أتمنى لو أن فى مصر ألف مدينة مثل العلمين الجديدة،وألف ساحل مثل الساحل الشمالي، وأتمنى لو تم بيع مليون وحدة سكنية من الوحدات التى يصل سعرها إلى 13 مليون جنيه، ومليون فيلا من الفيلات التى تصل قيمتها إلي100 مليون جنيه، وأن تؤجر الشقة فى اليوم الواحد بعدة آلاف. ولامانع عندى من أن تباع زجاجة المياه بـ 200 جنيه، والشاى بحليب ب1400 جنيه – كما يحكى البعض – طالما وجد من يدفع راضيا. ولا مانع من أن تقام ألف حفلة ومهرجان يحضره آلاف من المصريين والأجانب . أتمنى هذا وأكثر، لأنه انعكاس وانتعاش للحركة السياحية، وفتح لآف من أبواب الرزق للشباب، وتحقيق لمكاسب بالجملة للجميع.
لكن فى الوقت نفسه أتمنى أن تكون الدولة حاضرة، وأن يسدد كل من يحقق ربحا الضريبة المستحقة عليه، وأن تتحقق العدالة الضريبية المنشودة. فمن يبع وحدة سكنية أو فيلا عليه ان يدفع ضريبة تصرفات عقارية، ومن يؤجر شقة بعدة آلاف من الجنيهات عليه أن يدفع ضريبة ثروة عقارية، ومن يبع زجاجة مياه عليه ان يستخرج بها إيصالا يقدمه لمصلحة الضرائب ليدفع ضريبة القيمة المضافة.
فى شهر أغسطس العام الماضي،أصدرت مصلحة الضرائب قرارًا بإلزام بعض الممولين والمكلفين بالقرى والمراكز السياحية بالساحل الشمالي.. بإصدار فواتير وإيصالات ضريبية إلكترونية عن الخدمات المؤداة أو السلع المباعة للمستهلك النهائي.
وقبل صدور هذا القرار، كانت المصلحة قد طالبت أصحاب الوحدات والشاليهات عند القيام بتأجيرها ضرورة إخطار المأمورية المختصة بهذا التأجير، باعتبار أن هذه الإيرادات التى تتحقق من التأجير هى من قبيل إيرادات الثروة العقارية التى تخضع لضريبة الدخل. كما طالبت المصلحة إدارات القرى والشاليهات والمنتجعات السياحية وغيرها أن تلتزم بضرورة إخطار المأمورية المختصة بالتأجير، والتنبيه على أصحاب الوحدات الذين يقومون بتأجيرها للغير بضرورة إخطار المأمورية المختصة، وذلك إعمالًا للمسئولية المشتركة ووفاء لكل طرف بالتزاماته القانونية. لأن قانون الإجراءات الضريبية الموحد رقم (206) لسنة 2020 يُلزم كل مالك أو منتفع بعقار أن يُخطر مأمورية الضرائب المختصة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ التأجير، وأن عدم فتح ملف ضريبى عن الإيرادات الناتجة عن التأجير والإقرار عنها فى إقرار ضريبة الدخل السنوية هو صورة من صور التهرب الضريبي.وإن عدم إدراج الممول الإيرادات الناتجة عن تأجير الوحدات أو الشاليهات أو جزء منها فى إقرار ضريبة الدخل السنوى هو صورة من صور التهرب الضريبى التى يُعاقب عليها القانون.
لكن يبدو أن هذه القرارات لم تطبق بالشكل الكافي، إما بدافع التهرب، أو بسبب صعوبة إجراءات التواصل مع مصلحة الضرائب، وهو مايستلزم وجود آلية سهلة لدفع الضريبة المستحقة على مؤجرى الشقق والفيلات، ومتابعة ميدانية من جانب مصلحة الضرائب وقطاع مكافحة التهرب الضريبى .
إذا كانت وزارة المالية تستهدف فى موازنة العام المالى الجديد 2024/2025 تحصيل حوالى 2.2 تريليون جنيه إيرادات ضريبية، فليس من العدالة أن يدفع هذا المبلغ فقط الموظفون الذين تستقطع ضريبة المرتبات من رواتبهم قبل أن يتقاضوها، وليس من المنطق أن يتحملها أصحاب المصانع الذين يوظفون آلاف العمال، أو أصحاب المشروعات الصغيرة والمحلات الذين يصارعون من أجل البقاء فى السوق، بينما نرى أمام أعيننا آلاف من الشقق المؤجرة أو المباعة بالملايين يتهرب بائعوها من سداد حق الدولة ودفع الضريبة المستحقة عليهم.
ليس من العدالة أن تنشط مصلحة الضرائب وقطاع مكافحة التهرب الضريبى لتحصيل المستحقات من الممولين الملتزمين، بينما تغض الطرف عن الآلاف من العاملين فى قطاع المهن الحرة، أو أصحاب الثروات الذين يتعاملون بعيدا عن أجهزة الرقابة ولا يمسكون دفاتر أو ايصالات أو فواتير . يجب أن تكون مهمة العاملين فى مأمورية الضرائب الموجودة فى الساحل هى تحصيل الضريبة وليس الاستجمام على الشاطئ.