العالم كله الآن يؤيد الرؤية المصرية بشأن القضية الفلسطينية، فقد أجبرت هذه الرؤية الدنيا كلها على احترامها، بل إن دولاً أعلنت مؤخراً اعترافها بالدولة الفلسطينية، وهذا يستوجب ضرورة أن تكون الفصائل الفلسطينية على قلب رجل واحد، وألا تسود الفتنة بينهم حتى يتم تفويت الفرص على الاحتلال، ومن أجل وقف الحرب الدائرة، ومن أجل الدخول فى مفاوضات سريعة تمهيداً لتفعيل حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية.
لقد آن الأوان لأن تتم المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية، ومصر لعبت على مدار السنوات الماضية جهداً مكثفاً وبدبلوماسية هادئة من أجل الوصول إلى هذه المصالحة الفلسطينية، وازدادت هذه الرؤية المصرية بشكل واضح منذ الحرب الإسرائيلية البشعة على غزة فى 7 أكتوبر الماضي. ومن خلال الرؤية المصرية الثاقبة فى هذا الملف كانت مصر ولا تزال تواجه تحدياً كبيراً فى منع تصفية القضية الفلسطينية ومنع تهجير الفلسطينيين، وإصرار شديد على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
المراقب للأحداث والوقائع يدرك تماماً أنه لا مفر عن المصالحة الفلسطينية فى ظل هذه الأوضاع المتردية، وفى ظل جرائم الاحتلال الصهيوني. وأعتقد أن المصالحة الفلسطينية تفوِّت الكثير من كوارث إسرائيل التى ترتكبها فى حق الشعب الفلسطيني، وتفويت الفرصة على تل أبيب لوقف الحرب والدخول فى مفاوضات مباشرة.. والأمر يستدعى بكل قوة أن تكون الإرادة الفلسطينية على قلب رجل واحد، لوقف هذه المهازل التى ترتكبها إسرائيل، لأن خلافات الفصائل الفلسطينية تعرقل الكثير من الأمور. فهذه الخلافات، تعود نتائجها السلبية بالصالح العام للاحتلال الصهيوني، الذى يستغلها أسوأ استغلال وتعطيل تفعيل حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
القادة الفلسطينيون سواء فى السلطة أو الفصائل المختلفة لديهم القناعة أن إسرائيل تصر على تعطيل مشروع الدولة، وأمد الحرب الدائرة حالياً الذى طال، يهدف بالدرجة إلى حرب إبادة وتصفية القضية الفلسطينية. ولذلك يجب فوراً وقف أى خلافات بين هذه الفصائل وتكون يداً واحدة بدلاً من حالة التشرذم، أولاً لوقف الحرب، وثانياً للسير طبقاً للرؤية المصرية الثابتة التى لا تتغير من أجل إقامة الدولة الفلسطينية.. والحقيقة أن مصر قامت بأدوار كثيرة فى هذا الشأن من أجل توحيد الفصائل لتفويت الفرص التى تمنحها للاحتلال بهده الخلافات التى لا تنتهي. والتوحد الفلسطينى يجب ألا يفسده أى فصيل لضمان توحيد الرؤية والتصدى بكل قوة للاحتلال.. ولإيمانى الشديد بأن إسرائيل التى لا تريد إقامة الدولة الفلسطينية، تسعى بكل الوسائل والسبل لإحداث الفُرقة والوقيعة بين جميع الفلسطينيين. وهنا بات من الضرورى على جميع الفصائل تفويت الفرص على إسرائيل.. وأعتقد أن تقريب وجهات النظر بين الفصائل بات الآن أكثر جدية، بدلاً من تعقيد الأمور بهذا الشكل المزري.. المزاعم والأكاذيب التى ينشرها إعلام الصهيونية لا تلتفت إليه القاهرة ولا يؤثر فيها قيد أنملة، وستظل على موقفها الثابت رغم كل التحرشات التى تقوم بها إسرائيل أو أمريكا أو بعض دول المجتمع الدولى المتضامن مع الصهيونية، ورغم أن هذه المزاعم التى تم إطلاقها مؤخرا ضد مصر، فإنها بمثابة «بمبة» عادت إلى من يطلقونها، وباتت إسرائيل أمام موقفين لا ثالث لهما، وهما رأى عام داخل الشعب الإسرائيلى ضد حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو، وهو ما تمثل فى مظاهرات عارمة كثيرة، والثانى رأى عام لدى شعوب العالم بأن إسرائيل عصابة مجرمة ارتكبت الكثير من الجرائم فى حق شعب أعزل، فقتلت وذبحت ومنعت الغذاء والدواء عن الناجين من هذا الشعب، ولذلك لم يعد أمام إسرائيل إلا أن تستجيب لمفاوضات وقف الحرب؛ ولا أكون مبالغاً فى القول بأن الدبلوماسية المصرية قد تجبر حكومة الاحتلال على ذلك.
ستظل مصر على موقفها الثابت ولن يتغير وهو المتمثل فى حل الدولتين والجلوس على طاولة المفاوضات لإنقاذ المنطقة من المصير المشئوم، وهذا ما يجب أن تعيه الولايات المتحدة لأن مصالحها هى الأخرى ينالها التأثير بشكل واضح وظاهر.. استجيبوا للرؤية المصرية لأن فيها الفلاح والسداد للجميع.
ومن باب أولى أيضا أن تحرص الفصائل الفلسطينية على ضرورة نبذ الخلافات فيما بينها والإستجابة لرؤية مصر من أجل تفويت الفرصة على إسرائيل، تمهيدا للدخول فى مفاوضات مباشرة وتفعيل حل الدولتين ..يعنى تصالحوا.. تصحوا وتكسبوا.