مراكز الاقتراع تفتح أبوابها و240 مليونا يحق لهم الانتخاب
بدأ الناخبون الأمريكيون التصويت لاختيار رئيسهم الـ47 بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهورى دونالد ترامب، فى كل الولايات الأمريكية.
ويبلغ عدد من يحق لهم التصويت 240 مليون ناخب، ولكن نحو 160 مليونا منهم فقط مسجلون، ومع ذلك، تسمح نصف الولايات الـ50 تقريبا فى الولايات المتحدة بالتسجيل فى يوم الانتخابات، فى حين يستطيع المواطنون التصويت دون تسجيل فى ولاية داكوتا الشمالية.
قالت وكالة «أسوشيتد برس» إن عدد من صوتوا مبكرا فى الانتخابات الأمريكية هذا العام يتجاوز نصف إجمالى الناخبين بانتخابات 2020. وقد صوت نحو 80 مليون شخص بالفعل من خلال صناديق الاقتراع البريدية أو فى مراكز الاقتراع المبكر بهذا الاستحقاق الذى وصف بأنه الأكثر تنافسا وتشويقا فى تاريخ الانتخابات الأمريكية، وسط مخاوف من أعمال عنف قد تلى إعلان النتائج.
ولا تستطيع الولايات أن تباشر قبل غيرها بفرز بطاقات الاقتراع، لكن معظمها سمح لمسئولى الاقتراع بإعدادها، أى التحقق من استيفائها الشروط، بهدف تسهيل عملية الفرز.
إضافة للانتخابات الرئاسية، يصوت الناخبون أيضا لاختيار 34 عضوا بمجلس الشيوخ الأمريكى (من أصل 100) وجميع أعضاء مجلس النواب الأمريكى البالغ عددهم 435 عضوا. وبالإضافة إلى ذلك، ستجــرى انتخابــات حاكم الولاية فى 11 ولاية ومنطقتين (بورتوريكو وساموا الأمريكية).
من جهة أخري، وصف الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب يوم الانتخابات، بأنه «الأهم فى تاريخ أمريكا»، مشيرا إلى أن «حماس الناخبين بلغ أوجه، لأنهم يريدون أن يجعلوا أميركا عظيمة مرة أخري».
ودعا ترامب فى منشور على «إكس»، أنصاره إلى التصويت، والبقاء أمام صناديق الاقتراع «مهما طال الوقت»، زاعما أن من وصفهم بـ»الديمقراطيين الشيوعيين الراديكاليين» يريدون من أنصاره «حزم أمتعتهم والعودة إلى المنزل» وعدم التصويت.
وقال ترامب: «معا، سنحقق نصرا هائلا، ونجعل أمريكا عظيمة مرة أخري».
من جهتها، قالت نائبة الرئيس الأمريكى والمرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس إنها «الفرصة الأخيرة لإحداث فارق فى هذه الانتخابات الرئاسية».
ودعت هاريس عبر منصة «إكس»، الجميع إلى المساعدة للوصل إلى آخر ناخب من أجل الإدلاء بصوته.
من جهته، دعا الرئيس الأمريكى جو بايدن الناخبين الأمريكيين إلى الذهاب والتصويت لمرشحة الحزب الديمقراطى كامالا هاريس.
وقال بايدن، عبر منصة «إكس»: «اذهبوا للتصويت.. لنجعل هذه الانتخابات تاريخية عبر انتخاب هاريس».
من جانبه، أدلى المرشح الجمهورى لمنصب نائب الرئيس جى دى فانس بصوته فى الانتخابات الرئاسية بمدينة سينسيناتى بولاية أوهايو.
وظهر السناتور الجمهورى فى «حالة معنوية جيدة» عند وصوله إلى كنيسة القديس أنتونى بادوا، للتصويت مع زوجته وأطفالهما.
وعندما سُئل عما إذا كان لديه رسالة للناخبين الديمقراطيين، قال دى فانس إن جميع الأمريكيين «فى الأساس فى نفس الفريق» بغض النظر عمن يفوز.
أما رئيس مجلس النواب الأمريكي، الجمهورى مايك جونسون، فتوقع تحقيق الحزب الجمهورى لـ»فوز كبير الليلة»، مدعوما بإقبال من وصفهم بـ»المؤيدين الجدد».
واعتبر جونسون فى حديثه لـ»فوكس نيوز»، أن «الانتخابات ستشهد تحولا نحو الجمهوريين من الناخبين الذين يعتقدون أن الحزب الديمقراطى تخلى عن قيم مجتمعهم».
وأضاف جونسون أن الحزب الجمهورى سيتفوق على نتائج استطلاعات الرأي، باعتبار أن المرشح الجمهورى دونالد ترامب «يتفوق دائما على هذه الاستطلاعات»، وفق قوله.
ومهما تكن هوية الفائز، ستكون النتيجة غير مسبوقة.
فإما أن ينتخب الأمريكيون للمرة الأولى امرأة إلى البيت الأبيض أو مرشحا شعبويا مدانا فى قضايا جنائية ومستهدفا بملاحقات قضائية عدة أدخلت ولايته الأولى بين العامين 2017 و2021 البلاد والعالم فى سلسلة متواصلة من التقلبات والهزات.
وتظهر آخر استطلاعات الرأى تعادلا شبه تام بين المرشحين فى الولايات الحاسمة التى ستمنح المرشحة الديموقراطية أو المرشح الجمهورى فى هذا الاقتراع غير المباشر، عددا كافيا من الناخبين الكبار لتحقيق عتبة 270 ناخبا كبيرا من أصل 538 الضرورية للفوز.
وتقيم هاريس المولودة لأب جامايكى وأم هندية، أمسيتها الانتخابية فى «جامعة هاورد» فى واشنطن المخصصة للطلاب السود عموما، والتى تلقت دروسها العليا فيها.
أما دونالد ترامب فسيكون فى بالم بيتش فى ولاية فلوريدا حيث مقر إقامته.
بمجرد إغلاق مراكز الاقتراع، يبدأ فرز الأصوات عبر الولايات المتحدة، لكنها عملية تختلف من ولاية إلى أخري، وقد تستغرق أياما، خصوصا فى حال حدوث نزاعات وطعون قانونية.
وأشارت حملة كامالا هاريس، الاثنين، إلى أن النتائج النهائية، خصوصا فى بنسلفانيا ونيفادا، لن تُعرف قبل «أيام»، فيما حذّرت معسكر دونالد ترامب من أى محاولة «لزرع الشك والفوضي» بنزاهة الانتخابات.
وينص القانون على أنه يجب إصدار الأحكام فى كل الطعون قــبل اجتمــاع النــاخبين الكبــار البـــالغ عددهم 538 فى 17 ديسمبر. ويفترض أن تتم المصادقة على نتيجة التصويت أمام الكونغرس فى 6 يناير 2025.
التعادل يخيِّم على أولى نتائج سباق الرئاسة الأمريكية
أظهـرت النتـائج الأولـية من بلـدة ديكسفيـل نـوتش بولايـة نيو هامبشاير، أمس، أن المرشح الجمهورى دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس تقــاسما أصــوات البلــدة الصغيــرة بحصــول كــل منهما على 3 أصوات، فى أول نتيجة لانتخابات الرئاسة الأمريكية.
وكعادتها منذ العام 1960، بدأت فى هذه القرية عند منتصف ليل الثلاثاء عمليات الاقتراع ما يجعلها تحمل لقب «الأولى فى الأمة». واستغرقت عمليات التصويت دقائق معدودة فقط وكذلك فرز الأصوات وإعلان النتائج. وتعكس نتيجة التعادل بين هاريس وترامب فى البلدة، الصورة الأكبر للانتخابات الأمريكية هذا العام، الذى يعتقد أنها ستكون من بين الأكثر تنافسية فى تاريخ البلاد بسبب تقارب حظوظ المرشحين.
لكنها أيضا تنطوى على قلق بالغ، إذ أن التقارب فى النتائج قد يزيد التوتر والاستقطاب وربما تخرج الأمور عن السيطرة.
وقبل 4 سنوات، حصل الرئيس جو بايدن عندما كان مرشحا، على جميع الأصوات الخمسة التى تم الإدلاء بها فى البلدة القريبة من الحدود الأمريكية الكندية، فى طريقه نحو الفوز فى الانتخابات الرئاسية ضد ترامب.
وخلال الانتخابات كل 4 سنوات، يتدفق الصحفيون ووسائل الإعلام من أنحاء الولايات المتحدة والعالم على ديكسفيل نوتش، لتغطية التصويت فى منتصف الليل.
وقال المشرف على التصويت فى البلدة توم تيلوتسون: «نحصل على 15 دقيقة من الشهرة كل 4 سنوات».
انتخابات على وقع الانقسام السياسى والكراهية المتبادلة
حيرة بين ترامب وهاريس .. وحادث اقتحام الكونجرس يخيم على المشهد
تقرير ـ أحمد عبدالفتاح
رغم أن دول العالم برمتها لن تشارك فى التصويت لاختيار الرئيس الأمريكى السابع والأربعين، إلا أنه سيتحتم عليها أن تعيش تبعات هذا الاختيار ما بين نائبة الرئيس كامالا هاريس أو الرئيس السابق دونالد ترامب، لمدة تتراوح ما بين 4 إلى 8 سنوات فى ظل استمرار الهيمنة الأمريكية على النظام العالمي.
وعلى وقع ما يجرى فى أمريكا، يحبس العالم أنفاسه، ويترقب الجميع إعلان الفائز بكرسى الرئاسة والذى ستؤثر سياساته وقراراته على مختلف القضايا العالمية بدءاً من الحروب فى غزة وأوكرانيا والعلاقات مع الصين وأوروبا، إلى تغير المناخ والتجارة العالمية. الكل مشغول الآن بمن سيفوز؟ ومتى ستعلن النتيجة؟، ولا سيما وأن هذه الدورة من الانتخابات وهى الأكثر أهمية فى التاريخ الحديث بالنسبة لمستقبل الولايات المتحدة والعالم، ليس لها مرشح مفضل واضح.
وفى ظل تقارب استطلاعات الرأى وتزايد الشكوك حيال العملية الانتخابية برمتها، تظل النهاية الفوضوية للانتخابات الرئاسية الأمريكية أحد السيناريوهات المحتملة. ووسط هذه الحالة من الاستقطاب السياسى غير المسبوق، من المحتمل أن تتحول مشاعر الغضب من قبل الناخبين الأمريكيين عندما يخسر مرشحهم المفضل، إلى حالة من الفوضى والعنف على غرار الهجوم على مبنى الكونجرس فى يناير 2021، من قبل أنصار ترامب عقب خسارته الانتخابات الرئاسية لصالح الرئيس الحالى جو بايدن.
وبالتزامن يسود اعتقاد لدى العديد من الأمريكيين بعدم قدرة الديمقراطية الأمريكية على تقديم نتيجة موثوقة، بينما يؤمن ثلثا الناخبين الجمهوريين بأن انتخابات 2020 سُرِقَت من دونالد ترامب، وبالنسبة للعديد منهم، ربما أظهر تنصيب بايدن ضعف الديمقراطية الأمريكية وليس قوتها.
ويشير تقرير حديث لمعهد «تشاتام هاوس» وهو مؤسسة بحثية بريطانية، إلى أن الولايات المتحدة تعيش فى الوقت الراهن على وقع انقسام أيديولوجى وسياسى غير مسبوق منذ خمسينيات القرن التاسع عشر. وبحسب تقرير آخر للمركز البريطانى للسياسة الخارجية، هناك كراهية متبادلة بين أنصار كلا الحزبين الجمهورى والديمقراطي، ويسود اعتقاد متبادل بأن استيلاء أى منهم على السلطة السياسية على أنه ليس مجرد أمر مؤسف فحسب، بل وغير شرعي.
وفى يونيو الماضى أشارت استطلاعات الرأى التى أجرتها جامعة شيكاغو إلى وجود دعم أكبر لاستخدام العنف ضد ترامب مقارنة بدعم استخدامه لصالحه، حيث وافق 10 ٪ ممن شملهم الاستطلاع على أن استخدام القـوة مبــرر لمنــع ترامــب من أن يصبــح رئيسًا، مقارنة بـ 6.9 ٪ يعتقدون أن العنف مبرر لإعادة ترامب إلى الرئاسة. كما كشف استطلاع حديث لمؤسسة ماريست الأمريكية أن 47٪ من الأمريكيين يعتقدون أن حربًا أهلية أخرى من المرجح أن تقع فى حياتهم.
ونوهت الغالبية العظمى من الأمريكيين، بحسب استطلاع حديث للرأي، أن الانتخابات لن تفضى إلى حــــل للقضــــايا التــــى تــواجه أمريكــا، حيــث يعتقــد 70 ٪ من أن الأوضاع فى أمريكا تسير عكس الاتجاه، وهى وجهة النظر التى يتقاسمها 94 ٪ من الجمهوريين و41 ٪ من الديمقراطيين. كما أظهر الاستطلاع أن 19 ٪ من الجمهوريين يعتقدون أنه إذا خسر ترامب الانتخابات، فيجب عليه أن يعلن بطلان النتائج ويفعل كل ما يلزم لاستعادة المنصب.
الواقع أن الولايات المتحدة والتى ينظر إليها على أنها لا تزال تشكل مصدر الأمل للديمقراطية الغربية، قدمت على مرأى ومسمع العالم نموذجاً مؤسفاً لما قد تبدو عليه الحرية وحكم الشعب خلال هذه الدورة من الانتخابات الرئاسية.
لقد نشرت حملة ترامب سلسلة من الأكاذيب الصارخة وروجت للعنصرية، والمزاعم القائلة بأن انتصاره الشرعى سُرِق قبل أربع سنوات، بينما وصف ترامب هاريس بأنها محدودة الذكاء. وفى المقابل وصفت حملة هاريس ترامب بالفاشى والمجرم، وأنه غير مؤهل لقيادة البلاد.
وفى ظل هذه الحرب من الاتهامات المتبادلة والانتقادات اللاذعة، وبالتوازى مع حالة الانقسام الحاد، من المحتمل ان تكون نتائج الانتخابات متقاربة دون فائز واضح، وهو ما يفتح الباب أمام المزيد من التحديات القانونية وربما العنف السياسي، وهو ما دفع كلا المرشحين إلى تجهيز جيوش من المحامين استعدادا لما تسفر عنه الانتخابات.
ولكن ترامب وأنصاره، استبقوا نتيجة الانتخابات بالزعم مرارًا وتكرارًا احتمال لجوء خصومهم الديمقراطيين للتلاعب بنتائج الانتخابات لصالح هاريس، وكأنهم يهيئون الأجواء لتشويه سمعة العملية الانتخابية والتشكيك فى نزاهتها.
وأياً كان الفائز، فالمؤكد أن الانتخابات ستخلف أمة تضرب أوصالها الانقسامات وبالقطع لن يكون إعادة توحيدها بالأمر الهين، وقد زادت هوة الخلافات، وأضحت النزعة الطائفية هى المسيطرة على الحياة السياسية والاجتماعية.