أحببتها حبي لبلادي، فهي صورة مشرقة ومشرفة للمرأة المصرية الواعية الوطنية الأصيلة، وكثيرا ما تقفز صورتها أمام عيني بملامحها شديدة المصرية ومواقفها عميقة الوطنية وتجردها الإنساني في رحلة عطائها المتجدد، – أدام الله عليها الصحة والعافية – واستلهم من فيض وطنيتها ما يعينني على أداء رسالتي بقوة وصبر وجلد وتجرد وعزيمة لا تلين، استدعى صورة فايزة أبوالنجا مع عشرات ومئات الصور لمصريين عظماء قدموا لوطنهم طواعية كل ما يملكون حبا وإيمانا بغير شروط.
>>>
سعد زغلول ومصطفى النحاس ومصطفى كامل وفهمي النقراشي ولطفي السيد وثروت عكاشة وخالد محيي الدين ومحمد حسنين هيكل ومنصور حسن وبطرس غالي وحكمت أبوزيد وعائشة راتب وأحمد جويلي ومئات غيرهم نقف امام سيرتهم ومسيرتهم بالفخر والاعتزاز وصولا إلى شخصيات بحجم عمرو موسى وأحمد أبوالغيط وفايزة ابوالنجا وكثيرون غيرهم مازالوا في عطائهم الوطني يغدقون، انظر إلى هذه الشخصيات فأراني مدينا لهم ومقصراً في حقهم أجمعين.
>>>
عندما يمر أمام عيني ألبوم صور هذه القامات الوطنية وتتفاعل الذاكرة بما تحويه من سير عظيمة لهؤلاء العظماء مع هذه الملامح المصرية فتتبدى المواقف والبطولات فأشعر بوميض يسري في جسدي المنهك بحب هذا الوطن فتعود اليَ حيويتي وطاقتي الإيجابية التي تتعرض لعمليات سحب جائر تحت وطأة مرارة الواقع وتحدياته التي نتنفسها على مدار الساعة، أعود إلى سيدتي العظيمة فايزة أبوالنجا هذه السيدة التي عملت طوال حياتها بجد واخلاص وتفان وتجرد فحققت نجاحات وانجازات فتح لها التاريخ صفحاته لينهل من فيضها وصدقها ما يزين صفحاته.
>>>
فمنذ ان التحقت بوزارة الخارجية كدبلوماسية وسفيرة عام 1975 ثم وزيرة للشئون الخارجية فوزيرة للتعاون الدولي ثم التخطيط وصولا إلى منصبها الحالي كمستشارة لفخامة الرئيس السيسي للأمن القومي لم تتوقف هذه السيدة عن العطاء، اقف امام مواقفها الوطنية فخورا معتزا متفائلا بأن مصر كبيرة وغنية بأبنائها وبناتها المخلصين، لكن لماذا اكتب عنها الآن، هل لأننا نحتفل بأعياد تحرير سيناء وقد كانت فايزة أبوالنجا أحد أعضاء فريق التفاوض التاريخيّ بشأن طابا ؟ أم أنني قابلتها مؤخرا وتحدثنا فتذكرت ما يجب ان يقال في حقها الآن ؟
>>>
الحقيقة لا هذا ولا ذاك، ببساطة كنت اجلس أفكر مليا فيما يدور حولي من أمور الشأن العام والظروف الضاغطة التي تمر بها البلاد وحالة اللامبالاة والسطحية التي اصابت الكثير من نخبنا، وكذلك حال بعض المسئولين في بعض مؤسسات الدولة، كانت تلك الصور وتلك تمر مبعثرة أمام خاطري، وكانت بعض عبارات وتعليقات الرئيس السيسي تكاد تخترق مسامعي إلى اعماق أعماقي وهو يتحدث عن بناء دولة تليق بمصر بتاريخها وجغرافيتها، وعن التضحيات الواجبة علينا جميعا في سبيل الحفاظ على سيادتنا، وعن ضرورة التماسك الوطني وعن أهمية الوعي والفهم الصحيح، وعن التجرد والزهد،
>>>
كنت أفكر في كلام الرئيس وفهمه العميق ودعواته الإصلاحية المتتالية، ووقفت عند خصلتين من خصال الرئيس متأملا، خصلة التجرد التام تجاه كل المواقف وكل الناس وفي كل القرارات، وخصلة الزهد المتناهي والاستغناء التام، هنا قفزت أمامي صورا لبعض المسئولين لم يتعلموا شيئا من خصال الرئيس، خاصة التجرد والزهد، وجدت مسئولين بيننا يعملون فقط من اجل اللقطات والتريندات والإدلاء بالتصريحات الوردية التي تمثل مثالا صارخا للأكاذيب المريحة، وجدت أناسا يقولون ما لا يفعلون ويصرحون بما لا يؤمنون.
>>>
ينظر بعضهم إلى هيئته او مؤسسته على أساس انها عزبة موروثة يفعل بها ما يشاء، وجدت كثيرين حول الكاميرا وقليلين حول الوطن، في هذه الأثناء قفزت إلى ذهني وعيني صورة العظيمة فايزة أبوالنجا قلب الوطنية النابض ورمز التجرد والزهد والموضوعية، فما أنجزته هذه السيدة في رحلتها الزاخرة وما زالت لا تسعه برامجنا ولا صحفنا جميعها، لكنها كانت حول الوطن بهمومه وشجونه فلم تلتفت يوما إلى لقطة ولم تنظر يوما إلى كاميرا فكانت ومازالت نموذجا يحتذى .. تحية من القلب والعقل إلى هذه السيدة العظيمة الزاهدة المجردة فايزة أبوالنجا.