الشعب المصرى محب للرياضة وعاشق لكرة القدم على وجه الخصوص، ولذلك من الطبيعى أن ينشغل طوال الوقت بكل ما يخص المنافسة فى الدورى المصرى، وكذلك البطولات القارية، وينشغل بكل ما يخص المنتخب الوطني، ويمتد حبه وعشقه لكرة القدم إلى تشجيع فرق أوروبية ومتابعة مبارياتها والتنافس بينها والتفاخر بما تحصل عليه من بطولات.
التنافس الرياضى شيء جميل ومحبب للنفوس طالما كانت هناك لوائح تحكم المنافسة، وتعطى كل ذى حق حقه، وطالما كانت هناك عدالة تحكيمية تعطى كل فريق حقه بعيدا عن الأهواء والميول والتدخلات من هنا أو هناك.
ما حدث خلال الأيام الماضية من جدل وخلاف بين نادى الزمالك ورابطة الأندية وانتهى باعتذار الزمالك عن لعب مباراة القمة مع الأهلى – وهى المباراة التى ينتظرها ملايين المحبين لكرة القدم فى مصر والدول العربية والمصريين فى كل دول العالم – يؤكد أن الدورى المصرى يعيش حالة غير مسبوقة من العبث تفسد علينا مناخ منافسة كروية جادة، حيث لا يمر موسم كروى دون مشكلات وأزمات، وهذا العام تحديدا هناك شكاوى من أكثر من نصف عدد فرق الدورى من ظُلْم الحكام ومن اللعب فى أوقات شديدة الحرارة تمثل خطرا على حياة اللاعبين، ومن كثرة المباريات المؤجلة بعضها لأسباب معتبرة، وبعضها بلا سبب مقنع، وانتقاء مؤجلات بعينها لبعض الأندية لتلعب قبل مؤجلات أخرى بما يخل بمبدأ تكافؤ الفرص.. وقد استمعنا خلال الأيام الماضية إلى كم هائل من الاتهامات للجنة المسابقات التى يسيطر عليها شخص واحد كثرت الشكوى منه من عدد كبير من الأندية، ومع ذلك لا يزال يسيطر ويتحكم فى مصير المسابقة، وتهميش العاملين معه.
>>>
الخلافات والاحتجاجات التى انتهت باعتذار الزمالك عن لعب المباراة مع الأهلى لم يكن الأهلى طرفا فيها.. لكن أزعجنى دخول بعض جماهيره على الخط، لتشهد مواقع التواصل الاجتماعى مشاحنات بين بعض جماهير الناديين الكبيرين، وهى مشاحنات تؤدى جميعها الى تغذية التعصب الكروى الذى يؤجج النفوس بالغضب ويفسد علاقات الود والاحترام المتبادل بين الأصدقاء.. بل إن بعض أفراد الأسرة الواحدة شاهدنا منهم ما هو مرفوض ومدان بسبب حماسهم أو تعصبهم الرياضي.
ولا يمكن أن تستهدف الرياضة إفساد العلاقة بين الجماهير، ولا خلق حالة من التعصب الأعمى الذى يقود جماهير كل ناد إلى الإساءة لجماهير النادى المنافس.
الرياضة التى تحقق أهدافها بين الجميع هى التى تخلق حالة من التنافس الشريف بين الجميع، وتقوى روح الانتماء فى نفوس الشباب، وتمارس فى ظل روح رياضية وفى ظل عدالة من الحكام وموضوعية من عناصر التحليل الرياضى بصرف النظر عن الانتماءات الرياضية.
>>>
ينبغى أن نتحلى جميعا بالروح الرياضية وأن نتوقف عن المشاحنات الطاحنة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأن نرتقى فى تنافسنا وحماسنا للفريق الذى نشجعه فنبتعد عن سفاسف الأمور، حيث لا ينبغى أن تكون بطولة رياضية سببا فى فتنة بين الجماهير المصرية، كما لا يجوز أن يكون لهذه البطولة – أيا كان الفائز بها – تداعيات سلبية وتأثير على علاقاتنا الإنسانية كشعب يشجع بعضه الأهلى ويشجع البعض الآخر الزمالك، وقصص التعصب التى تؤدى إلى قطيعة بين الأصدقاء ومشاجرات بين الأحبة، ومشاحنات بين الأزواج والزوجات والأشقاء فى البيوت والتى نسمع عنها مع كل مباراة للفريقين أكثر من أن تحصي.
تشجيع فريق كروى أمر محمود ويجسد مشاعر الولاء والانتماء داخل أى إنسان، كما أن التعبير عن فرحة الفوز لاتباع أى فريق أمر لا ينكره العقلاء.. لكن ممارسة الإسفاف ضد مشجعى الفريق المنافس و»التحفيل» عليهم والسخرية منهم كما نشاهد من خلال مواقع التواصل الاجتماعى وبعض الفضائيات – للأسف – فهذا هو المرفوض والمدان رياضيا وأخلاقيا، فالمطلوب منك سواء أكنت أهلاويا أم زملكاويا أن تفرح لفوز فريقك دون أن تمارس الاستفزاز والإساءة لصديق أو زميل أو جار يشجع الفريق الخاسر أو المتعثر فى البطولة.