فى هذا الزمن الذى يتسم بقضايا عالمية بأبعاد لم يسبق لها مثيل فى التاريخ، من المهم أن نحيى فكرة التعاون الدولى فى أقرب وقت ممكن. ولطالما أيدت فكرة تعددية الأطراف، التى تعتبر أساسية لتحقيق اقتصاد عالمى مستقر ولتعزيز النمو المستدام.
تشكل تعددية الأطراف حجر الزاوية للنظام العالمى الذى تأسس بعد الحرب العالمية الثانية لصالح الليبرالية والتقدم عبر الحدود والمناطق فى جميع أنحاء العالم. وقد لعب هذا النهج دورًا فى دعم السلام والاستقرار، بينما عمل على تعزيز النمو الاقتصادى ومواجهة التحديات المشتركة مثل تغير المناخ والإرهاب. ولكن المسرح العالمى اليوم يعكس تحديًا كبيرًا للتعددية بسبب زيادة المصالح الوطنية التى توجه الدول نحو السياسات الحمائية وتقليل التعاون العالمى الجماعي.
لقد كانت منظمات مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية فى الطليعة وكانت تقود هذه المساعي. وقد كرست الأمم المتحدة جهودها لتعزيز بعثات حفظ السلام وتطوير الحقوق والتنمية من خلال برامجها ومشاريعها المتنوعة. وقد لعبت منظمة التجارة العالمية دورًا حيويًا فى تعزيز التجارة وتسوية النزاعات بين الدول. ونظرا لكونى جزءًا من هذه المنظمات، فقد أتيح لى قيادة وتعزيز تعددية الأطراف العالمية والتعاون العالمي؛ لاسيما عندما خدمت فى لجنة منظمة التجارة العالمية المعنية بتحديد مستقبل التجارة وقيادتى للتحالف العالمى للأمم المتحدة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتنمية.
يرتبط الاقتصاد العالمى ارتباطًا وثيقًا بالقضايا التى نواجهها، من حيث التفاوت الاقتصادى إلى التغيرات البيئية؛ ارتباطاً يتجاوز الحدود الوطنية. ويمكننا التعامل مع هذه التحديات بشكل أفضل من خلال تعددية الأطراف، عبر تقاسم المسئوليات والتعاون لمواجهة التحديات المشتركة.
توفر قمة الأمم المتحدة القادمة حول المستقبل والتى من المقرر عقدها فى سبتمبر 2024، فرصة لتعزيز التعاون بين الدول فى جميع أنحاء العالم. ويتمثل هدفها فى تعزيز السلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان، مع توفير منصة للدول لتأكيد التزامها بهذه الأهداف المشتركة. وتشكل هذه الفعالية فرصة للمجتمع العالمى للتوحد لمواجهة القضايا العالمية ووضع أساس لإطار عالمى أقوى وأكثر تعاونًا.
ومن أجل إحياء أنظمة وهياكل التعددية، يجب تعزيز الأنظمة الفعالة وإصلاح النظم والهياكل غير الفعالة. وهذا لا يتطلب إجراء تغييرات هيكلية فحسب، بل أيضًا تجديد الالتزام بقيم التعاون العالمى والوحدة، حيث تشكل قمة الأمم المتحدة القادمة لحظة حاسمة لتعزيز الإجراءات الجماعية فى جهود السلام، والتقدم المستدام، وقضايا حقوق الإنسان.
فى هذه الحقبة من القرن المليئة بالتحديات، من الواضح أننا بحاجة إلى هيكل تعددى قوى ومتجدد يتيح لنا التعاون ضمن الأطر المتوفرة ومعالجة القضايا العاجلة وتشكيل عالم أكثر عدلاً واستدامة للجميع. ومن الضرورى أن نغتنم هذه الفرصة لتأكيد التزامنا بتعددية الأطراف والحفاظ على أهميتها كجانب أساسى من جوانب الحكم العالمي.