رأس مال الصندوق المصرى 12٫7 مليار دولار وأصوله 637 مليونًا
130 صندوقًا فى العالم.. تدير أصولاً بقيمة 9.65 تريليون دولار
تعمل لتحقيق أهداف متنوعة وشاركت فى إعادة تأهيل البنية التحتية منذ 2011
كثر الحديث فى الاونة الأخيرة عن الصناديق السيادية وفكرة الاستحواذ وتضاربت الاقوال وظهرت نظريات وحديث طويل مما جعلنا نتساءل عن هذه الصناديق ونخوض فى رحلة عن ماهيتها ليتمكن القارئ من الوقوف على الهدف منها وطرق عملها وأهميتها للدولة.
فالصندوق السيادى هو صندوق ممول من قبل الدولة يتكون من أصول متنوعة مثل الأراضى أو الأسهم أو السندات أو أجهزة استثمارية اخرى ومن الممكن وصف هذه الصناديق بانها كيانات تدير فوائض الدولة من اجل الاستثمار.
والصناديق السيادية ليست ظاهرة جديدة بل يعود تاريخ انشائها أو بعضها إلى عام 1953 حيث انشأ أول صندوق سيادى فى دولة الكويت تحت اسم الهيئة العامة للاستثمار ولكنها بدأت نشاطها المكثف وبصورة كبيرة مؤخراً استحوذ فيها الصندوق على حصص مؤسسات عملاقة بالخارج مثل مورجان ستانلى وميريل لينش وشركات كبيرة فى القطاع المالى عالمياً.
وهناك دول حول العالم مثل النرويج تعد من الدول المحظوظة لأنها تمتلك أحد أكبر الصناديق حول العالم وتقدر اصوله بأكثر من 1.2 تريليون دولار، أما الصين وروسيا وسنغافورة فلهم صناديق أيضاً سيادية ذات وزن كبير يقدرها بيت الخبرة المالى ستاندردتشارترد بقرابة 100 مليار دولار كذلك أسست دولتا تشيلى وفنزويلا هيئات من هذا النوع.
فى دول الخليج التى تهتم تحديدًا بالصناديق السيادية تعتبر عائدات النفط المصدر الرئيسى والأساسى للاموال وازدياد حجم الصناديق الاستثمارية المالية وهى من اكبر الصناديق العالمية خصوصاً بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط وازدياد صادرات الدول المنتجة للخامات البترولية، فقد ازدادت ثروات هذه الصناديق كما أنها تعتبر الاحتياطيات النقدية الأجنبية مصدراً أساسياً لها.
وتشير الدراسات الاقتصادية إلى ان حجم الأموال التى ستمتلكها تلك الصناديق خلال عقد من الزمن ستتجاوز 13.4 تريليون دولار وان الأصول ستبلغ 17.2 تريليون دولار إذا استمرت أسعار النفط فى تزايد مستمر.
ويعتبر جهاز أبوظبى للاستثمار اكبر الصناديق السيادية فى العالم بالنظر لحجم اصوله بالدولار الأمريكى ونسبة تلك الأصول الى اجمالى الناتج المحلى لدولة الامارات العربية المتحدة حيث تقدر حجم أموال الصندوق بقيمة 250 مليار إلى تريليون دولار، اما حجم اصوله ويقرب من 625 مليار دولار.
والسؤال الذى يطرح نفسه دائماً هل وجود هذه الصناديق يمثل مؤشراً إيجابى لأى دولة؟
والإجابة بدون اى مواربة نعم، فمعظم الاقتصاديين يرون ان ظهور الصناديق السيادية هو أمر أو مؤشر إيجابى فى عالم أسواق المال لان هذه الصناديق هى من سارعت إلى ضخ الأموال فى جسد وبنية الاقتصاد الأمريكى بينما فر معظم المستثمرين من الأسواق الامريكية جراء المخاوف المتزامنة مع احتمال تعرض الاقتصاد العالمى للركود والانكماش للناتج المحلى.
ويكمن عمل هذه الصناديق وتحدياتها فى إمكانية العمل بشفافية والكشف عن حجم أموالها وحجم موجوداتها.
أما صندوق مصر السيادى فهو صندوق ثروة سيادى تمتلكه الدولة وتم إنشاؤه بقانون رقم 177 لسنة 2018 والمعدل بقانون رقم 177 لسنة 2020 بهدف المساهمة فى التنمية الاقتصادية المختلفة، ويبلغ رأس مال الصندوق حوالى 12.7 مليار دولار واصوله تقدر بحوالى 637 مليون دولار امريكى ويعمل فى الاستثمار فى الأنشطة الاقتصادية المتعددة من خلال إدارة الأصول المملوكة أو المنقولة.
وقد يلاحقنا سؤال مهم.. هل الصناديق السيادية تساهم فى حل مشاكل الاقتصاد العالمى؟
والإجابة ان الاقتصاد العالمى يواجه العديد من التحديات التى اثرت على معدلات نموه وابرزها جائحة كورونا والازمة الأوكرانية ومخاوف التضخم التى تسود العديد من الدول ولهذا برز دور مهم لصناديق الثروة السيادية التى يراها الخبراء والمحللون محركاً جديداً للاقتصاد العالمى خاصة ان إجمالى عدد الصناديق الســيادية فى العالم 130 صنـدوقاً تدير اصولاً بقيمـة 9.65 تريليون دولار وتستأثر دول الخليج بــ 31 % منها على مدى العقود السبعة الماضية وتحديداً منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية فى عام 1945 اضطلع صندوق النقد الدولى والبنك الدولى بالدور الجوهرى فى صياغة وتحريك النظام الاقتصادى العالمى وبناء التركيبة المتعارف عليها حالياً للمعاملات المالية الدولية ومازال الكيانان الدوليان واللذان يشار اليهما معاً باسم نظام «بريتون وردز « كونهما خرجا الى الوجود باتفاقية «بريتون وردز» الشهيرة عام 1944 هما الجهتان الأكثر تأثيراً فى تحديد قواعد الاقتصاد الدولى وتشكيل المشهد المالى العالمى إلا انهما لم يعودا وحدهما هما المخولان بأداء هذه المهمة بل ظهر لهما خلال السنوات الماضية القليلة جهة مكملة لدورهما تساعدهما فى الاضطلاع بهذا الدور آلا وهى «صناديق الثروة السيادية « بل ويجادل البعض ان هذه الصناديق ربما تمثل منافساً لنظام «بريتون وردز» وستحل محله يوماً ما.
وتعمل الصناديق السيادية على تحقيق اهداف متنوعة ضمن الاقتصاد الكلى لحكومتها وتتراوح هذه الأهداف بين تحقيق الاستقرار الاقتصادى ومن ثم الاستقرار الاجتماعى والسياسى داخل الدولة التى تتبعها كما هو الحال فى صندوق الاستقرار فى تركمنستان وصندوق الاستقرار الاجتماعى والاقتصادى فى تشيلى وإدارة الأسواق وجدت العملات الأجنبية وتحقيق وثورات هائلة من الثروات للأجيال المستقبلية.
وتستفيد الصناديق من الفوائض المالية الهائلة التى تتمتع بها الدول الثرية كما هو الحال فى الصين والنرويج ودول الخليج.
وقد شاركت الصناديق السيادية على مستوى العالم فى إعادة تأهيل البنية التحتية منذ 2011 فى مختلف بلدان العالم.
وبدأ يبرز الدور المتصاعد للصناديق السيادية ودورهما المتنامى فى تحريك الاقتصاد العالمى فى السنوات الأخيرة ومكانتها التى تكتسبها ببطء وان كان مطرداً لتعديل فى مجموعة بدائل منها «مبادرة الحزام والطريق» التى تتبناها الصين وإعادة بناء عالم أفضل والتى أطلقتها مجموعة السبع بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وأدى هذا الصعود التدريجى لأهمية الأدوار فى اقتصاد عالمى متطور ومتواصل ولم تعد فيه التعددية الاقتصادية والمالية الآخذة فى الصعود مقتصرة على الدول فحسب وانما تمتد بشكل تدريجى لتشمل الكيانات شبه الحكومية لصناديق الثروة السيادية وباتت هذه الكيانات تلوح فى الأفق كبديل منتظر فى المستقبل القريب، وعلى البنك الدولى وصندوق النقد الدولى أن يجدوا مكاناً للجميع على الخارطة الاقتصادية العالمية المستقبلية بدلاً من ان يصبح احد الطرفين بديلاً للآخر.
الاستحواذ
انتشر فى الآونة الأخيرة ايضاً مصطلح الاستحواذ وأصبح شائع الاستعمال ويثير مخاوف وقلق بعض الأشخاص خصوصاً عندما تقدمت بعض البلدان العربية الشقيقة للدخول كشركاء فى السوق المصرى ضمن رؤية وطنية شاملة لجذب الاستثمارات وهوما يحدث فى كل بلدان العالم دون أى عواقب ضارة على اقتصاد أى بلد بل هى نوع من أنواع التمويل والاستثمار وليس هناك مكان لمعارك المنافسة أورحلة وضع خطط استراتيجية لإضعاف الخصم والذود بحصته فى السوق فيكون الربح من نصيب الشركة الأقوى التى تستطيع ان تتحكم فى السوق بشكل أكبر فتضعف الشركات الأخرى ولكن الاستحواذ يعنى ان تقوم شركة بشراء جزء من اسهم شركة أخرى أوحتى 50 % فتصبح التبعية الى الشركة الام ويهدف الاستحواذ الى توسيع أنشطة الشركة تجارياُ والسيطرة على حصه اكبر فى السوق الدولية والعالمية.
اما عن استحواذ شراء الأسهم فيمثل هذا النوع من الاستحواذ شراء الشركة المستحوذة أكثر من 50 % من اسهم الشركة المستحوذ عليها ولا يؤثر هذا النوع من الاستحواذ على النشاط الاقتصادى للشركة بشكل مباشر وانما بهدف نقل جزء من ملكية الشركة الى المستحوذ.
ومن اهم إيجابيات هذا النوع من الاستحواذ بالنسبة للبائع هو انخفاض قيمة الضرائب بسبب انخفاض نسبة الأسهم التى يملكها فى الشركة بينما تعود إيجابيات هذا النوع على المشترى فى الاستحواذ على غالبية الأصوات فى مجلس الإدارة، أما عن السلبيات فالمشترى يرث الأوضاع القانونية للشركة وهوما يجلب له الكثير من المتاعب.
«ويبرز تساؤل هام ما هى مزايا عمليات الاستحواذ على الشركات ؟؟؟»
لاشك انه من مزايا عمليات الاستحواذ انها تمكن الشركات لتعزيز تدفقات الإيرادات وحصتها فى السوق أوتوسيع قاعدة منتجاتها أو تزيد من وجودها الدولى خلال الاستحواذ على الشركات ومن أبرز مزايا الاستحواذ على الشركات.
النمو الدولى حيث يمكن للشركات أن تبيع منتجاتها أوتزيد وجودها الدولى من خلال الاستحواذ على الشركات فى مواقع مختلفة على الصعيد الدولى وبالتالى تزيد الأرباح وكذلك تنوع المنتجات حيث يؤدى الى الاستحواذ الى توسيع مصادر الإيرادات وتنويع المنتجات.
إضافة إعادة هيكلة الشركات حيث تعاد عملية الهيكلة من خلال الاستحواذ وتوسيع الاستثمارات والتوسع فى بعض الأحيان تتولى الشركات زمام الأمور فى شركات اخرى نتيجة الاستحواذ مما يؤدى الى زيادة الإيرادات وتوسيع الاعمال بشكل كبير.
وختاماً الصناديق السيادية لها دور مهم فى هيكل الاقتصاد الكلى وتسمى بعملاق الاستثمار وصاحبة الدوائر المالية وكنوز المستقبل وهى أداة لضبط الموارد وعلاج العجز المالى للدول بالإضافة إلى دورها فى التنمية المستدامة ولها استراتيجية وتعمل بقوانين وجهات مراقبة ولها ترتيب فى الهرم المالى العالمى ومصر كانت تدرس إنشاء صندوق سيادى للصناعة ولعلها تفعلها فالصناديق قنوات شرعية استثمارية للأجيال القادمة تديرها الدولة ولها وزن فى الاقتصاد العالمى والنظام المالى العالمى كأدوات إستراتيجية للاستثمار وايضا تحتاج إلى كفاءات لإدارتها ليتم استكمال إطار الحوكمة فيها بما يناسب تطلعات المستقبل ودورها فى سلاسل القيمة المضافة فقد قادت دول بدورها الفاعل خصوصاً الدول النفطية وساهمت فى تحول اقتصادها بعد المرحلة النفطية فهى الحاضر والمستقبل وقوة استثمارية فى عملية التنمية الاقتصادية.