يصل الشهيد جمال حمدان إلى نتيجة أن أوروبا تاريخيا هى الوطن المطلق لليهودية العالمية، ولا تمت بصلة إلى أرض فلسطين.
ونعود لكتاب «السبط الثالث عشر» حيث يقدم كوستلر الأطروحة القائلة بأن اليهود الأشكناز لا ينحدرون من الإسرائيليين التاريخيين فى العصور القديمة، ولكن من الخزر، وهو شعب تركى نشأ فى إمبراطورية شمال البحر الأسود وبحر قزوين، وفرضية كوستلر هى أن الخزر – الذين اعتنقوا اليهودية فى القرن الثامن – هاجروا غرباً إلى أوروبا الشرقية الحالية ( أوكرانيا وبولندا وبيلاروس وليتوانيا والمجر وألمانيا) فى القرنين 12 و13 عندما انهارت إمبراطورية الخزر.
وعن كتاب الشهيد جمال حمدان «اليهود انثروبولوجيا» يقول عبد الوهاب المسيري»: حين قرأت كتابه لأول مرة كنت أبحث ساعتها عن المعلومات شأنى فى هذا شأن أى باحث، ولكن يبدو أيضاً أننى استوعبت فى ذات الوقت منظومة فكرية كاملة ثم استبطنتها تماماً دون أن أدري، غير أنى لم أدرك هذا إلا مؤخراً بعد أن انتهيت من كتابة موسوعة اليهود.. وجلست لأتأمل فى مصادر فكري، فهالنى حجم تأثرى به فى طريقة تفكيره وكما اتفق المؤرخ عبد الوهاب المسيرى وعدد من العلماء الشجعان المخلصين للقضية الفلسطينية مع الشهيد جمال حمدان، أيضا أتفق مع أرث ركوستلر فى أفكاره حول عدم انتماء اليهود الحاليين لأرض فلسطين وانعدام أحقيتهم فى العودة لهذه الأرض، ومن هؤلاء كان دوجلاس مورتوندنلوب، ورافائيل باتاي، وأبراهام بولاك، إضافة إلى المدافع عنه شلومو ساند، ورغم أن أرثر كانت نيته المعلنة هى نسب اليهود لقومية الخزر حتى تنعدم أسباب معاداة السامية وينتفى أساسها العنصري.
ولأن الأصوات المعادية لهؤلاء الكتاب والمفكرين من اليهود أنفسهم لم تجرؤء سوى عن منع مؤلفاتهم من الانتشار فى المجتمع الغربي، وكذلك لا مانع من بعض الاتهامات مثل: وصف المؤرخ والاكاديمى اليهودى السويدى ماتياس جارديل أن فكرة أرثر كوستلر «تستند جزئياً إلى أنثروبولوجيا الهواة»، وتأتى حججها العلمية من أسطورة العرق اليهودى 1975 لرافائيل باتاى وابنته جنيفر، كما أنه يعتمد على أعمال المؤرخين السابقين، ولا سيما كتاب المستشرق والمؤرخ الأوكرانى المولد فى 1910 إبراهام بولاك يهودى الديانة والذى توفى 1970 فى الأراضى المحتلة «العبرى خزارياً: توليدوت مملاخاه يهوديت» 1951 وكتاب «تاريخ الخزر اليهود»1954 لدوجلاس مورتوندنلوب، المؤلف الذى يصفه كوستلر نفسه بأنه مصدر رئيسى له فى كتابه «السبط الثالث عشر» كما كان مؤرخون آخرون للخزر بما فى ذلك بيتر جولدن وموسى شولفاس.
وكتب مايكل سكاميل عن سيرة أرثر كوستلر أن: كوستلر أخبر عالم الأحياء الفرنسى بيير ديبراى ريتزن أنه «مقتنع بأنه إذا تمكن من إثبات أن الجزء الأكبر من يهود أوروبا الشرقية (أسلاف الأشكناز) ينحدرون من الخزر، بهذا ستتم إزالة الأساس العنصرى لمعاداة السامية ويمكن أن تختفى معاداة السامية نفسها «.
ورغم اختلاف نوايا البحث العلمى لدى كل من الشهيد جمال حمدان وارثركوستلر، فالاول يثبت بالانثروبولوجى أن اليهود الحاليين ليسوا اصحاب حق فى ادعائهم بحق العودة لارضى فلسطين، والثانى بذات العلم «الانثروبولوجى « توصل لعدم انتماء اليهود الحاليين ليهود موسى النبى وانهم من سلالة الخزر بهدف مناهضة العداء للسامية.
الا ان الباحثين قد توصلا لذات النتيجة وهى عدم انتماء اليهود الحاليين لأرض فلسطين وبالتالى لا حق لهم فيها، فعاقب الساميون ابن جلدتهم بمنع كتابه وتسفيه نتائجه وعاقبوا مفكرنا جمال حمدان بأن قرأنا عن خبر وفاته محترقا بمنزله وهو ينهى بحثه الثانى عن اليهود والصهيونية الذى كان سيكشف فيه العلاقة بين أوروبا وأمريكا فى دعمهما المطلق للكيان الصهيونى المحتل لأرض فلسطين.
وهذا ما سيأتى الحديث عنه فى القادم إن شاء الله.