كان من بين أساليب التعذيب القديمة للبشر أو المساجين مثلما كنا نشاهد فى بعض الأفلام الأجنبية ترك صنبور مياه مجاور للمحبس أو الزنزانة تتساقط منه المياه نقطة نقطة دون انتظام على سطح معدنى رقيق ليلاً، أو ربط حيوان مفترس يقطع الهدوء بصوته المرعب المستمر بجوار الزنزانة، أو عمل قرع غير منتظم لطبلة، أو فرقعات متتالية بالجوار بإحدى الوسائل وغيرها من الطرق الكفيلة ليس فقط بإقلاق وتوتر السجين، بل وربما جنونه أو انتحاره.
وما يقوم به الآن فى شوارع القاهرة العديد من المستهترين الجدد أو الشباب المريض بالحس الدائم بالدونية والمختلين عقليًا والموتورين المغيبين بإدمان المخدرات باستخدام شكمانات مزعجة لسياراتهم أو دراجاتهم النارية خلال سيرها أو وقوفها بالشوارع لإصدار أصوات فرقعات متتابعة مزعجة وعالية الصوت وبخاصة بالمناطق السكنية المأهولة وبجوار العيادات والمستشفيات وخاصة فى الليل مسببة فزعًا للصغار وتوترًا للكبار فوق ما هو موجود أصلاً نتيجة ظروف الحياة وبصورة غير موجودة أو مألوفة بأى بلد فى العالم لا المتحضر ولا حتى المتخلف، هذا بخلاف ما سيسببه من سوء يرفع نسبة التلوث وزيادة نسبة الكربون والمواد السامة بالعادم وخفض كفاءة استغلال الوقود وما سيعانيه راكبها من صمم على المدى البعيد إذا كان لديه عقل أو حس حتى بنفسه، سواء كانت المركبة مصممة على هذه الصورة لغرض خاص كالسباقات مثلاً وفى هذه الحالة لا يسمح باستخدامها داخل المدن فكيف نسمح نحن بترخيصها أو بالإضافة والتعديل لدينا لتحقيق هذا الغرض المرضى كالهبلة التى أعطيناها طبلة.
فهل يعقل ترك هذه التجاوزات تنتشر وتتعدى حدود الأحياء حتى الشعبية للراقية أيضًا وبصورة مستفزة أو تعجز أجهزة المحروسة من مرور وبيئة وغيرها على التصدى لهذه الظاهرة المتزايدة من قبل فئة مريضة أو مدمنة للمخدرات أو بذرائع واهية كاستخدامها فى أعمال توصيل الطلبات «الدليفري» ونحن نرى ما يحدث من استنفار للأجهزة المختلفة بأى بلد متحضر نتيجة مواء قط جائع أو معلق بشجرة، أو نباح كلب محبوس أو ارتفاع صوت تلفاز بمنزل مجاور فما بالنا بمصطنعى الازعاج والتباهى به لدينا؟