راهن الرئيس عبدالفتاح السيسى على النضج السياسى للشعب المصرى، وبالفعل ثبت صحة الرهان، فمصر قد تتعثراحياناً ولكنها لا تسقط أو تموت، فشعب مصر عبر تاريخه الطويل المليء بالخبرات ناضج سياسياً بالفطرة، فقد شهدت مصر سلسلة من التدخلات الشعبية مثل جمع توكيلات الأمة فى 1919 للزعيم سعد باشا زغلول والتفاف الشعب بكل فئاته حوله لتحقيق الاستقلال التام للوطن ولإخراج الإنجليز من مصر، كما تظاهرت أكثر من 300 سيدة من شعب مصر، بقيادة هدى شعراوي، يرفعن أعلام الهلال والصليب، رمزا للوحدة الوطنية ورافضات الاحتلال الإنجليزى لمصر، كما ثار الشعب المصرى ضد الحملة الفرنسية وضدَّ حكم نابليون، كما رفضت المظاهرات الشعبية تنحى الرئيس جمال عبدالناصر عن الحكم اعترافاً بمسئوليته عن الهزيمة عام 1967م، كما احتشد الشعب فى جنازة جمال عبدالناصر لتأتى وجنازته ضمن قائمة أكبر عشر جنازات فى تاريخ البشرية، كما ان الشعب المصرى كتب تاريخه المعاصر بدعمه وأتيده واستقباله الحاشد للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى منطقة القاهرة التاريخية ومنطقة الحسين وفى شارع خان الخليلى وفى العريش وشمال سيناء ورفح بما يؤكد على عمق الوعى القومى المصري، واصطفاف الشعب خلف قياداته وموافقته على كافة الإجراءات التى وتتخذها القيادة السياسية، فمصر كما وصفها د.جمال حمدان لا تنهار قط، ولا هى تثور أبداً، ولا هى تموت أبداً، إنما هى فى وجه الأزمات والضربات المتلاحقة تظل فقط تنحدر وتتدهور، تطفو وتتعثر.
احتشاد جموع الشعب المصرى بمختلف انتماءاته يحمل رسالة تضامن مع الشعب الفلسطينى ورفض التهجير القسرى للفلسطينيين من قطاع غزة ورفض محاولات تصفية القضية الفلسطينية، أو المساس بالأمن القومى المصري، والتأكيد على ان ما تقوم به إسرائيل جريمة ضد الإنسانية، ومخالفة صارخة لكافة المواثيق الدولية، كما يمثل هذا الاحتشاد تفويضاً للرئيس السيسى فى اتخاذ كل ما يراه لحماية الأمن القومى المصرى ودعم كافة قراراته بشأن القضية الفلسطينية، فالشعب المصرى حريص على الدفاع عن الأشقاء الفلسطينيين كواجب وطنى وقومي، وهذه هى الطبيعة التاريخية لجينات الشعب المصرى التى يلخصها الحجاج بن يوسف فى رسالته لوالى مصر بقوله: عليك بالعدل فيهم فإنهم قتلة الظلمة وهادمو الأمم، وما أتى وعليهم قادم بخير إلا التقموه كما تلتقم الأم رضيعها، وما أتى وعليهم قادم بِشر إلا أكلوه كما تأكل النار أجف الحطب، هم أهل قوة وصبر وجلدة وحمل، ولايغرنك صبرهم ولا تستضعف قوتهم، إن قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا والتاج على رأسه وان قاموا على رجل ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه، فاتق غضبهم ولا تشعل ناراً لا يطفئها إلا خالقهم، فانتصر بهم فهم خير أجناد الأرض، واتق فيهم ثلاثاً – نساءهم فلا تقربهم بسوء وإلا أكلوك كما تأكل الأسود فرائسها- أرضهم وإلا حاربتك صخور جبالهم- دينهم وإلا أحرقوا عليك دنياك، وهم صخرة فى جبل كبرياء الله تتحطم عليها أحلام أعدائهم وأعداء الله «، حفظ الله مصر.