عندما تشن بعض وسائل الإعلام العالمية هجوما «مباشرا أوغير مباشر» على مصر.. فتش عن الصهيونية.. عندما تتعرض مصر لضغوط خارجية سياسية واقتصادية.. فتش عن الصهيونية.. عندما تحاول دول كبرى ممارسة «أساليبها الخشنة» مع مصر.. فتش عن الصهيونية.. فتش عن الصهيونية ورجالها.. وجواسيسها.. وخدمها.. وألسنتها.. وأذرعها .. وأدواتها.. فتش عن الصهيونية لأنها ترى فى مصر «العدو الأول».. والعقبة الكبري.. وحائط الصد المهيب.. الذى يحول دون تحقيق أحلام وأطماع إسرائيل فى المنطقة.. مصر هى التى فى مقدمة من يتصدى للمخططات الصهيونية فى الأراضى العربية منذ موجات الهجرة اليهودية الأولى إلى فلسطين والتى سبقت حرب «1948».. تتصدى مصر للمخططات الصهيونية منذ تلك الفترة وحتى الآن وستستمر إن شاءالله سبحانه وتعالي.. ولعل وقوف مصر بقوة ضد المشروع «الصهيو أمريكي» الخاص بتصفية «القضية» وتهجير الشعب الفلسطيني.. لعل وقوف مصر ضد هذا المشروع «الصهيو أمريكي» لخير دليل على ما تعنيه مصر وما تمثله بالنسبة للصهيونية وخدمها.. لذلك تلجأ الصهيونية دائما لمحاولة النيل من مصر نتيجة لمواقفها الثابتة والتاريخية تجاه «قضية الأمة الأولي» وهى القضية الفلسطينية.. رجال وخدم وجواسيس وألسنة الصهيونية كثيرون ومنتشرون فى أنحاء العالم.. تجدهم على مداخل ومخارج دوائر صنع القرارات الدولية الحاسمة.. لايغادرون بوابات غرف التحكم فى مفاصل الاقتصادالعالمي.. ولايتركون مراكز إمداد الإعلام ووسائله فى أى عاصمة من عواصم الغرب أوروبية كانت أم أمريكية.. قد يكشف صاحب «البصمة الصهيونية» عن نفسه فى بعض الأحيان.. لكن فى الأحيان الأخرى «وهى الأكثر» تظل هذه البصمة «مجهولة المصدر الحقيقي».. فتش عن الصهيونية عند أى محاولة مساس بمصر.. فتش عنها لأن الصهاينة يعلمون ويدركون جيدا أن «أصل الرواية وأصل الحكاية» هو أن القضية الفلسطينية هى «قضية مصرية».. لن تتوقف الصهيونية عن محاولات استهداف مصر.. بدأت ذلك قبل أكثر من ثمانين عاماً ومازالت تواصل استهدافها ولن تتوقف.. لكنها لن تستطيع ولن تمر بإذن الله .. فى كل مرة وفى كل محاولة تستيقظ الصهيونية على «رد التاريخ»!
وقع تحت بصرى واحد من أهم الكتب التى تناولت «الصهيونية» ونبهت وحذرت من خطرها على مصر والدول العربية بل والعالم أجمع.. هذا الكتاب والذى سيكون إن شاء الله سبحانه وتعالى مصدر رسائلنا اليوم هو واحد من أروع الأعمال التى قام بها المفكر والأديب الراحل عباس محمود العقاد والذى عاش فى الفترة من»عام 1889 وحتى 1964».. إنه كتاب «الصهيونية العالمية».. فى هذا الكتاب يتناول العقاد بإسهاب «تأصيلى تاريخي» الصهيونية ونشأتها وتطورها.. وكيف امتدت وتغلغلت فى مواقع النفوذ العالمي.. ويشير العقاد فى كتابه إلى العديد من الوقائع التاريخية التى تؤكد مدى الخطر الذى تمثله الصهيونية على الإنسانية كلها.. كما يتعرض العقاد فى الكتاب أيضا إلى «الأسلحة الناعمة» التى تستغلها وتلجأ إليها الصهيونية من أجل التحكم فيما يجرى فوق «مسرح الأحداث الدولي» حتى يسهل عليها تحقيق أهدافها السرطانية وفى المقدمة منها إقامة «إسرائيل الكبرى».. يوضح العقاد كيف أن الصهيونية وخدمها وجواسيسها يعملون بشتى الطرق على تدمير كافة الثوابت والتقاليد الإنسانية التى تحكم المجتمعات.. فالصهيونية وخدمها وجواسيسها.. كما يوضح العقاد.. تعمل على محاربة الأخلاق فى كل مكان.. تحارب الأخلاق والدين والأعراف وتسعى إلى تقسيم وتفتيت الدول.. وإلى جانب ذلك كله تحاول الصهيونية جاهدة فى إثارة النزاعات والحروب فى مختلف بقاع العالم لكى يتحكم رجالها أكثر وأكثر فى زمام الأمور فى الكرة الأرضية.. فتش عن الصهيونية عند كل ضرر وكل خطر يهدد العالم.
فى كتابه «الصهيونية العالمية» يقول عباس محمود العقاد: «الطوابير» أو الجواسيس هم مصدر القوة الكبرى للصهيونية العالمية.. ذلك لأن الجواسيس «أو الطوابير» منتشرون فى كل بلد.. متفقون على الحقد والضغينة.. مطلعون على أسرار الدول وأسرار الشركات وأسرار المجتمعات.. ولا توجد قوة فى العالم تنتشر هذا الانتشار وتتفق على الحقد والضغينة هذا الاتفاق وتطلع على الأسرار وعلى وسائل استغلالها هذا الاطلاع.. ويقارن العقاد بين جواسيس الصهيونية وغيرهم من الجواسيس الذين تجندهم دول للعمل ضد دول أخري.. حيث يشير العقاد إلى الخطورة والإجرام والشراسة التى «يتفرد» بها الجاسوس الصهيونى عمن سواه.. يقول العقاد فى ذلك: الجاسوس الذى يعمل لصالح دولة قريبة أو بعيدة غير الجاسوس الذى يعمل لصالح نفسه وجنسه.. هذا الجاسوس «الصهيوني» يعتقد فى عمله أن الإله يبارك فى حقده وشره ويتكفل له بالنصر على أعدائه.. وقلما يتمكن جاسوس فى بلد من البلدان كما يتمكن منه الصهيونى المقيم فيه المرتبط بمعاملاته وعلاقاته.. طوابير الصهيونية المنتشرون فى العالم «كما يقول العقاد» يتجاوزون الملايين «ظاهرين ومستترين».. ويضيف عباس محمود العقاد: إن هؤلاء الصهاينة المنتشرين هنا وهناك فى أنحاء العالم يطلعون على أسرار الدول والمعاملات المالية بحكم صناعتهم.. إذ كانت الصناعة الأولى التى توارثوها هى صناعة الصيرفة والسمسرة المالية.. وهى أحوج الصناعات للاطلاع على الأسرار.. لأن سراً واحداً عن الحرب أو الصلح قد يعمر الخزائن بالملايين وقد يخرب الخزائن ذات الملايين.. أعمال الصيرفة والسمسرة بالتأكيد ليست حكرا على الصهيونية فهناك صيارفة كبار من غير الصهاينة وهناك «البيوت المالية» فى جميع الأمم والقارات.. ولكن «الشبكة العالمية» وقف على الصهيونية العالمية فلا توجد شبكة مثلها للصيرفة والسمسرة تضارعها فى الانتشار.
يسرد عباس محمود العقاد فى كتاب «الصهيونية العالمية» عددا من الوقائع التاريخية التى تبين المدى الذى وصل إليه التغلغل الصهيونى فى دوائر صنع القرار داخل القوى المؤثرة فى العالم.. وكيف وظفت الصهيونية هذا التغلغل لخدمة إسرائيل.. وصل التغلغل الصهيونى إلى درجة جعلت قادة الصهاينة يبشرون بالحرب العالمية الأولى قبل وقوعها بعشر سنوات.. والحرب العالمية الثانية قبل اندلاعها بعامين!!!.. يقول العقاد: إن الكاتب الإنجليزى شسترتون ذكر فى كتاب «فاجعة السامية وعداوتها» أن سفينة خرجت من ميناء فى أمريكا اللاتينية أثناء الحرب العالمية الأولى وأرادت بريطانيا أن تردها.. فلجأت هذه السفينة إلى بيوت رجل المال الشهير «روتشيلد».. وكان نتيجة ذلك أن وقفت السفينة حيث شاءت.. واستطاع المال فى هذه الواقعة أن يفعل ما لم تستطع فعله القوة العسكرية البريطانية.. لأن القوة العسكرية تخشى عواقب المناورات السياسية وتتقيد بالقانون الدولى وتخاف من سوء السمعة.. ولكن المال يفعل فعله سرا دون أن يعلم أحد بمن عمل ولماذا عمل !!.. وفى واقعة أخرى ينقل العقاد عن شسترتون أنه: قبل الحرب العالمية الأولى بعشر سنوات تم تقديم عرض لقادة الصهيونية بإقامة وطن لهم فى إحدى الدول غير فلسطبن لكن هؤلاء القادة الصهاينة رفضوا العرض.. القادة الصهاينةبرروا رفضهم هذا بأن «حربًا عالمية قادمة فى الطريق!!» وأن فلسطين خلال تلك الحرب تنتقل عن طريق الهبة إلى بريطانيا!!.. ويضيف العقاد عن شسترتون أيضا : أنه قبل الحرب العالمية الثانية بعامين حدث أن يهوديا بريطانيا بارزا تحدث إلى أحد المسئولين هناك عن عدد من المشروعات التى ينوى إقامتها وأنه قال إنه سيقيم هذه المشروعات بعد «الحرب العالمية الثانية».. عرف اليهودى البريطانى بقيام الحرب العالمية الثانية قبل وقوعها بعامين!!.. ويواصل عباس محمود العقاد سرد الوقائع الكاشفة والدالة حول الصهيونية العالمية فيقول إن الوثائق الإنجليزية والصهيونية تحدثت عن أن بعض القادة الصهاينة تحدثوا وأعلنوا صراحة عن تولى السياسى الإنجليزى الشهير «تشرشل» مكانا بارزا فى الحكومة البريطانية قبل أن يحدث ذلك.. وعندما حدث ذلك كان تشرشل مؤيدا للمطالب الصهيونية التى تقدم بها يهود بريطانيا!!.
يؤكد عباس محمود العقاد أن «المال» متمثلا فى الصيارفة والسماسرة.. كان وسيلة من أبرز الوسائل التى استغلتها الصهيونية العالمية لإنشاء وتكوين «طابور خامس» لها فى أماكن عديدة مؤثرة.. هذا الطابور الخامس الصهيوني.. كما يشير العقاد.. استغل المال والصيرفة والسمسرة فى الاطلاع على أسرار «الحروب المقبلة» وتوظيف ذلك لمصلحة الصهيونية.. هذا الطابور الصهيونى له من الوسائل ما يتسلل به إلى مراكز الوزارات والمجالس النيابية.. يقول العقاد إن رجل المال اليهودى الأشهر «روتشيلد» لخص العلاقة بين التحكم فى المال والاقتصاد وبين السيطرة على الدول والشعوب بقوله «مكنى من إصدار النقد والإشراف عليه فى أمة من الأمم.. ولا أبالى بعد ذلك من يشرع لها القوانين»!!.. ونواصل إن شاء الله