لاشك أن الفترة الحالية تتطلب منا اليقظة التامة من المتربصين بمصرنا الحبيبة الساعين إلى نشر الطاقة السلبية فى المجتمع.. تتطلب منا هذه المرحلة النظرة المستقبلية لمواجهة التحديات المطروحة.. وخاصة التحديات الاقتصادية.. والتى يجب أن تنطلق بقطار المشروعات الصغيرة والتى يعتبرها العالم أساس النمو الاقتصادى والتصدى للمشاكل المجتمعية الناتجة عن البطالة.. ووضعها فى إطار تكاملى لا تنافسى حتى يمكن لها أن تساهم بفاعلية فى زيادة الناتج القومي.. وخاصة فى القرى التى لها مزايا نسبية فى بعض المشروعات والمنتجات للمساهمة فى تحسين نوعية حياة سكانها من خلال استدامة المشروع الصغير.. وأن تتحول ثقافة الأسر الفقيرة من تلقى المساعدات إلى التمكين الاقتصادى المحسوب والمحسوس والمدروس والمتكامل لا المتنافس مع غيره.. الساعية للاستمرارية والتوسعية لدائرة التوظيف والتشغيل لتحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية.. خاصة بعد أن هرب أمهر صناع المنتجات اليدوية للعمل كسائقين للتكاتك.
استحوذت الصناعات الصغيرة على فكر واهتمام الكثير من الدول التى أصبحت قوى اقتصادية لا يستهان بها.. درست الأسواق الخارجية.. وصنعت ما تحتاجه هذه الأسواق..فغزت الدول بمنتجاتها لا بالأسلحة.. وخرجت جحافل من أبناء بعض هذه الدول كالصين لتسوق لهذه المنتجات الرخيصة السعر والمقبولة لدى الجماهير.. هناك أيضاً التجربة الإيطالية التى بدأت فى مجال الحرف التقليدية واليدوية منذ الخمسينيات.. والتى تطورت من خلال المناطق الصناعية وخاصة أنشطة الملابس ودبغ الجلود والأدوات الموسيقية والنسيج.. وأعمال الزجاج.. وتم وضع خريطة مفصلة لهذه المشروعات حتى تتكامل الجهود.. وتتناغم.. لا تتنافس وتتباعد.. وحتى يكون لها الأثر الإيجابى فى الناتج المحلي.
يجب على الحكومة الجديدة الاهتمام بهذه الصناعات.. حتى تمتد وتنتشر فى مصر من خلال إستراتيجية واضحة المعالم ورؤية ثابتة متكاملة لا تتغير بتغير الأفراد.. وأن تتكامل بعض هذه المشروعات مع الصناعات العملاقة.. وأن يكون لها شبكة معلوماتية دقيقة.. وأن تتخصص كل منظقة صناعية.. وكل قرية.. وحى وشارع فى منتج معين.. يجود.. ويحسن.. ويبدع فيه وأن تقوم على فكرة التجميع بهدف الاشتراك والتعاون والتكامل لإنتاج سلعة أو منتج محدد.. وخلق نسيج تكاملى تجميعى من الشركات والمؤسسات الصغيرة التى يتخصص كل منها بجزء من الإنتاج يعتمد عليه تسلسل المرحلة الإنتاجية لمنتج كبير.. حتى نستطيع النهوض بالمجتمع وأفراده.. وتوفير فرص العمل.. والاستفادة من طاقة الشباب.. ولكن وقبل هذا كله يجب خلق مناخ جاذب للاستثمار.. وبيئة صالحة للاستمرارية.. بعيداً عن البيروقراطية والتعنت.