أحاديث كثيرة، ترددت على مدار ما يقرب من 300 يوم من العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة حول وجود خلافات ومشادات بين واشنطن وتل أبيب، ومطالبات لنتنياهو وحكومته بأهمية الوصول إلى صفقة لوقف إطلاق النار وإنهاء الأعمال العسكرية، آخرها ما حدث خلال اتصال الرئيس الأمريكى جو بايدن، وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ومطالبة بايدن لنتنياهو بوقف التصعيد فى المنطقة وأهمية الوصول لاتفاق، ثم التأكيد على الدعم الأمريكى والدفاع عن إسرائيل ضد الهجمات المحتملة من إيران عقب اغتيال إسماعيل هنية فى قلب طهران ،عندما تقرأ حديث بايدن ونتنياهو تجد تناقضاً صارخاً، ليس فقط فى هذا الاتصال ولكن على مدار الشهور الماضية ولا أدرى العلاقة بوقف التصعيد، واستمرار الدعم الأمريكى الذى أكده أيضاً لويد أوستين وزير الدفاع الأمريكى بأن واشنطن ملتزمة بالدفاع عن إسرائيل، لذلك يفرض السؤال نفسه هل ما يحدث بين واشنطن وتل أبيب مسرحية هزلية متفق على فصولها ومحتواها وأهدافها؟، وهل أمريكا ليس لديها القدرة على إيقاف جنون نتنياهو ووقف العدوان على قطاع غزة وبالتالى وقف التصعيد؟، وكيف نفهم هذا الدعم الأمريكى المطلق لإسرائيل على مدار عدوانها على غزة، وفتح جبهات عديدة سواء فى اليمن أو إيران أو لبنان وقيام واشنطن بصد الصواريخ الإيرانية عقب الهجوم الإسرائيلى على سفارة إيران فى دمشق.
الموقف الأمريكى يثير الجنون والشبهات، خاصة فى ظل القوة والإصرار والاطمئنان التى يعمل بها نتنياهو وتحديه للداخل الإسرائيلى والعالم بكافة مؤسساته الأممية والدولية، وأيضاً الرأى العام العالمي، ورغم الخسائر الفادحة التى لحقت بإسرائيل، وجيشها، والخسائر الاقتصادية الكارثية والعزلة الدولية، فربما تجاوزت ميزانية إسرائيل للإنفاق على العمليات العسكرية الإجرامية الـ 100 مليار دولار.
ما يحدث فى المنطقة، والشرق الأوسط قابل للانفجار، ويحمل كافة السيناريوهات وينذر بحرب شاملة متعددة الجبهات فخلال أقل من 24 ساعة، قامت إسرائيل باغتيال فؤاد شكر رئيس أركان حزب الله، وجاء اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى طهران ليثير العديد من التساؤلات، ورغم تكتم إسرائيل وإعلانها أنه لم يكن لها نشاط جوى أو صاروخى خلال توقيت اغتيال هنية إلا أن الجميع يدرك أنها وراء هذه العملية التى اعتبرتها إيران انتهاكاً لسيادتها، وضربة قاصمة لقدراتها الأمنية، خاصة أن هنية كان فى حماية الحرس الثورى الإيراني، وسواء جاءت عملية الاغتيال بصاروخ ذكى أو عبوة ناسفة فجميع الروايات تكشف عن اختراق عميق لمنظومة الأمن الإيرانية، وأن الروايات المختلفة حتى التى روجتها الـ «نيويورك تايمز» وهى تسريب من المخابرات الإسرائيلية، كلها تدفع إلى فتح العديد من التساؤلات والشبهات حول اغتيال الضيف الفلسطينى لدى طهران، إيران توعدت بالرد المختلف هذه المرة عن السابق، وأن ما تقوله إنه يجرى التشاور والتنسيق مع محور الممانعة أو المقاومة، يبدو أن هناك عمليات عسكرية من جبهات مختلفة، ربما من إيران، ولبنان، وسوريا واليمن وبالتالي، فإن المزيد من التصعيد سوف يجرى فى المنطقة خلال الساعات القادمة، لأن إسرائيل وأمريكا ودول غربية ستقوم بالدفاع عن إسرائيل، وفور انتهاء العمليات التى تستهدف تل أبيب، سيقوم جيش الاحتلال وداعموه بالرد المضاد، فى سلسلة لا تنتهى وهو ما ينذر إلى حرب شاملة، ومفتوحة وقد يقضى على آمال نجاح المفاوضات والوصول إلى وقف العدوان على قطاع غزة رغم مرور 10 أشهر، شهدت ومازالت حرب إبادة ومذابح ومجازر وتجويع وتحويل القطاع إلى مجرد أطلال وأشلاء، وقتل آلاف الأطفال والنساء واستهداف الصحفيين، والأطباء والمرضي، لكن الأمر الكارثي، أن عمليات الاغتيال التى نفذتها دولة الاحتلال الإسرائيلى والتصعيد، والتهديد والوعيد، واحتمال توجيه إيران وأذرعها ضربات مضادة لتل أبيب وترقب المنطقة والعالم، أخذ انتباه واهتمام الجميع بعيداً عن المأساة والكارثة فى قطاع غزة، فمازالت.
لا أدرى ما سر قوة وإصرار، نتنياهو على التصعيد، وفتح جبهات، والمخاطرة بإسرائيل، هل يجدها فرصة للحفاظ على مستقبله السياسي، وإبعاد رقبته عن حبل الحساب والعقاب، أم أن هناك سيناريو متفقاً عليه بين نتنياهو وأمريكا وأطراف أخرى لتحقيق أهداف غير معلنة، لا تخص إسرائيل وحدها، ولكنه استمرار لمسلسل الهيمنة ومناطق النفوذ، والثروات، والغاز والممرات البحرية، وإغلاق الطريق على قوى أخرى طامحة فى بناء نظام عالمى جديد لذلك تقطع عليها الطريق، وتضرب مصالحها ومشروعاتها فى المنطقة؟، هل نحن أمام مخطط متفق عليه فى الغرف المظلمة وهل يمكن أن نقول إن المتحاربين وأطراف الصراع الآن جرى بينهم اتفاق على التفاصيل، بل والتصعيد والضربات، فى شكل حروب بلايستيشن متفق عليها مجرد تسجيل نقاط لحفظ ماء الوجه ومحاولات شيطانية، لجر قوى أخرى صاعدة ومعادية لمشروعات قوى الشر، ومحاولات توريطها واستدراجها واستنزافها وحصارها هل نحن أمام محاولات لانقسام المنطقة وتوزيع المغانم بين المتصارعين والداعمين؟
فى كل الأحوال.. المنطقة، تنتظر ساعات حاسمة، لكن جل التوقعات أن الانفجار قادم، إن لم يكبت جماح جنون نتنياهو، وإذا صدقت التهديدات النارية للثأر، ولا تصل لمرحلة الـ «فشنك» أو بالإخطارات المسبقة.
فى تصورى أن الشرق الأوسط مقبل على الجحيم، ومن الواضح أن ثمة أهدافاً صهيو ـ أمريكية مطلوبة، أن تتحول إلى واقع بدليل استمرار العدوان والتصعيد.
لن يسلم من حرائق الشرق الأوسط إلا الأقوياء الذين تتسم إدارتهم بالقوة والحكمة وضبط النفس، والثبات الانفعالى والصبر الاستراتيجي، لذلك لا خوف على «مصر ـ السيسي»، لأنها وتعرف كافة تفاصيل المخطط والمشروع الشيطانى واستعدت وتجهزت لحماية أمنها القومي، وفى ظنى أن مرحلة الضغوط والمطالبات بالتنازل والتفريط، وأيضاً الإغراءات قد انتهت، ولم تفلح محاولات الحصار والتطويق فى إثناء مصر عن مواقفها، أو إخضاعها أو إجبارها، «سيناء خط أحمر»، لا مجال للحديث فى هذا الأمر، وكانت وستظل مصرية ودونها الموت، لذلك يجب أن يعلم الجميع أن الهدف مصر من كل ما يجرى ويحدث فى المنطقة، من هنا، علينا أن نتوقع من قوى الشر، محاولات تحرش أو سلوكيات خشنة فى القادم، لكنها لن ترقى إلى مواجهات لمعرفة قوى الشر بقوة وقدرة مصر، لكن التوتير والتأزيم والاضطرابات فى طريقها إلى البحر المتوسط والخوف على لبنان إلى جانب غزة، فالأمر والمخطط كبير، وخطير، ويتضمن أهدافاً كبيرة لكن نطمئن أن لدينا قائداً عظيماً، وحكيماً ويعرف ويعلم كيف يحمى مصر.
تحيا مصر