعدة من مجلة «الأزهر» من مقدمة الأديب والشاعر الكبير والعالم الجليل الدكتور محمد رجب البيومى التى جاءت مقدماته إبان رئاسته للمجلة بمثابة الإضافة الكاشفة سواء للمؤلف أو لموضوع الكتاب ولا أدرى إن كانت مجلة الأزهر قد فكرت فى جمع هذه المقدمات فى كتاب كنموذج من الأدب الرفيع فى فن التراجم أم لا؟
فى حديثه عن وحدانية الله سبحانه وتعالى يتناول وحدانيته سبحانه فى ذاته ووحدانيته فى عبادة الخلق له فلا معبود إلا هو ووحدانيته فى الخلق والإنشاء.
أما عن الوحدانية فى الذات فأصلها فى قوله تعالى: «ليس كمثله شىء وهو السميع البصير» وإذا كان القرآن الكريم وهو كلام رب العالمين الذى وصف ذاته فيه بالقدرة والإرادة والحياة إلى آخر الصفات التى قد يوصف بها الخلق وكذلك سمى نفسه بأسماء قد يسمى بها الخلق فإن المؤلف ينبه إلى أن ما يضاف إلى الله من أسماء وصفات يليق بالله الخالق غير المحدود فى كل شىء وما يضاف للناس من نفس هذه الصفات يليق بالمخلوقين المحدودين فقدرة المخلوق محدودة ولها سقف لا تتجاوزه وقدرة الله مطلقة غير محدودة فلا سقف لها.
وبعد أن يستعرض المؤلف رؤيته لوحدانية الذات التى تدور حول قوله تعالى «ليس كمثله شىء» على عكس من يجسمونه ويضعون له تصورا محدودا بحجم وشكل وحركة فى مساحة يقوم المؤلف باستعراض ما قاله الإمام «الأشعرى» وهو على بن اسماعيل بن إسحاق أبو الحسن الأشعرى: إن الله واحد أحد ليس كمثله شىء وهو السميع البصير ليس بجسم ولا شبح حتى يقول ولا بذى يمين وشمال وأمام وخلف ولا يحيط به مكان ولا يجرى عليه زمان.. ولا يوصف بشىء من صفات الخلق الدالة على حدوثهم حتى يقول وكل ما خطر على البال وتُصُوِّربالوهم فغير شبيه له.. عالم قادر حى لا كالعلماء القادرين الأحياء..»
والكتاب حوار شائق جناحاه النقل والعقل يديره المؤلف مع مخالفيه الذين يتشبثون بظاهر النصوص حول ما اختلف فيه من قضايا العقيدة بل يعتمد فى كثير من آرائه على آراء العلماء الذين نسب المخالفون له إليهم آراء لم يقولوها كالإمام أحمد بن حنبل.