بعيدًا عن الفوائد والمزايا التى تقدمها محطة الضبعة النووية، لابد أن نتطرق لدوافع عودة إحياء المشروع بعد تعطيلة أكثر من 60 عامًا بهذه السرعة رغم الظروف الصعبة التى تمر بها دول العالم بما فيها مصر، فى الواقع إن الأمر كله يختزل فى التنمية الشاملة التى يستهدفها المشروع العملاق الذى يؤكد عمق الصداقة المصرية الروسية وتطورها على مدار العقود الماضية، حتى أصبحت هدفًا استراتيجيُا للبلدين.
لابد أن ندرك جيدًا أن إحياء البرنامج النووى السلمى المصري، هو قرار استراتيجى اتخذه الرئيس السيسى بكل ثقة لاستهداف أبعاد جديدة للتنمية أبرزها توفير طاقة نظيفة آمنة مستقرة رخيصة طويلة الآجل، وبالتأكيد أن هذا البعد يكفى فى ظل الأزمات العالمية المتلاحقة بسبب تقلبات أسعار الطاقة وصعوبة الحصول عليها، نتيجة الصراعات الدائرة حاليًا فى منطقة الشرق الاوسط وكذلك أوروبا مثل حرب غزة التى تجاوزت العام وكذلك الحرب الروسية الأوكرانية التى ترتب عليها زيادة أسعار الطاقة عشرة أضعاف سعرها فى أوروبا بعد وقف تصدير الغاز الروسى إلى دول القارة العجوز، الأمر الذى ساهم فى زيادة أسعار الطاقة فى اوروبا وصعوبة الحياة فيها بعد أن كانت تنعم بمصادر طاقة رخيصة من روسيا.
إن الدروس المستفادة والنتائج المريرة التى أفرزتها الصراعات الدائرة حاليًا وضعت محور اهتمام القيادة السياسة إلى إحياء مشروع «الضبعة النووية»والتعجيل به لإضافة الطاقة النووية كبعد رئيسى يعتمد عليه فى إنتاج الكهرباء والوفاء بالاحتياجات المتزايدة من الطاقة الكهربائية وتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية.
لاشك أن تنفيذ مشروع الضبعة فى ظل هذه الظروف هو تحدى كبير لقدرات ومكانة مصر العالمية وحدث تاريخى يضعنا فى مصاف الدول المتقدمة صناعيًا، حيث يوفر عنصرًا أساسيًا من عناصر التكلفة الانتاجية بأقل سعر، الأمر الذى يخلق مزايا تنافسية للصناعة الوطنية، بما يخلق طلبًا متزايدًا على الاستثمار فى مصر خاصة الاستثمار الصناعى الذى يعتمد على الطاقة الكهربائية فى الانتاج.
فى الحقيقة إن إحياء هذا المشروع الاستراتيجى المهم له دلالات ورسائل عديدة تؤكد أن مصر تسير فى الطريق السليم وأن مايحدث حاليًا من تضخم وخلافه هو انعكاس للواقع العالمي.