الشاعر العراقى الكبير عبد الكريم كاصد هو أحد أبرز أصوات الشعر العراقى والعربى وكاتب ومترجم وناقد أدبى حصل على الماجستير فى الترجمة وتنقل بين عدة بلدان عربية قبل الاستقرار فى إنجلترا منذ أواخر 1990 وله دواوين شعرية عديدة وترجمات أدبية ونصوص. يكتب بالعربية والإنجليزية ويتقن الفرنسية ومن مؤلفاته الشعرية دواوين: الحقائب، قفا نبك، النقر على أبواب الطفولة، والفصول ليست أربعة ، هجاء الحجر، بالإضافة إلى مجموعاته القصصية والمسرحية مثل له فى السرد والمسرح المجانين لا يتعبون، حكاية جندى ومترجمات مثل كلمات جاك بريفير أنا باز، «عن الفرنسية» ونكهة الجبل «عن الإنجليزية» وباتجاه الجنوب شمالاً «أدب رحلات» حاورته الجمهورية فكان هذا الحوار
>> كيف ترى معرض الكتاب فى دورته الحالية؟
> معرض القاهرة للكتاب عريق وهو أكبر معارض الكتاب وأهمها فى المنطقة وأنا سعيد بالحضور للمشاركة فى فعاليات المعرض ضمن الشعراء الضيوف فى برنامج الأمسيات الشعرية التى شاركنى فها اسماء كبيرة وهذه مكانة مصر الثقافية الكبيرة التى لا تحتاج لحديث وإنها بثقافتها وحضارتها ومبدعيها ورموزها شكلت دائماً علامات مضيئة وسكنت وجدان وخيال الشعراء والمثقفين العرب.
>> هل تشعر أن الشعر تراجعت قيمته فى العالم كله لا سيما مع هيمنة الرواية والسرد؟
> بالعكس كان الشعراء فى السابق يعانون أكثر ونتذكر معاناة بدر شاكر السياب وغيره ، أما الشعر فلن ينتهى ولن يتراجع ومثل هذه المقولات خرافات، الشعر نابع من جوانب الحياة وهو موجود ما دامت الحياة، الشعر لا غنى عنه.
>> كيف ترى زحف التكنولوجيا والآلة على الحس البشرى والإنسانى وتأثير ذلك على النشاط الإبداعى لا سيما مع تصاعد هاجس الخوف من الذكاء الاصطناعي؟
> لا أرى سبباً للخوف وأرى الجانب الإيجابى فى الأمر فلولا هذا التقدم فى التكنولوجيا والاتصالات وكل مظاهر الثورة المعلوماتية ما استطاع المبدعون التواصل والتعارف على بعضهم البعض وتوسعت معارفهم وزاد تواصلهم الإبداعى والإنسانى وهو ما يستحق الالتفات والاستفادة الإيجابية من هذا التقدم الملحوظ أهم من التوجس منه.
>> اتجه كثير من الشعراء للسرد فى مرحلة ما من مراحل إبداعهم وأنت منهم فماذا يمثل لك السرد وماذا يمثل لك الشعر؟
> تجربتى الإبداعية فى مجملها تجربة شعرية فأغلب مؤلفاتى وإصداراتى شعرية كما يعرف عنى فضلاً عن ترجماتى المختلفة والشعر فى نظرى إذا أردت تعريفه لا استطيع لكن أتمنى على الشعر أن يعرفنى هو!
>> هيمنت قصيدة النثر على الإنتاج الشعرى العربى والبعض يتهم كتابها بالاستسهال فهل تعتقد أنها قدمت دلائل استحقاقها؟
> يا عزيزى كل الشعر صعب، الكلاسيكى العمودى والحر والنثر وحتى المكتوب بالعامية الشعبية، ما من شعر حقيقى سهل وقد ترى قصيدة لكن لا ترى عالماً أو بناء متماسكاً.. مجرد تصوير لتفاصيل من هنا وهناك لا يربطها نسق مترابط أو عالم متكامل.
>> كمترجم لك عشرات الترجمات للغات مختلفة كيف تنظر لحال الثقافة والأدب العربى وحضوره فى عيون الآخر وفى الأدب العالمي؟
> ما زالت الترجمة جهداً ونشاطاً تغلب عليه الفردية، وحضور الثقافة العربية فى الثقافة العالمية غير مرض.
>> لك حكاية لطيفة مع ناشر إنجليزى رشحك لناشر أكبر تقديراً لقيمة ما تكتب وتسببت فى إسعادك اسرد لنا تفاصليها؟
> تقدمت لناشر صديق لي بمختارات شعرية لى مترجمة لنشرها فى داره فى إحدى الدول الأوروبية ففوجئت أنه يرفض التضحية بها لقيمتها العالية فى نظره وتطوع لعرضها على دار نشر كبيرة يعرف صاحبها، وبالفعل نشرتها الدار الكبيرة بغلاف لفنانة شهيرة فقرأ تلك المختارات الناقد والمؤرخ والشاعر والصحفى الانجليزى اللامع «جون بيرغر» وهو مثقف عالمى معروف» ففوجئت أن هذا الرجل الذى توفى عن عمر ناهز التسعين يكتب عنى فصلاً كاملا بعنوان « كريم كاصد» ضمن كتاب بعنوان «مسامرات» كتب فيه عن رموز وكتاب ومبدعين عالميين، وهذا الكتاب ترجم لأكثر من 4 لغات ومؤخراً اتصل بى الناشر ليدفع لى جانباً من حقى المادى فطلبت منه أن يعطى المال للناشر الصغير الذى رشحنى من البداية.
>> نلاحظ غياباً متزايداً لجمهور الشعر فى الأمسيات والندوات فهل يزعجك هذا وأنت تدعى لكثير من المهرجانات الشعرية فى العالم؟
> تعودت عن نفسى أن احترم الجمهور ومهما كانت حالتى وظروفى الصحية فأنا أقرأ لفرد واحد تكلف عناء الحضور لسماع الشعر بنفس الحماس والشغف والاهتمام كما أقرأ لمليون ولا أتكابر أبدا على الشعر ولا الجمهور.
>> كيف تنظر إلى التكريمات والجوائز والاحتفاء بالشعراء وهل يمثل هذا لك شيئاً يذكر؟
> عن نفسى فقد احتفت بى الكثير من الكيانات والمؤسسات والاتحادات الأهلية والمدنية وغير الرسمية ولا تعنينى الاحتفاءات الأخرى وأذكر أن صديقاً لى كاتباً وشاعراً بريطانياً من أصول هندية اسمه « شندان» قال لى جملة لن أنساها عندما قال: يا كريم إن ما كتبه عنه جون بيرغير فى فصله فى كتاب مسامرات أهم من جائزة نوبل.. وهذا الوصف يكفيني.
> كتبت عشرات الكتب منها ما يقرب من 50 كتاباً لك وربما 20 كتاباً مشتركاً مع آخرين ومنها دواوين وترجمات وخلافه فلمن تكتب وما هو أقرب كتاب لقلبك؟
> أنا أكتب لنفسى ولا أنتظر أبداً عائداً معنوياً أو مادياً من أى كتابة أو إبداع وحسب «الكتابة» أن تسعدنى وأقاوم بها معاناة الحياة، لذلك فإن كل كتبى عزيزة على قلبى لأن كل كتاب حمل تجربة صادقة فى حياتي.