بدأت مصر شعباً وحكومة عصراً جديداً للمنظومة الصحية والتعليمية منذ منتصف عام 2024 من خلال تعيين نائب لرئيس الوزراء للتنمية البشرية ونائب للتنمية الصناعية مما سيكون له آثار إيجابية على الشباب المصرى وتأهيله وصقله وتنميته.
بالنظر للمنظومة الصحية تواجه مصر عدة تحديات أهمها نقص الموارد المالية والزيادة المستمرة فى عدد السكان وعدد المهاجرين من الدول العربية والإفريقية المتأثرين والمؤثرين على المنظومة الصحية والتعليمية بالدولة.
يبلغ عدد سكان مصر ما يقارب عدد ســكان 10 دول أوروبية متقدمة، الأمر الذى يحتاج إلى تشييد مئات المدارس والمستشفيات وعشرات الجامعات سنوياً، وبالرغم من هذه التحديات بدأت مصر تطبيق المنظومة الصحية الجديدة التى تعتمد على التعرف المسبق للمرض وحماية الإنسان المصرى من الأمراض المزمنة وفى هذا المجال طبقت مصر عدد «14» مبادرة صحية رئاسية أهمها مبادرة «100 مليون صحة» ورعاية الأم والجنين ورعاية المولود والأمراض المزمنة ورعاية المسنين ومبادرة الكشف عن السرطان والتغلب على قوائم الانتظار والكشف عن صحة الأطفال وأهمها مبادرة مقاومة الالتهاب الكبدى فيروس «سي».. حيث كانت مصر من أكبر دول العالم معاناة من هذا المرض اللعين الذى لا أنساه حيث توفى والدى منذ 47 عاماً فى سن مبكرة بسبب هذا المرض الخبيث ونجحت مصر فى التحول إلى دولة خالية من فيروس «سي» وتم توطين العلاج وتوفير الدواء وبأسعار لا تقارن بالأسعار العالمية وتم الكشف على 65 مليون شخص وعلاج 4.5 مليون منهم ولم تفرق مصر بين المصريين والضيوف المتواجدين على أرضها فى تنفيذ مبادرة «100 مليون صحة».
وبالرغم من القصور فى الموارد المالية صرفت الدولة 320 مليار جنيه على المنظومة الصحية لتطوير المستشفيات الحالية وتأهيل وتنمية العنصر البشرى المصرى حيث تم صــرف 177 مليار جنيه خلال تسع سنوات لتطوير 1200 منشأة صحية مصرية ومن أفضل المبادرات الصحية التى ستحول مصر إلى دولة متقدمة صحياً واجتماعياً التأمين الصحى الشامل الذى بدأ فى ست محافظات كمرحلة أولى ويتم التخطيط حالياً لتنفيذ المرحلة الثانية فى ست محافظات أخري.. ولم تنس الدولة أبناءها المحتاجين للعلاج على نفقة الدولة حيث تم إصدار قرارات خلال عام 2023 بتكلفة تصل لحوالى «20» مليار جنيه لعلاج 2.3 مليون مريض.
وفى إطار تطوير المنشآت الصحية يتم حالياً تحويل معهد ناصر إلى مجمع طبى عالمى متكامل.. ولكى يشعر المواطن المصرى بالتطوير فى المنظومة الصحية والتعليمية فيجب أن يشارك فى تنظيم الأسرة والحد من زيادة السكان سنوياً والتى بدأت تظهر بوادرها بالانخفاض فى نسبة المواليد من 3.4 ٪ عام 2020 إلى 2.85٪ عام 2023 والمطلوب الوصول لمستوى 2.1 ٪ فقط خلال عام 2030.
وبالمقارنة نجد عدم قيام كل الدول الأوروبية ببناء مستشفيات أو مدارس أو جامعات جديدة بسبب ثبات أو نقص عدد السكان داخل كل دولة وبذلك يتجه استثمارهم المالى نحو تطوير المنشآت التعليمية والصحية المتواجدة.. بينما تضطر مصر إلى تشييد أعداد كبيرة من المنشآت التعليمية والصحية سنوياً لمواجهة الزيادة المطردة فى عدد السكان والمهاجرين الضيوف كل عام.
تواجه مصر حالياً ومستقبلياً تحديين هامين هما عزوف خريجى الجامعات النوابغ عن العمل فى المجال الجامعى بل العزوف عن العمل داخل مصر والاتجاه نحو الهجرة أو السفر للدول الأوروبية والولايات المتحدة والدول الخليجية مما سيؤدى إلى حدوث فراغ مستقبلى فى عدد العلماء وعدم الاستفادة من الاستثمارات البشرية والمادية بواسطة الأسرة والدولة فى تعليم هؤلاء النابغين وتسليم الدول الأجنبية عناصر بشرية ناجحة ومتفوقة دون تكلفة مالية منهم للحصول عليهم.. ولاحظت ذلك خلال حضور جلسات المؤتمر العلمى الدولى للعلوم وتكنولوجيا البوليمرات بالجامعة الألمانية فى مصر والجامعة المصرية للعلوم وتكنولوجيا البوليمرات ومشاهدة التفوق العلمى الواضح لبعض الشباب والإناث فى مجال علمى تطبيقى ونادر.. مثل الدكتورة أميرة حسن وزينب البهنساوى من الجامعة الألمانية والمهندسة دلال الناظر ورزان كمال خريجات الجامعة البريطانية وعزوفهن عن استمرارهن بالعمل فى مجال التدريس الجامعي.
والتحدى الأهم الذى يواجه الشعب المصرى حالياً ومستقبلياً هو عزوف الشباب والإناث عن الزواج وبلوغ أكثر من 18 مليون مصرى ومصرية أعماراً أعلى من 32 عاماً بدون زواج والتحجج بأسباب ثانوية مما سيؤدى إلى انتشار الأنانية والتفكك الأسرى والاجتماعى وحدوث خلل فى التركيبة السكانية بحلول عام 2050.. ونناشد الأزهر والكنيسة لتوعية الأجيال الحالية والقادمة بأهمية الزواج واتخاذ الدولة إجراءات لتسهيل حصول الشباب على السكن والأثاث ومستلزمات إنشاء الأسرة بأسلوب مادى ميسر دون فوائد عالية.