النظافة وسيلة من وسائل محاربة المرض
منذ فجر حياتهم اهتم المصريون القدماء بمعرفة الوسائل التى تساعد على مكافحة الأمراض وتقوية الأبدان ولذلك راعت الشرائع السماوية فى كل الواجبات والفرائض الدينية ما يحقق هذه الغاية، وكان علم الطب أقدم علم اشتغل به الانسان وكان الكهنة فى معابد المصريين القدماء هم رجال الدين ورجال الطب.
السنة الشريفة مليئة بأحاديث الرسول- صلى الله عليه وسلم- التى تحث على العناية بالصحة، لما لها من عظيم الأثر فى الحياة وقد عنى الإسلام كل العناية بالناحية الصحية، وسلامة الأجسام والأبدان، لتظل بمأمن من الأمراض والأسقام.
وقد بنى الإسلام على النظافة ومنها نظافة الملبس والمسكن والشارع والأمكنة العامة.
وإصلاح الرحال أى المساكن بما يشمل كنسها وتهويتها وتعريضها للشمس وتطهيرها من الحشرات المؤذية وما إلى ذلك، ولا ننسى فى هذا المجال حرمة تلويث البيئة بأى ملوثات حتى بالرائحة.
ومما لا شك فيه أن النظافة سبيل إلى الصحة، والصحة تاج على رءوس الأصحاء لا يراه إلا المريض.
وقد اتخذ الإسلام النظافة وسيلة من وسائل محاربة المرض والقضاء عليه فالصلاة- وهى عماد الدين- من شروط صحتها نظافة الجسم والثوب والمكان والوضوء للصلاة كله نظافة لقوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنباً فاطهروا» «المائدة: 6» فالمضمضة فى الوضوء سنة، وفيها نظافة للفم واللثة والأسنان والاستنشاق سنة وفيه نظافة للأنف ووقاية من الزكام.
وفى غسل الوجه والأيدى ومسح الرأس والأذنين -مسح الأذنين سنة- وغسل الرجلين إلى الكعبين عدة مرات فى اليوم نظافة وتطهير لهذه الأعضاء، ووقاية من الأمراض الجلدية التى تنشأ عن عدم النظافة، وتسرى إلى الجسم عن طريق الجلد.
وشرع غسل اليدين قبل تناول الطعام وبعده.
الصحة الوقائية التى ينادى بها الأطباء اليوم فى قولهم «الوقاية خير من العلاج».. من اختراعات القرن الماضى، بل دعوة إسلامية خالصة مصدقاً لقوله تعالى: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» «البقرة:195».
وفى حديث أسامة بن زيد -رضى الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها» رواه البخارى ومسلم.
وحتى عزل المرضي- خوفاً من انتشار المرض وتفشيه- فقد فطن إليه المسلمون فى صدر الإسلام قال- صلى الله عليه وسلم- : « فر من المجذوم كما تفر من الأسد».
وقد حث الرسول-صلى الله عليه وسلم- على العلاج بقوله: «إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء» وقوله: «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء» وفى رده -صلى الله عليه وسلم- على من يهملون علاج أنفسهم محتجين بالقضاء والقدر: «الدواء من القدر وقد ينفع بإذن الله».
وبهذه الأسلحة.. فكر الإسلام فى الرعاية الصحية، ومحاربة المرض فهل لنا أن نحذو حذوه، ونسير على نهجه، فنكسب الأجسام قوة ومناعة نقهر بها هذا الوباء الذى أصاب العالم أجمع.