باتت تفاصيل وملامح المشهد فى العالم تشير إلى أننا أمام كابوس ربما حرب عالمية محتملة، فى ظل تجاوز الخطوط الحمراء، واحتمالات فقدان السيطرة فى حالة تبدد الحكمة، فالصورة القاتمة والمتشائمة، تنتقل من الحرب الروسية ــ الأوكرانية والتى اندلعت فى فبراير 2022، ولم تخرج عن المألوف، أصبحت تسير نحو مرحلة ما قبل الانفجار.. والحقيقة أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين تمسك بالحكمة وعدم التهور وعدم الاندفاع واقتصر فى الحرب على أوكرانيا على السلاح التقليدي، من صواريخ، أو قصف جوي، أو معارك برية.. فى مارس 2023 أى فى الشهر الثانى لاندلاع الحرب الروسية ــ الاوكرانية، كتبت مجموعة من المقالات، لعل أبرز النقاط التى أكدت عليها أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يقود الحرب بحكمة وعدم اندفاع أو تهور ويتعامل معها فى حدودها وطبقًا لقدرات وأدوات وأسلحة خصمه وأهدافه من هذه الحرب، وأنه يستخدم الأسلحة التقليدية من مقاتلات وصواريخ، ومسيرات، وأيضا عمليات للقوات البرية والآليات والمدرعات التى دأبت الجيوش على استخدامها فى الحروب وأنه لن يلجأ لاستخدام السلاح النووى الموجود فى ترسانة روسيا كأكبر دولة نووية فى العالم إلا فى حالة تهديد وجود روسيا الاتحادية، أو انهيارها، أو تفكيكها وإذا استشعر هذا الخطر لن يتردد لحظة فى استخدام سلاحه النووى الفتاك ضد أعدائه، سواء المباشرون ممن يخوض أمامهم الحرب أو الداعمون لهم، وقلت إن هذه الحرب لن تحتمل خسارة أى طرف، فروسيا لن تقبل الهزيمة على الاطلاق، وإذا استشعرت ذلك سيكون شعارها أنا ومن بعدى الطوفان، وظل هذا المسار بالنسبة لبوتين أمرًا طبيعًا وعاديًا لم يتهور أو يندفع، لكن هناك مستجدات طرأت أو ظهرت فى المشهد، تقريبًا من خطوط بوتين الحمراء، وهو موافقة الرئيس الراحل فى يناير القادم من البيت الأبيض على دعم أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى لضرب العمق الروسي، ويطلق عليها صواريخ اتاكمز الأمريكية وسلم الاذن والتصريح لكييف باستخدام الصواريخ الأمريكية بعيدة المدى لضرب العمق الروسي، رغم أن بايدن منذ اندلاع الحرب بين روسيا ــ وأوكرنيا هو الوحيد الذى كان يرفض السماح لأوكرانيا أو منحها صواريخ بعيدة المدى لاستهداف موسكو.
من الواضح أن بايدن يسير الآن وفقًا لمبدأ «يا فيها يا أفنيها» ومنحه الاذن لأوكرانيا، يشكل تهديدًا خطيرًا للعالم، وينذر باندلاع حرب عالمية، وروسيا لم تسكت على قرار بايدن، واستخدام أوكرانيا بالفعل للصواريخ الأمريكية «اتاكمز» .
حسابات الرئيس جو بايدن عجيبة وغريبة وتفتح وتثير العديد من التساؤلات والتوقعات فلماذا سمح بايدن لأوكرانيا باستخدام الصواريخ بعيدة المدى لضرب العمق الروسي، بعد نجاح دونالد ترامب وفوزه على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، وترامب أعلن خلال حملته الانتخابية، انه سيقوم بايقاف الحرب الروسية ــ الاوكرانية، ولن يمنح الدعم لكييف، ويبدو أن زيلنسكى بالنسبة له شخص غير مرغوب، وأن المليارات التى تدفعها أمريكا لدعم هذه الحرب لا عائد ولا طائل منها، بل امتد الأمر لأشمل من ذلك بأنه سيقوم بوقف جميع الحروب، لذلك يطفو السؤال المهم على السطح، هل يريد الديمقراطيون توريط ترامب فى حرب شاملة، ستدور رحاها بين الأمريكان والأوروبيين من ناحية والروس وحلفائهم من ناحية أخري، ويفرضون عليه أمرًا واقعًا، ولا يستطيع بذلك ايقاف هذه الحرب التى سيرتها وأيضا بطبيعة الحال ستكون هناك خسائر أمريكية فهل فى هذه اللحظة سيمد ترامب يده بالسلام لبوتين، أم أنه سيواصل الحرب بشكل جبرى فرض عليه، وهذا المعنى إلمح إليه ابن دونالد ترامب البالغ من العمر 18 عامًا ومضى فى تصريحه أنهم يريدون توريط أبيه فى حرب قبل استلامه السلطة.
العالم على مشارف الوقوع فى المحظور، هناك من يدفعه إلى الهاوية، وفتش عن الأمريكان والصهيونية العالمية، فما يحدث فى الشرق الأوسط والإجرام الإسرائيلى وحرب الإبادة التى يشنها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين واللبنانيين وتوسع دائرة ونطاق الصراع ليشمل أيضا اليمن وسوريا والعراق وإيران، واضطرابات البحر الأحمر، كل ذلك بدعم أمريكى غربي، يرفض ايقاف آلة القتل والإبادة ضد الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء، وهو ما يسقط عن الأمريكان قناع الإنسانية والتشدق بحقوق الإنسان وينهى مسلسل الالاعيب الأمريكية، وارتداء ثوب المساعدات الإنسانية تارة وتارة أخرى بجهود الهدنة المزعومة، وخداع العالم بالسعى لايقاف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وفى النهاية يعملون على اجهاض مقترحات هم أصحابها، ويتذرعون برفض المقاومة الفلسطينية، لذلك لا نتوقع خيرًا من أمريكا التى تدفع بالأوروبيين إلى اتون الصراع مع روسيا، والدخول فى حالة استنزاف ترجع باقتصادات الدول الأوروبية عشرات السنوات، وتخرج أوروبا من دائرة الصعود الاقتصادى لصالح أمريكا، وتتفرغ واشنطن لمحاولات الصعود الصيني، وضرب مصالحها، وضمان التفوق والهيمنة الأمريكية التى تضرب عشرات العصافير بحجر واحد وهو توريط أوروبا فى حرب مع الجانب الروسى لا ناقة ولا جمل للأوروبيين فيها.
خطوط بوتين الحمراء، دخلت حيز التنفيذ ولكن فى مراحله الأولى وسوف تتدرج حسب التصعيد الأمريكى الأوروبى من خلال الإدارة الاوكرانية، لكن الأيام القادمة تحمل لأوكرانيا مبدئيًا أيامًا صعبة وقاسية وحجم دمار كبير، وربما يكون زيلنسكى هدفًا أساسيًا فقد دخلت المواجهة فصلاً جديدًا بالنسبة لروسيا واستراتيجية مغايرة، فما مضى وفات منذ فبراير 2022 كوم، واللى جى كوم تانى خالص لكنه لن يستخدم فى هذه المرحلة السلاح النووى حتى ولو كان تكتيكيًا، ولكن اشهاره هو نوع من الردع، وايصال رسائل واضحة وحاسمة، وفى حال الوصول لمرحلة استخدام الأسلحة النووية فأننا أمام منعطف خطير ليضيف إلى العالم مخاوف وآلام قاسية وحجم دمار وهلاك، ومعاناة ليس للاطراف المتصارعة فحسب ولكن لكل دول وشعوب العالم.
فى ظنى أن سلوك بايدن فى الفترة القادمة محفوف بالمخاطر، واعتقد أن بوتين سيتعامل مع الأمر بحكمة وثبات، وصولاً إلى يناير القادم.
تحيا مصر