لعل زيارة الرئيس مؤخرا للصين وتجديد التأكيد على أهمية بناء الإنسان جعلتنى أتوقف قليلا أمام دولة تمر 10 سنوات على علاقتنا الاستراتيجية معها هذه الأيام وهى الصين لأنقل تجربتى التى أثرت خاطرى وفكرى عند زيارتى لها.
نعلم جميعاً أن دولة الصين تصنف من الدول العظمي؛ كنت أعتقد قبل سفرى لدولة الصين أنها صنفت هكذا نظرا لتطورها فى كافة المجالات من زراعة وصناعة وتجارة ولديها اقتصاد قوى لكن فى حقيقة الأمر بخلاف تلك الأسباب التى يعيها الجميع ؛ فهناك أسباب من وجهة نظرى هى سبب تصنيفها هكذا ؛ بداية سوف اتكلم عن شعب دولة الصين الذى يتسم بالجدية والنظام والعملية وأيضاً يعرف كيف يستمتع بحياته بهدوء فشاهدت كل ذلك فى أغلب المدن التى ذهبت إليها ؛ شاهدت أيضاً اعتزاز الشعب الصينى باللغة الصينية فلم اشاهد قط شخصاً واحداً يتحدث لغة أخرى غير الصينية بخلاف تشبثهم بذلك وذلك يعكس الهوية الوطنية لديهم ورفضهم التحدث بأى لغة أخرى غير الصينية ؛ ويعكس أيضاً انتماءهم الوطنى لوطنهم واعتبار سؤالهم هل تتحدث اللغة الانجليزية إهانة! ناهيك عن تجولى فى الدولة ولم أشاهد قط منتجاً غير صينى ! فاعتمادهم على التصنيع المحلى هو ما أضفى على دولة الصين العظيمة طابعاً خاصاً لم اشاهده فى أى دولة أخرى حتى لو تم تصنيفها دولة عظمي! فهم يعتمدون على الإنتاج المحلى فى كافة المجالات من زراعة وصناعة وتجارة ؛ بخلاف ذلك اقتصاديون من الدرجة الأولى ويدركون جيداً قيمة كل شيء وأول شيء الوقت ؛ فشاهدت فى الأسواق كيف ان كل مواطن يقوم بشراء ما يكفيه فقط ؛ حتى ولو كانت ثمرة فاكهة! والأجدر من ذلك شاهدت ثمرة فاكهة يتقاسمها أكثر من شخص مثل البطيخ فيقوم المواطن بأخد ربع أو اقل ويقوم بتغليفها ؛ لتصبح فى نهاية الأمر بطيخة واحدة تقاسمها أكثر من 8 أشخاص! بخلاف طاولة الطعام التى بها ترشيد واضح فكمية قليلة من كل صنف وعندما جلست على تلك الطاولة قد يبدو من للوهلة الأولى أن الطعام قليل ولكن فى حقيقة الأمر الطعام كافٍ ولم يتبق منه شيء!
هذا سر تقدم دولة الصين وهذا ما نحن بحاجة إليه.. نحن بحاجة إلى بناء الإنسان وتغيير فكر وثقافة وسلوك الشعب هذا بحق ما نحن بحاجة إليه الآن!
فنحن نفتقد إلى الإرشاد وسوف اتقدم بمناقشة سياسة الحكومة تجاه توعية المواطن بثقافة الترشيد فى كل شيء؛ حتى نكف عن سياسة التخزين ؛ فنشاهد فى المطاعم والكافيهات وأيضاً الفنادق كل شخص لديه كمية تكفى العالم وينتهى من الطعام ومازالت الطاولة كما هى لينتهى الأمر بإلقاء ذلك الطعام فى سلة المهملات!
ينقصنا بحق الاعتزاز بالهوية الوطنية واللغة المصرية ؛ فالجيل الحالى أغلبه يعتز بإجادة جميع اللغات ماعدا اللغة العربية ؛ لا اعلم هل القى اللوم عليه ام على أسرته؟! فنشاهد بعض الآباء والأمهات يلوم الطفل إن تحدث بالعربية بل ويصل الأمر إلى عقابه عند التحدث بلغة وطنه ! فيكبر الطفل وهو يشعر أن تحدثه اللغة العربية أمر خاطئ! بخلاف العادات والتقاليد والأفكار الخاطئة التى تنتقل من جيل إلى جيل مما تسببت فى إصابة البعض بالمرض النفسي؛ فقد حان الوقت أن يصبح ملف بناء الإنسان من أهم الملفات وبها سوف تصبح دولة عظمى فمن يصنع الدولة العظمى هو الشعب بعاداته وتقاليده وأفكاره.