سألت محدثي، بحق السماء كيف يمكن مواجهة الآثار السلبية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي؟ ومن يجيب عن الأسئلة المعقدة التى طرحها الخبراء والمراقبون حول القوة التدميرية المحتملة للذكاء الاصطناعي؟ ومن عليه وضع ضوابط محددة لهذا الوافد الأخطر؟ نظر إليّ الرجل نظرة ساخرة وقال الموضوع أبسط من كل هذه الافتكاسات والتخوفات الفارغة، قلت له بحدة، فارغة؟!! قال نعم فارغة جداً وأنتم تبالغون جداً جداً وهذه المبالغة جزء من وظيفتكم! قلت له والغيظ يتملكنى تمهل يا رجل أسألك عن تحديات الذكاء الاصطناعى تقول إن الموضوع بسيط! هل جننت بليل أم هزمت فكريا؟ قال لا هذا ولا ذاك، أنا جاد فيما أقول، واستطرد بكل ثقة وهو ينفث دخان الارجيلة بتلذذ، العشوائية تهزم الذكاء الاصطناعي، والفهلوة قادرة على الإطاحة بكل تطبيقاته، يا عزيزى كل التطبيقات مبنية على نماذج ومعادلات نمطية تم بناءها من حاصل جمع سلوكيات وقرارات سابقة ويمكنك بمنتهى السهولة أن تغير من نمطية تحركاتك وهنا لن تستطيع كل التطبيقات ملاحقتك، الحل باختصار هو العشوائية، فالذكاء الاصطناعى أكذوبة فيمكنك أن تضحك عليه ببساطة، فتش عن أهل الحماقة قبل أهل الحكمة إذا كنت مهتما بمراقبة التطورات الرقمية، وحاول التنبؤ بسلوك الحمقى ولا تهتم كثيراً بسلوك العقلاء فالعقلاء مكشوفون أمام كاميرات ومايكروفونات التطبيقات، فمعظم الكوارث والأزمات تخرج من معسكرات الحماقة وحواريها لأننا لا يمكننا التنبؤ بسلوكياتهم، أما العقلاء فهم عقلاء وهذا يكفى فهم فى مرمى النماذج المرقمنة، ووسط عالم ضبابى يسوده اللايقين وتنعدم فيه الرؤية تزداد أيضا المخاطر جراء وجود حماقة جامحة داخل كل المعادلات الإقليمية والدولية، ومع التطور التكنولوجى المذهل بات من السهولة بمكان التنبؤ بسلوكيات ورغبات الناس، فتطبيقات التواصل الاجتماعى تتابعنا على مدار اللحظة فى كل تصرفاتنا وسلوكياتنا ومن هنا استطاعت أجهزة الاستخبارات فى معظم دول العالم بناء تطبيقات تستطيع من خلالها ليس فقط متابعة من تريد من خلال وسائل التواصل وإنما يمكنها التنبؤ بسلوكيات وقرارات الآخرين، فإذا كانت هذه التطبيقات متاحة بهذا الشكل فما بالنا بامكانات أجهزة لديها كل هذه الإمكانات، أعلم ان هناك نماذج وتطبيقات يمكنها التنبؤ الدقيق بسلوكيات وقرارات الآخرين وهذا يمكن الاستفادة منه فى مجالات السياسة والاقتصاد بشكل خاص، هذه النماذج تم بناؤها على أساس فرضيات العقل والحكمة والمصلحة والدوافع والنتائج الى آخر هذه المحددات، لكن لفت انتباهى أن كثير من المؤثرين فى عالمنا حمقى وأغبياء ويتصرفون أحيانا كثيرة بشكل لا علاقة له بالمنطق والعقل والحكمة، فوجدنا كثيرين من الحمقى والأغبياء صنعوا التاريخ بحماقتهم، فقد نشبت حروب عالمية بقرارات متسرعة أو متشنجة لشخص أو لأشخاص غير أسوياء، لذلك اتساءل هنا وبمنتهى الجدية لماذا لا يكون لدينا مراكز تنبؤ بسلوكيات الحمقى والاغبياء؟ فالعقلاء والحكماء يفكرون ثم يتخذون قراراتهم، أما الحمقى والاغبياء فيتخذون قرارتهم بعصبية ودون تفكير، فالأغبياء هنا أولى من الحكماء فى ضرورة البحث عن آلية للتنبؤ بقراراتهم، والسؤال المهم هل يستطيع الذكاء الاصطناعى وكل تطبيقاته التعامل مع الحماقة والتنبؤ بسلوك وقرارات الحمقى والأغبياء والموتورين والمترددين والنرجسيين الذى تحركهم أهوائهم وحماستهم ويصدرون قراراتهم من بين صرخات الجماهير؟ بيد أن الذكاء الاصطناعى سيقف حائراً أمام بعض الشخصيات التى تتمتع بقدر كبير من العشوائية، عشوائية تحير كل تطبيقاته، فمتى يكون لدينا مركز إقليمى للتنبؤ بسلوك الحمقي؟