السؤال الذى يطرح نفسه بقوة هل تعب العالم من حقبة الدولار وقرر التمرد صارخاً لن نعيش فى جلباب الدولار؟!
المؤشرات الظاهرية تؤكد ذلك، والواقع والتجربة يؤكدان العكس لصعوبة صمت الأسد الأمريكى ضد محاولات خلع أنيابه وتقليم أظافره وهو يتفرج.
فى البداية هناك العديد من المؤشرات والأفعال التى أدت إلى زيادة صرخات التمرد على «الأخضر» أقصد الدولار وهى كثيرة منها:
ازدياراشهار سيف فرض العقوبات وتجميد الأرصدة الدولارية ضد كل من يحاول الخروج من العباءة الأمريكية وللدرجة التى فرضتها على القوة الثانية العظمى فى العالم وهى روسيا بسبب الحرب الأوكرانية وهو ما وصفته موسكو بسرقة القرن:بعد تجميد أوروبا فقط لنحو 350 مليار دولار وهو ما يقارب نصف احتياطيات روسيا من الذهب والنقد الأجنبي.
إعلان الرئيس الأمريكى بايدن فى فبراير 2022 بتجميد أصول البنك المركزى الروسى والحد من قدرته للوصول إلى 630 مليار دولار من احتياطياته، لقتل الروبل أمام الدولار، يعنى العقاب محاولة تدمير روسيا اقتصادياً، ودون مشاركة جندى أمريكى واحد فى الحرب.
لذلك هدد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بوقف صادرات الغاز إلى الدول التى لا تفتح حسابا فى بنك روسى والدفع بالعملة الروسية، حتى ينقذ حياة الروبل.
الأدهى من ذلك الإعلان ان العقوبات لن تقف إلى حد التجميد الذى يمكن «فكه» بعد ذلك، بل مصادرة الأموال وتوجيهها إلى أوكرانيا لإعادة البناء وهم طبعاً من سيتولون الاعمار يعنى السرقة من جميع الوجوه وطبعاً روسيا ردت بمصادرة أموال بعض المنشآت الأمريكية فى روسيا بما ينذر بحرب من نوع جديد هى حرب مصادرة الأصول والأموال بين الجانبين لتدخل مرحلة لم يشهد التاريخ مثيلا لها، واحتمال امتداد «الاشتباك» القانونى الناجم عنها لعقود طويلة.
للبيت الأبيض تاريخ طويل من هذا النوع من الحروب فقد أطلقت الولايات المتحدة هذا السلاح ضد العديد من دول العالم الأخرى على سبيل المثال:
* جمدت واشنطن والغرب منذ أكثر من ثلاثة عقود الأصول والأرصدة الإيرانية «نحو 120 مليار دولار» ولا تزال الكثير منها مجمدة فى البنوك العالمية حتى الآن.
* بعد قرابة شهر من سيطرة حركة «طالبان» على الحكم فى أفغانستان، وانهيار السلطة التابعة للولايات المتحدة، قامت واشنطن بتجميد معظم أصول البنك المركزي، والبالغة 9.5 مليارات دولار
* كما منعت واشنطن الرئيس الليبى معمر القذافى وأسرته من التصرف فى أصول ليبية قيمتها نحو 30 مليار دولار فى الولايات المتحدة.. كما جمدت واشنطن أرصدة البنك المركزى الأرجنتيني.
هكذا تحول الدولار من عملة تجارة عالمية إلى سلاح للدمار الاقتصادى الشامل للدولة أو الكيان المراد معاقبته يعنى أصبح سيف القوة والهيمنة فى الحروب والنزاعات والتهديدات والعقوبات.. سلاح امريكي بدون بذل نقطه عرق.. يتم به وقف أصول الدولار فى البنوك المركزية فى جميع أنحاء العالم، والنتيجة عزل الدولة المعنية بذلك الإجراء ومحاصرتها واستنزافها اقتصاديا حتى تسقط!!
هكدا أشهر الكاوبوى سيف الدولار المحصن بالبلطجة العسكرية ضد أكثر من نصف دول العالم مما رفع نبرة التمرد لاسقاط هذا السيف من فوق رقبتهم.
التمرد والفلفصة
بدأت محاولات التمرد والفلفصة.. بصور متعددة وعلى سبيل المثال شكلت روسيا والصين والهند وجنوب افريقى والبرازيل مجموعة «بريكس» وانضمت لهم منذ يناير الماضى مصر والسعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا.
الناتج المحلى الإجمالى لدول مجموعة «بريكس» وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي 2023 يمثل 28.3 بالمائة من الاقتصاد العالمى فى العام 2023 وتسيطر على 20 بالمائة من التجارة العالمية، وفق بيانات منظمة التجارة العالمية.. يعنى قوة عالمية لا يستهان بها والهدف الرئيسى للمجموعة مواجهة هيمنة الدولار بالتعامل بالعملات المحلية لدول المجموعة حتى يتم ايجاد عملة خاصة بدول البريكس.
تهدف بريكس إلى عدم الاعتماد على صندوق النقد الدولى والبنك الدولي، من خلال تفعيل وتقوية مؤسسات أخرى بديلة مثل البنك الآسيوى للتنمية.
بدأت رحلة الآلف ميل بخطوة منذ سنوات للوصول إلى عالم متعدد الأقطاب فى وجه الكاو بوى ودولاره
والسؤال المهم هل ستترك واشنطن وأوروبا تكتل البريكس ينمو ويستمر ام سيقفون بكل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة ضد استمرار حياته الذى يعنى وجوده سحب البساط من تحت الهيمنة الأمريكية الغربية على الاقتصاد العالمى بل والعالم كله؟! … وللحديث بقية.