قلت فى الاسبوع الماضى ان الغرب والأمريكان يفكرون ويخططون ويكتبون ثم ينفذون بدم بارد، ونحن على العكس تماما ، بل لا نكلف أنفسنا أن نقرأ ما يكتبون حتى لانفاجأ بما يفعلونه فينا الآن .
وضربت مثالا بالرجوع الى عام 1997 ، آه والله ، منذ أكثر من 27 عاما وبقراءة كتاب رقعة الشطرنج الكبري: الأولوية الأمريكية وضروراتها الجيواستراتيجية : The Grand Chessboard: American Primacy and Its Geostrategic Imperatives )? وهو واحد من الكتابات المهمة للأمريكى زبيغنيو بريجنسكى »بولندى الاصل« استاذ السياسية الدولية فى جامعة جونز هوبكنز ، ومستشار الأمن القومى فى البيت الابيض فى الفترة من 1977 إلى 1981.
ويرى المفكرون أن الحرب العالمية الثانية قد حدثت بهدف السيطرة على هذا النطاق الساحلي، أما القسم الثالث فيشمل منطقه الارتطام التى سوف تشهد الصراع من أجل السيطره على مواردها وممراتها المائية.
وتوقفت إلى اعتبار برجينسكى أن أوراسيا »أوروبا وآسيا« هى رقعة الشطرنج التى يتواصل فوقها الصراع من أجل السيادة العالمية، اللاعبون كثيرون والجائزة الكبرى هى الهيمنة على العالم.
وروسيا يعتبرها المفكرون بمثابة القلب الذى يجب ان تسيطر عليه القوة العسكرية الطامحة للتحكم فى العالم وروسيا «قلب القوة البرية» غير مجاورة لبحار رئيسية مما يجعلها فى حالة قلق وعدم أمان ومحكومة بضرورة التوسع والتمدد بسبب نقاط الضعف فى موقعها الجغرافى ويجعلها تتذرع بالطابع الهجومى لمواجهة الصراع العالمى من أجل السيطرة عليها ومحاولة خنقها بعد انهيار الاتحاد السوفيتى وتفكك دوله وسيطرة واشنطن على زعامة العالم وانتهاء الحرب الباردة التى حجمتها القوى النووية.
لذلك اتخذ الصراع شكل الحروب الساخنة التى لم تتعد الأسلحة التقليدية فى المنطقة المحيطة بروسيا مثل كوريا وفيتنام ومصر وإسرائيل وأفغانستان وحرب الخليج الاولى والثانية وكان هدف هذه الحروب بين الكتلة الشرقية والكتلة الغربية محاولة كل قطب اكتساب مواقع جديدة أو منع القطب الآخر من تحقيق مكاسب على هذه الرقعة.
اوراسيا فى الفكر الاستراتيجى ليست جغرافية فقط إنما هى فكر وتخطيط واستراتيجية ومن أجل ذلك لابد من السيطرة على روسيا وحصارها مع جميع الدول التى عانت من العولمة والقطب الواحد وعلى رأس هذه الدول البلاد العربية من خلال حروب السويس و1967 والخليج الاولى والثانية وحرب 73 وتمزيق سوريا وحرب اليمن وحرب ليبيا والسودان وتمدد حلف شمال الاطلنتى «الناتو» بضم اغلب دول أوروبا الشرقية التى كانت موالية للاتحاد السوفيت، ثم التمدد لحدود روسيا لضم الدول التى كانت جزءا من الاتحاد السوفيتى مثل جورجيا وأوكرانيا ولتوانيا وأسيتونيا ولاتيفيا.
لذلك ذهب الرئيس الروسى بوتين إلى أوكرانيا بعد أن جاء حلف الناتو على حدوده وبدأت إجراءات ضم أوكرانيا إلى حلف الناتو يعنى صواريخ الناتو على حدوده موجهة إلى قلب موسكو.. وكان السؤال الذى رفض البعض طرحه: هل تقبل واشنطن نصب صورايخ روسيا على حدودها، والكل نسى أو تناسى أزمة الصواريخ الكوبية فى الستينيات.
والأهم من ذلك هل عرفنا الآن الاسباب الحقيقية لما يدور فى سوريا ولبنان وفلسطين واليمن والعراق وما يحاك ضد مصر؟
هل فهمنا ماذا يراد بإيران ومشروعها وكيف تستفيد تركيا من الجميع.. تناور معنا بعقيدتها الإسلامية وقلبها وعقلها وسلاحها مع الناتو والاتحاد الأوروبى الواقفة على أبوابه منذ سنوات والرافضين دخولها إلا بشروطهم، تناورهم ومعها بمفاتيح قواعد الناتو ومخازن أسلحته الموجودة عندها.
هل فهمنا الآن ما يحدث فى غزة ولبنان وسوريا والعراق وإيران، والباقى أخطر، والغريبة انه مخطط ومكتوب ومنشور ومعروف منذ سنوات طويلة، وانتقلنا الآن إلى مرحلة التنفيذ، وبعضنا عمى صم لا يفهمون!!
باختصار هو صراع السيطرة والهيمنة وتكسير عظام من يرفض وتفتيت دول من أجل كيان لقيط!!