مجلس الوزراء يحذر:
ارتفعت من 1.1 ٪ 2014 إلى 18.8 ٪ فى 2023.. انتبهوا المؤشر يزيد بصورة مخيفة
مجددا أعاد الرئيس عبدالفتاح السيسى تحذيره من خطورة الشائعات ودعا المصريين خلال احتفالية تخريج دفعة جديدة بأكاديمية الشرطة، إلى اليقظة لحجم الأكاذيب والافتراءات التى نسجها المتربصون بأمن واستقرار الوطن .. تحذيرات الرئيس السيسى تؤكد أن ملف الخطر مفتوحا ولم يتم إغلاقه فى ظل تربص كتائب الشر والمأجورين من عناصر الجماعة الارهابية وكارهى استقرار الشعوب والأوطان.
اللافت أنه كلما تقدمت الدولة وحققت انجازات زادت الشائعات.
«الجمهورية» كشفت الغطاء عن الخطر الذى يتمدد فى مؤشر الشائعات .. وكانت المفاجآت مخيفة حيث أظهرت تقارير المركز الإعلامى التابع لمجلس الوزراء أن منحنى الشائعات يرتفع تصاعديا بصورة مرعبة فمنذ عام 2014 كان المؤشر بنسبة 1.1٪ بينما وصلت عام 2023، 18.8٪ .. علماء الدين وخبراء الاجتماع وعلم النفس والاقتصاد أجمعوا أننا نواجه»غول مرعب» تستهدف إثارة الفتنة والفوضي في الدولة والتشكيك في كل شيئ للتحريض علي الغضب وخلق مساحة بين المواطن والدولة.
الشائعات هدفها القضاء على الأخضر واليابس من منجزات التنمية والاستقرار.. الامر الذى يتطلب بناء الوعى بصورة تحفظ عقلية المواطن من محاولات التزييف والأكاذيب وهوس التريند الذى ينساق وراءه بعض المواطنين دون وعى بهدف تحقيق مكاسب من السوشيال ميديا.
المركز الإعلامى التابع لمجلس الوزراء تعامل مع الشائعات بأساليب علمية تتفق مع التحول والتطور فى طرق الانتشار والوصول للجمهور، والتحليل الكمى والكيفى لتلك الشائعات واستخلاص البيانات والدلالات المترتبة عليها، مما ينعكس جدواه على دحض محاولات التضليل، مع الحرص على تزويد المواطنين بالمعلومات الصحيحة والدقيقة من مصادرها الرسمية، وهو ما يؤثر بدوره على إضعاف عوامل اختلاق تلك الشائعات وتعزيز الوعى لدى المجتمع بشكل فعال بما يسهم فى مواجهة كافة التحديات والصعوبات سواء على المستوى الداخلى أو الخارجي.
الأخطر فيما أورده تقرير رصد مؤشر الشائعات بالمركز الإعلامى فى معدل الصعود السريع للشائعات بصورة تفرض على الجميع الاستنفار لمواجهتها، فبينما كان المؤشر عام 2014 يصل إلى 1.1٪ ارتفعت نسبته عام 2023، لتصل إلى 18.8٪ ، وأظهر تقرير مجلس الوزراء فى رصد الشائعات بقطاع الاقتصاد 24٪، والتموين 21.2٪، والتعليم 11.6٪، والطاقة والوقود 11٪، والصحة 8.3٪، والحماية الاجتماعية 6.2٪، والإصلاح الإدارى 6.2٪، والزراعة 4.8٪، والسياحة والآثار 2.7٪، والإسكان 2.1٪، وقطاعات أخرى 1.9٪ وهىالجهات الخدمية التى تتعامل بشكل مباشر مع المواطن.
الشائعات لا تقف عند حدود بل تستهدف كل القطاعات وكل قيادات الدولة وتستخدم كل السبل والأخطر أن من يروجون الشائعات والأكاذيب هدفهم الأول هو تدمير الدولة من الداخل
مؤشر الفتوى العالمى:
«الميليشيات الإلكترونية» تتعمد نشرها باسم الدين
كتبت – دعاء مجدى :
على جانب المؤسسة الدينية فى رصدها لخطورة الشائعات ومستوى مواجهتها أكد د. إبراهيم نجم الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم أن المؤشر العالمى للفتوى منذ انطلاقه عام 2017 حريص على تتبع محاولات نشر الشائعات لهدم وتقويض ما حققته الدولة المصرية من إنجازات فى معركتها للبناء والتنمية للعبور إلى الجمهورية الجديدة التى تلبى طموحات طال انتظارها جيلًا بعد جيل، مضيفا أن وسائل التواصل الاجتماعى فى الآونة الأخيرة حققت ثورة معلوماتية هائلة وأصبحت القوة الناعمة التى يمكن من خلالها التأثير على الرأى العام والإقناع بالعديد من الأفكار والآراء بأسرع وقت ممكن والتغيير فى سلوكيات واتجاهات الجماهير بشكل قوى وفعال، ولذلك تأثير كبير على الوضع الدينى والإفتائي، ومع كثرة المواقع الجديدة المستحدثة غزت الفتاوى عالم السوشيال ميديا وأصبحت أحد أهم محتوياتها، الأمر الذى وضع القائمين على الفتوى بشكل خاص والحالة الدينية بشكل عام فى تحد كبير لمواجهة تلك التكنولوجيا من جهة، والسيطرة على فوضى الفتاوى المنتشرة عبر الفضاء الإلكترونى من جهة أخري
أوضح د.نجم أن مواقع التواصل الاجتماعى أصبحت سلاحاً ذا حدين فهى تحمل كثيراً من العيوب وأدت إلى صناعة ما يشبه الفوضى الإفتائية ونشر الشائعات والخرافات باسم الدين وقلب الحقائق، فأصبحت هناك ميليشيات إلكترونية تتعمد إلى نشر الشائعات وتضخيمها من خلال حسابات مزيفة، وخلال جائحة كورونا توصل مؤشر الفتوى إلى أن 15٪ من المحتوى الدينى المنشور عبر مواقع التواصل الاجتماعى حول فيروس كورونا يتضمن خرافات وشائعات باسم الدين، نُشرت عبر حسابات ومصادر وصفحات مجهولة لا يتعدى عدد متابعيها 500 متابع، ونبعت (40٪) من تلك الخرافات من الجهل بالدين والتفسير الخاطئ لآيات القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، فيما جاءت (35٪) منها لنشر الفوضى والهلع بين المواطنين لتحقيق أهداف سياسية، وجاءت (25٪) منها نتيجة الاستخدام الخاطئ لوسائل التواصل الاجتماعى ومشاركة المنشورات دون التأكد من صحتها ومن مصادرها.
أشار نجم إلى أن هناك عدداً من الدراسات التحليلية التى أجراها مؤشر الفتوى كشفت أن الجماعات المتطرفة نتيجة فشلها الذريع وفقدها مقومات التأثير الشعبية بعدما أدرك الناس كذبها وزيفها لجأت للشائعات عن السوشيال ميديا حتى تجد وسيلة تستطيع من خلالها نشر أكاذيبها ونفث سمومها التى ستنقلب عليها سوءًا، مبينا أن الجماعات الإرهابية وفقًا للمؤشر تخوض حروب الجيل الخامس مع الدول المركزية من خلال نشر الفتاوى الهدامة المتعددة الأهداف، فمنها ما يهدف لنشر الفوضى وبث الفرقة وزعزعة أمن واستقرار الدول والمجتمعات والتى تتصدر فتاوى هذه الجماعات بنسبة (33٪)، ثم الفتاوى ذات الأهداف السياسية التى تمثل (27٪) من نسب فتاوى هذه الجماعات، ثم الفتاوى الداعمة لهدم اقتصاديات الدول بنسبة (25٪)، وأخيرًا الفتاوى التى تنمى وتغذى خطابات الكراهية وظاهرة الإسلاموفوبيا (15٪) وهى الحروب التى تخوضها هذه الجماعات بالاعتماد على ما يسمى «اللجان الإلكترونية» أو ما يعرف بــ»الذباب الإلكتروني» وذلك لخلق ما يسمى بـ «التظاهرات الإلكترونية» أو «الحملات الإلكترونية».
أوضح د.نجم أن كل القرارات والقوانين التى تصدرها الدولة لم تنج من انتقاد الجماعات الإرهابية التى منها تنظيم الإخوان، والتى تعمد بصورة دائمة على تغليف آرائها السياسية بالصبغة الدينية حتى تمنح نفسها شرعية الكلمة فتزامنًا مع إعلان الدولة المصرية قانون التصالح فى مخالفات البناء على الأراضى الزراعية عام 2020؛ خرج تنظيم الإخوان بسيل من الشائعات المعارضة للقانون، فمن إجمالى (1500) مادة إعلامية حللها المؤشر تنوعت بين الفتاوى والمقالات والمداخلات ومنشورات منصات التواصل الاجتماعي، كانت نسبة (55٪) منها هادفة لنشر الشائعات والفتاوى التى تتهم الدولة بالفساد بل و(الكفر)، و(30٪) منها محرض على الصدام والعنف مع الدولة.
متابعا أن السوشيال ميديا ساهمت فى انتشار ظاهرة « المنابر الإلكترونية» فانتشر العديد من صفحات ما يسمى بالدعاة الجدد التى تحصد ملايين المتابعين وتنشر الفتوى بشكل سريع ومختصر وبلغة عامية ومصطلحات حديثة بغض النظر عن ملائمة تلك اللغة والمصطلحات للهوية الثقافية ومدى صحة الأفكار والأحكام الشرعية المنبثقة من تلك الصفحات، وأصبحت وسيلة الكثير من الشخصيات غير المؤهلة للفتوى لتحقيق الشهرة والمال.
بينما أوضحت د.رهام سلامة مدير مرصد الأزهر لمقاومة الأفكار المتطرفة أن الشائعات أقوى أسلحة التنظيمات والتيارات المعادية للدول من خلال تجنيد كتائب إلكترونية تتخذ من المنصات الإلكترونية منصات للانطلاق نحو تحقيق أهدافها فى زعزعة الاستقرار والمجتمعى فى جوانبه الاقتصادية والفكرية والسلوكية، وأحيانا يشارك كثير من المواطنين فى خدمة أهداف تلك التيارات والتنظيمات تحت وطأة «هوس التريند»، ومهو ما استغلَّه المتطرفون والساعون لزرع الفرقة والفتن بالمجتمع لتحقيق أهداف تخريبية، وتزييف الوعى المجتمعى بصفة عامة، والشبابى منه بصفة خاصة، مشددة على أن المجتمع يتعرض لهجمة شرسة تستهدف الوعي، ومحاولة زعزعة الأمن والاستقرار، وزرع اليأس والإحباط، وتحريف الواقع ونشر الشائعات والأفكار الهدامة، وبث روح الكراهية والتشكيك بصورة مستمرة فى ثوابت المجتمعات وجهود رموزها الدينية والسياسية، معلنة أن التنظيمات المتطرفة تستغل محدودية الوعي، وضعف القدرة على تقييم الأفكار والمواقف، وتستخدم من يتصف بهذه الصفات كأدوات ووسائل لترويج منشورات تهدف إلى تزييف الوعى وَفق أجندات مدروسة بعناية؛ بقصد رعاية مصالحها، كما تستخدم منابر التطرف والإرهاب وسائل التكنولوجيا فى عرض المحتوى المُضلل على الجمهور المستهدف، لخلق حالة من الفوضي، وتشكيك المجتمعات فى مسلماتها، وتحريف ثوابتها وتغييب قيمها، بهدف جذب العامة عن طريق اجتزاء أطراف من حقائق لا خلاف فيها، من داخل قضايا مهمة مطروحة على ساحة الأحداث، فيخرجونها من سياقاتها، ويبثونها مقرونة ببعض الأكاذيب والشائعات المغرضة، ودعمها أحيانًا ببعض المقاطع الصوتية أو المرئية.
دعت د.رهام سلامة إلى مواجهة الشائعات بصناعة الوعى وتطويره، فهذا هو الضامن لحماية المجتمع وتقوية مناعته، ضد ظاهرة الشائعات ونشر المعلومات المغلوطة، ومراعاة اختلاف المستويات الفكرية فى خطط صناعة الوعي، ومراعاة استخدام اللغة التى يتم التعامل بها على وسائل التواصل، مع الأخذ فى الاعتبار أن قوى الشر تدرك أن الأطفال والشباب هم العقل الأسهل والأسرع فى الاستقطاب، وهو ما يتطلب تفعيل دور الأسرة، والمؤسسات التعليمية، وإدارة المساجد، ودُور العبادة، والمراكز الثقافية، فى ترسيخ مبادئ المواطنة ورُوح الولاء والانتماء للوطن، ومضاعفة جهود وسائل الإعلام فى التوعية، وخصوصًا فى مجال الفنون والآداب، واستغلال التكنولوجيا على النحو الأمثل لنشر الفكر الصحيح، ومواجهة سيل الأفكار المغلوطة والشائعات.
أساتذة علم النفس والاجتماع:
هدفها التضليل وهدم الدول ..والتشكيك فى إنجازاتها
كتب – رانيا احمد و هناء محمد وهبه عباس وشيماء جاد
أكد خبراء النفس والاجتماع أن الشائعات من أخطر أدوات الحرب النفسية التى تؤثر على العلاقات الاجتماعية بين المواطن والدولة وبينه وبين شريكه فى الحياة بصفة عامة، نتيجة زيادة التوتر وزعزعة الاستقرار وفقدان الثقة فى الدولة وتشويه انجازاتها.
أكد د.جمال فرويز أستاذ استشارى الطب النفسى وعلاج الإدمان أن الشائعات مشكلة كبيرة منذ التاريخ ولها قوة تدميرية على الشعوب واقتصادها نتيجة قيام بعض المواطنين بترويج الشائعات اعتماداً على أنها معلومة موثقة، ولا يكتفى بمجرد ترديدها مع زميله فى العمل أو شريكه فى المواصلات بل يقوم بنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يعطيها حالة شيوع موسع مما يجعلها تأخذ صورة المعلومة المؤكدة، مطالباً بإعادة تأهيل الشباب، وعلى الاسر وألا يتركوا أبناءهم فريسة لوسائل التواصل الاجتماعى المملوءة بالأهداف الخبيثة، حتى لا يجنى المجتمع شباب مصابون بالتفخيخ العقلى الكاره للوطن مما يسهل انفجارهم بالشائعات والأكاذيب التى تخدم أعداء الوطن.
تشير الدكتورة هالة منصور أستاذ علم الاجتماع أن الشائعات أنواع منها العشوائى والمنظم والأخيرة تقف وراءها أجندات لأشخاص أو دول وتلك الشائعات تؤثر على اقتصاد الدول ويمكن أن تسبب حالات هبوط حاد فى أعمال البورصة ارتفاعاً وانخفاضاً بشكل سريع إضافة إلى التأثير الاجتماعى على الأشخاص بسبب الأزمات الاجتماعية التى تسببها الشائعات بمختلف جوانب الحياة، مشيرا إلى أن أسباب انتشار الشائعات حالة الجهل التكنولوجى وغياب الثقافة الوطنية الواعية بقيمة الكلمة وأمانة النقل للمعلومة، مبينا أن تلك الاحصائيات والمؤشرات التى تخبرنا بها المراكز الإحصائية عن الشائعات تكشف أننا نعيش حالة مأساوية شديدة الخطورة تستلزم الاستنفار العام من الجميع حتى ننقذ الوطن والمواطن على السواء من الوقوع فريسة لتلك الكتائب الإلكترونية.
فيما يرى د. أحمد مجدى حجازى أستاذ علم الاجتماع السياسى جامعة القاهرة أن انتشار الشائعات الآن أسرع من السابق بسبب استخدام التكنولوجيا بأشكالها المختلفة من ذكاء اصطناعى والسوشيال ميديا والاعلام له الدور الأكبر فى انتشار الشائعات والتيك توك والبلوجر هو الاعلام الموازى الذى يسبب إثارة الشغب وترويج الشائعات وهى تدمر أفكار الشعوب وتدمر اقتصادها ومجتمعها.
مضيفا أن هناك أزمات اقتصادية عالمية ومحلية المتسبب الرئيسى فيها الشائعات والوعى هو الأمل فى القضاء على تلك الظاهرة.
فيما يرى د. وليد هندى استشارى الصحة النفسية أن الشائعات يؤلفها حاقد مثل الجماعة الارهابية وينشرها أحمق ويصدقها الغبي، مضيفا أن الشائعات مجموعة من الأخبار الزائفة التى تنتشر فى المجتمع بشكل سريع وغالباً ما تكون عديمة المصدر وتعتبر من أخطر أدوات الحرب النفسية حيث تكمن خطورتها فى أنها تصل دائماً إلى مرتبة الحقيقة وتصبح مسلماً بها وتؤكدها مقولة «أكذب ثم اكذب حتى يصدقها الناس» كما أن خطورتها بأن لها تأثيراً على نمط العلاقات الاجتماعية بين الناس وتدنى حالتهم النفسية والمزاجية ويصبح لديهم شعور بالسخط والكره وضعف فى الإنتاج رغبة فى زرع أجواء نفسية متوترة وزعزعة الاستقرار وفقدان الثقة، مبينا أن الشائعات لها أهداف سياسية أو مادية.
فيما أوضح د. عبدالرءوف الضبع أستاذ علم الاجتماع بجامعة سوهاج أن الشائعات هدفها خبيث وتسعى إلى التضليل والتشكيك وتستخدم لهدم الدول بالتشكيك فى توجهاتها وأهدافها وإنجازاتها المحققة على أرض الواقع وكل هذا يمثل شكلاً من أشكال الهدم الحقيقى لأى دولة وتستخدم الشائعات كأداة للحرب النفسية بين المواطنين والشعور بعدم الأمان مثل شائعة اختفاء السكر من الأسواق.
خبراء الإعلام والفلسفة:
سرعة نشر الأكاذيب يفوق القدرة على التصحيح
محمد مسعد
تناول خبراء الإعلام شرح وتأصيل قضية الشائعات حيث أوضح د.حسن عماد مكاوى العميد الأسبق لإعلام القاهرة أن الجمهور المستهدف للشائعة متنوع قد يكون كل المجتمع المصرى وقد يقصد منه فئة محددة من فئاته من أجل تدميرها وقد تكون متخصصة من حيث المجال فمنها شائعات فى مجال الصحة أو شائعات عن التموين أو الطاقة أو غير ذلك، الأمر الذى يتطلب ضربها فى مقتلها من خلال العمل على توفير منصات مبسطة لكل المعلومات، فالعلاقة عكسية بين الشائعة والمعلومة استنادا لوجود جهات متعددة داخلياً وخارجياً تحاول بشتى الطرق تحقيق أهدافها.
فيما أشار د.أشرف جلال عميد كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال جامعة السويس إلى أن الشائعات أحد أخطر الأمراض التى تصيب المجتمعات فى وحدتها واستقراها وقوتها وتماسك أفرادها وتؤثر على الصورة الذهنية للدولة، ضمن أدوات حروب الجيل الرابع وتستهدف تفتيت الجبهة الداخلية للدولة من خلال خلق حالة من حالات الذعر والبلبلة والفوضى لدى الرأى العام، وعلى هذا لابد من التركيز على أن الخطر ليس فى الشائعة بحد ذاتها بقدر ما يكمن فيما ينتج عنها، ويمكن لنا استقراء حجم الخطر من خلال أن المركز الإعلامى لمجلس الوزراء أوضح أنه فى الربع الأول للعام 2022 تعرضنا إلى ما يقارب 55 ألف شائعة وهو رقم خطير أى بمعدل شائعة كل ست دقائق وهو ما يحتاج إلى جيوش للرد والتوضيح.
مضيفا أن رهاننا ليس على الرد بقدر ما هو على دور الإعلام فى خلق الوعى وعلى المواطن فى تمييز الخطر حتى يكون لدينا مواطن يفرق بين الصواب والخطأ، مع إعمال دور المنصات الرقمية كسلاح مضاد وتوظيف الأساليب الحديثة فى الخطاب الإعلامى مثل الانفوجراف والفيديو جراف اتصال جماهيرى للمؤسسات الرسمية تمنع أى شكل للشائعة قبل أن تحدث.
فيما تؤكد د. سارة فوزى – المدرس بقسم الإذاعة والتليفزيون – إعلام القاهرة، أن استخدام تقنيات التزييف العميق يتماشى مع سهولة استخدام الذكاء الاصطناعى بما يسهم فى سرعة انتشار الشائعات باستخدام السوشيال ميديا بصورة تفوق قدرة أى مرصد على الاحتواء والمتابعة، نتيجة انتشار «جروبات» الواتس آب والفيسبوك، والتى تعتبر وسيلة نشر الشائعات بين أفراد معينين مما يسهم فى تعميق ظاهرة «غرف الصدي» وهى أمر خطير المقصود به أن شخصاً يبث شائعة فتنتشر بين أفراد يجمعهم قاسم مشترك، كل فرد منهم ينشرها فى مجتمعه من أصدقاء وزملاء وأسرة وعائلة و»جروبات» أخرى مشتركين فيها، لنتفاجأ، ودون أن يشعر أحد بهذه المراحل، أن الشائعة وصلت للملايين، أصبحت شائعة بالفعل لكن المراصد المتخصصة فى «السوشيال» ميديا لم تلحظها حيث تعمل فى الغالب على الصفحات العامة.
كشفت د.سارة أن الشائعات ليست لها مواسم محددة قبل أو بعد رفع أسعار الفائدة، أو قبل الدراسة أو بعد الامتحانات، فالشائعات موجودة طوال الوقت، لذلك لابد أن نكون مستعدين بحملات توعوية وكشف الصواب من الخطأ.
بينما يشير د.ياسر قنصوة أستاذ الفلسفة بجامعة طنطا إلى أن فلسفة الشائعة ببساطة «دس السم فى العسل»، وعموم الناس قد لا تحب التدقيق، والشائعة تقوم على أساليب الحكاية، والناس يحبون السهل الميسور لذا لابد أن يكون الرد على الشائعات بنفس الأسلوب من السهولة والبساطة، والأخذ بيد الشخص من واقع المعلومات المغلوطة والمضللة للصواب والدقة حتى يتمكن من النهوض.
ويحذر الدكتور ياسر فى تحليله من خطورة أن تتحول الشائعة لحقيقة يتم البناء عليها، وقد يصدقها شخص لديه تأثير فى مجتمعه كالمؤثرين على السوشيال ميديا أو المتصدين لأى خطاب دون وعى فينشرونها، ومن ينشر ومصداقيته لدى من يسمعون له مؤشر لابد أن يحسب خاصة أن الشائعة تؤثر بالدرجة الأولى فى عقلية المواطن على مدى رضائه عن حكومته.
مضيفا أن بلداً بحجم مصر ودورها الفاعل فى صناعة المشهد العالمى الآن، لابد من التسليم أننا مستهدفون وبقوة عن طريق استخدام الشائعات ولا أبالغ إن قلت إن أى شائعة تطلق فى العالم لابد أن تجد تأثيراً لها علينا، إن لم تكن تخصنا بشكل أو بآخر فنحن دولة محورية إستراتيجية، وعلينا أن ننطلق إلى محددات التعامل فى أى خبر إلى اعتبار الكلمة فى أى حديث هى أمن قومى لابد من مراعاتها والتأكد التام منها قبل تكرارها مهما كان طبيعة أو تأثير أو مدى قرب من يتم الحديث معه، هذا ما تذكره التحليلات الدولية، ويزداد أهميته فى إطار حرص كل مواطن على استمرار المشروع التنموى المصرى واتجاهنا نحو الجمهورية الجديدة بكل استقرار من أجل تحقيق بداية مختلفة لكل الأجيال.