ليس من باب استدعاء الماضى.. واجترار ماض حافل بالأزمات والتحديات والمعاناة.. ولكن من أجل أن تظل ذاكرتنا يقظة.. وحاضرة.. وعامرة بما حققناه من قدرة على تحقيق الإنقاذ والإنجاز وعبور وتجاوز المعاناة.. والإفلات من براثن الضياع والمحن والشدائد.. لنخلق واقعاً مغايراً.. ونصنع المستقبل بفكر ورؤى وحكمة وإرادة قائد عظيم واستثنائى هزم التحديات والأزمات.. وصنع المستقبل الواعد.
من هنا.. وقبل ساعات من بدء فترة رئاسية جديدة لقائد استثنائى من المهم استحضار ملحمة الـ ٠١ سنوات لتكون زاداً وطاقة فياضة، لإنجاز المهمة المقدسة فى نجاح أكبر وأعظم مشروع وطنى لتحقيق التقدم.. وتحصين نهائى لمصر من الخوف، والضياع.. والضعف تطبيقاً لاستراتيجية «العفى محدش يقدر ياكل لقمته».
لم يكن الأمر سهلاً حتى تفلت مصر من مصير مجهول بعد أن حاصرتها الأزمات والتحديات والتهديدات والاضطرابات والفوضي، قل ما تشاء، كان «كوكتيل» مشاكل معقدة، وظروفاً حالكة السواد والظلام، فما بين انهيار اقتصادى وأمنى وسياسي، وضعف للدولة الوطنية، ومشاكل وأزمات حياتية متراكمة، ومعاناة عميقة وتراجع ترمومتر الأمل فى نفوس الناس، يستشعرون أن الدولة ذاهبة إلى مصير دول كثيرة سقطت بفعل الفوضى والإرهاب والمؤامرات، لذلك كانت مصر تحتاج إلى معجزة، للنجاة من ناحية، والخروج من شرنقة الأزمات والتحديات فى الداخل والخارج، شبكة معقدة من الهموم، والخوف والرعب على الوطن، كانت تحتاج إلى أن تخوض معاركها فى توقيت واحد ومتزامن، فلا مجال لرفاهية الاختيار، أو وضع أولويات كل شيء يدعو إلى المواجهة الحاسمة والعاجلة.. مشاكل وتحديات وأزمات تنهش فى جسد الوطن، الذى بات ضعيفاً وواهناً يحتاج إلى سرعة التعافي، لذلك قرر الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يخوض المعركتين معاً، ويالها من صعوبة وخطورة.. معركة البقاء دفاعاً عن كرامة الوطن، واستعادة الأمن والاستقرار الذى بات خياراً واختياراً للناس بل أهم عندهم من الطعام والشراب كان هو الحياة بالنسبة للمصريين، ثم معركة البناء والتنمية التى لم تقتصر على مشروع أو بضعة مشروعات، أو مجال أو قطاع بعينه، أو منطقة أو محافظة بعينها لكنها انطلقت فى كل شيء، وبالأخص المشروعات وفى جميع القطاعات والمجالات، وفى كافة ربوع البلاد. الشيء الذى يجعلنا نتحدث عن معجزة مصرية حدثت، أن السيسى وشعبه انتصروا فى المعركتين، قضوا على الإرهاب، واستعادوا كامل الأمن والاستقرار ونجحت ملحمة الإصلاح والبناء والتنمية وحصد ومازال المصريون ثمارها فى بلد قوى وقادر ومتطلع ولديه فرص، على أرض الواقع تدفع به إلى المقدمة.
قلت من قبل إذا أردت أن تدرك قيمة ومكانة وعبقرية ما حققه السيسي، عليك أن تتذكر الأوضاع والأحوال والظروف والتحديات والأزمات التى كانت تعيشها مصر قبله، ترى الخوف والقلق، بل الرعب فى عيون الناس، معاناة قاسية، ثقة غائبة فى المستقبل، ثم اقرأ وتدبر ما تحقق فى عهد السيسى ونحن نعيشه الآن اطمئنان وثقة وأمن وأمان واستقرار، وثبات وبلد يقف على أرض شديدة الصلابة يكفى أننا نحظى بفضيلة اختلاف وجهات النظر، لكننا لا نختلف على عظمة ما تحقق من معجزة، يكفى أننا ننعم بفضيلة الحوار الذى يظلنا ويجمعنا من أجل أن نرسم ملامح مستقبل هذا الوطن، بعد أن كان يمضى إلى الهلاك، والسقوط والضياع هكذا يجب أن نفكر عندما نستعرض تجربتنا على مدار الـ ٠١ سنوات الماضية قبل أن تبدأ فترة رئاسية جديدة لمدة ٦ سنوات مع قائد عظيم يدرك ويعرف متطلباتها جيداً، وقبل أن تبدأ، يجب أن ندرك قيمة وعظمة ما تحقق لأنه هو بمثابة الطاقة الدافعة لبذل المزيد من العمل والجهد والصبر والاصطفاف حتى نواصل الصعود إلى المستقبل المرسوم.
وقبل أن نبدأ ونحن على بعد ساعات من بدء فترة رئاسية جديدة يقودها الرئيس السيسى وهو القائد صاحب شرعيتى الإنقاذ والإنجاز علينا أن نطلق العنان للنظر فيما حولنا من صراعات واضطرابات وتهديدات وحرائق مشتعلة، ودولة تكاد تختفى من الخريطة وشعوب تأكل بعضها بعضاً، ونظام عالمى يكشف بوضوح وجلاء عن الوجه القبيح للظلم وازدواجية المعايير يأكل فيه القوى الضعيف بلا رحمة، تقتل بدم بارد الآن الأطفال والنساء ونمارس فيه حروب الحصار والتجويع والابتزاز ونهب الثروات، وتسقط فيه كل الشعارات الزائفة عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وفى ظل هذا المشهد المأساوى تقف فيه الدولة المصرية صلبة عفية قوية قادرة، تتطلع إلى المستقبل وتنعم بالأمن والأمان والاستقرار، لأن هناك قائداً عظيماً امتلك الرؤية والحكمة واستشرف المستقبل، وتمسك بزمام الإرادة لذلك اطمأنت واستقرت مصر، ولم تمسسها نيران الحرائق المستعرة فى كل حدب وصوب.
ما تحقق فى الـ ٠١ سنوات لا ينكره إلا جاحد، ولا يمكن أن تمسه أو تنال منه الأكاذيب والشائعات وحملات التشكيك والتشويه، لأنه حقيقة لا تخطئها العين ماثل أمامنا على أرض الواقع، نعيشه ونحصد ثماره، لقد خاضت مصر ـ السيسى معارك فاصلة، وحروب وجود حتى تصل إلى هذه اللحظة العظيمة، وهذه النتائج التى فاقت كل شيء.
قلت إن الرئيس السيسى، لم يكن هدفه فقط إنهاء عقود المعاناة والفوضى والأزمات والمشاكل وقطع دابر التحديات والتهديدات، ولكنه قرر أن يصنع المستقبل لمصر وشعبها، قرر ألا يتكرر ما حدث من انكسارات وضعف أو الخوف من الضياع والسقوط، هدفه الاستراتيجى كان ومازال بناء الوطن القوى القادر المعصوم من الخوف أو الرعب أو الفشل أو الانكسار، المحصن ضد المؤامرات والمخططات والضغوط والابتزاز، وسياسات فرض الأمر الواقع التى لا يقبلها إلا الضعفاء الذين لا يملكون إرادتهم، ومصر ـ السيسى أمة قوية وقادرة، بل هى قوة إقليمية عظمى لا حدود لطموحاتها فى كافة المجالات واثقة فى حاضرها، ومطمئنة لمستقبلها.
عندما تنظر حولك ليس فقط فى الجوار، ولكن فى كافة أرجاء المعمورة، تجد أن مصر تزاحم الكبار فى القوة والقدرة والمستقبل الواعد، تمضى بثقة وثبات إلى ما تريد وهذا سر جنون قوى الشر التى تحيك المؤامرات والمخططات فى محاولات بائسة لتعطيل المارد.
صناعة المستقبل ليست بالأمر السهل أو الهين، ولا يقوى عليها كما قلت إلا قادة أفذاذ وعظماء، طموحاتهم بلا حدود، اختفت صور الأشلاء وشبه الدولة عند مصر، ولن تعود مرة أخري، وشبح الخوف ولى أيضاً دون رجعة، فمصر تقود الإقليم وهى مفتاح الحل، ولن تستطيع أى قوة تمرير أى شيء يخالف ثوابت ومبادئ وقناعات «مصر ـ السيسي» ولن أتحدث عن شواهد ودلائل ذلك فهى أكثر مما تتخيل، فى الأزمات الإقليمية والدولية تتحول مصر إلى قبلة للزعماء والقادة والمسئولين وكبار قادة العالم من أجل، الإنصات والاستماع إليها، أو التوسل إليها من أجل أن توافق على أمور لا ترضاها ولسان حالها يقول، لا نقبل مساعى أحد لتهجير الفلسطينيين، فقد قضى الأمر، حتى لو جاءوا من كل فج عميق، أفواجاً تلو الأخري، فمصر الشريفة لا تتزحزح عن ثوابتها.
مصر على مدار ٠١ سنوات أبدعت فى بناء القوة والقدرة، استعادت عافيتها وأنهت عقود وسنوات العزلة، وتحلق فى عالم يحترمها، ويقدر جهودها، وأيضاً أبدعت فى الإصلاح والبناء والتنمية، فلم يكن البناء فى مصر يفتقر للإبداع والخيال كما كان يحدث فى الماضى بل بناء بأعلى المعايير والمواصفات العالمية العصرية، بناء من أجل المستقبل، كل خطوة فيه تؤدى إلى نتيجة وتحقق هدفاً وتحدثت فى المقال السابق أن صناعة المستقبل فى القدرة الاقتصادية والتنموية والاستثمارية تستلزم فى رؤية الرئيس السيسى امتلاك بنية تحتية وأساسية عصرية، تنطلق بمصر إلى آفاق اقتصادية أكثر رحابة لتكون قبلة الاستثمارات.
أنا واحد من الناس، لا أنظر إلى تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية، ولكن أنظر إلى ما تحقق بالفعل خلال ٠١ سنوات، فلا يمكن النظر إلى ما تحقق فى مصر من إنجازات ونجاحات صنعت الفارق بمعايير الأزمة العالمية، والحقيقة أيضاً أن الذى تحقق من معجزة تنموية اقتصادية وما خلفته من فرص هو مفتاح الفرج والانفراجة، والعبور والانطلاق.
كيفية، وآلية وإجراءات صناعة المستقبل طبقاً لرؤية السيسى مضت على مراحل مترابطة ومرتبطة بعضها لذلك طالبنا قبل سنوات بعدم التعجل والاستعجال، فقد ورثنا ميراثاً ثقيلاً من التحديات والأزمات والمشاكل والمعاناة واضطرابات صادمة وفوضى عارمة منذ يناير ١١٠٢، لذلك كانت القيادة تضع فى اعتبارها بناء وصناعة المستقبل حتى فى توقيت إنهاء هذه التحديات والأزمات والخلاص منها، وفتح آفاق جديدة للقوة والقدرة والبناء والتنمية وبالفعل نجحت «مصر ـ السيسي» فى ذلك بجدارة، وهذا النجاح يتحدث عن نفسه، سواء فى القضاء على العشوائيات وفيروس سى وقوائم الانتظار ومعاناة الرعاية الصحية، وانهيار وضعف البنية التحتية، وطوابير ممتدة كان يسقط فيها شهداء من أجل الحصول على مجرد سلعة أو خدمة، ولا يغيب عن أذهاننا وذاكرتنا شهداء رغيف الخبز، ومعارك دامية من أجل الحصول على أنبوبة بوتاجاز وضياع نصف اليوم من أجل الحصول على بنزين أو سولار أو حتى فى الوصول إلى العمل أو العودة إلى المنزل وإنهاء محدودية الموارد المصرية، فى مصادر محددة، إلى آفاق عظيمة من الموارد القوية التى تمثل قيمة مضافة، وفرصاً هائلة للاستثمار والعمل والإنتاج.
دعونى أطرح مثالاً للإصلاح وصناعة المستقبل، فى مجال الزراعة كانت مصر تنزف من رقعتها الزراعية وأجود أراضيها وأكثرها خصوبة واكتست باللون الأحمر فى إشارة إلى البناء العشوائى غير المخطط وتفاقمت الأمور فى زمن الفوضى حتى جاء الرئيس السيسي، وكبح جماح هذه الفوضى وإعادة القوة والاعتبار والهيبة للدولة الوطنية ومؤسساتها وهو إنجاز لو تعلمون عظيم، وبناء دولة القانون، لذلك توقف النزيف، ليس هذا فحسب ولكن كان ومازال التفكير فى المستقبل، والتوسع الأفقى والرأسى فى مجال الزراعة، حيث تدخل ٤ ملايين فدان زراعى الخدمة كاملة خلال العامين الجارى والقادم وهناك المزيد فى مناطق شتى لم نكن نعلم عنها شيئاً إلا خلال اجتماع الرئيس السيسى بمستشاره للتخطيط العمراني، ومدير مشروع مستقبل مصر الزراعى فى مشروعات قومية غير مسبوقة مثل مشروع الصوب الزراعية فى منطقة اللاهون بالفيوم ومشروعى المنيا وبنى سويف لاستصلاح الأراضى ومشروع سنابل سونو بأسوان ومشروع منطقة الداخلة بجنوب مصر فلم نكن نعرف فى السابق مثل هذه المشروعات الزراعية العملاقة مثل الدلتا الجديدة التى تضيف ٢٫٢ مليون فدان ويصل إلى نهر النيل، بالإضافة إلى أكبر محطة للمعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعى بطاقة ٥٫٦ مليون متر مكعب يومياً.
ما حدث فى قطاع الزراعة هو نموذج ومثل لصناعة المستقبل، الذى سبقته إجراءات حاسمة وتطهير من كافة السلبيات والتجاوزات، فبعد أن كانت مصر تعيش أزمة زراعية أصبحت تحقق الاكتفاء الذاتى فى الكثير من المحاصيل الزراعية، وتصدر إلى الخارج ملايين الأطنان من الحاصلات بعد النجاح فى فتح ٥٩ سوقاً خلال الـ ٠١ سنوات الماضية وتصدير أكثر من ٠٠٤ سلعة زراعية لـ ٠٦١ دولة، وقد بلغت صادرات مصر فى الربع الأول من العام الجارى ٥٫١ مليار دولار وهو إنجاز غير مسبوق وقد بلغ إجمالى الصادرات من الإنتاج الزراعى الطازج والمصنع العام الماضى حوالى ٩ مليارات دولار لذلك فإن الزراعة نموذج للتحول من الأزمة إلى الإنجاز، والمحنة إلى المنحة، وهى أيضاً نموذج لكيفية صناعة المستقبل بإجراءات ورؤى وإرادة وأفكار خلاقة.
إذا تحدثنا أيضاً عن نماذج أخرى مثل شبكة الطرق، فبعد أن كانت مصر تحتل مراكز ومراتب متأخرة عالمياً، أصبحت ضمن قائمة أفضل ٠٣ دولة وتحديداً المركز الـ ٧٢ عالمياً، وكانت تخسر مليارات الدولارات سنوياً بسبب سوء الطرق، وإهدار الوقت والطاقة والوقود فى ظل التكدس والزحام. وأيضاً استنزاف الأرواح بوقوع حوادث كارثية، كل ذلك انتهى مع شبكة الطرق العصرية، وتراجعت المعدلات إلى أدنى مستوياتها، بل وفرت مصر ما يزيد على ٨ مليارات دولار سنوياً كانت تخسرها بسبب سوء حالة الطرق كما أن شبكة الطرق العصرية، احد عوامل جذب الاستثمارات الكبرى ونشاط حركة التجارة والعمل، وسرعة الربط مع الموانئ الاستراتيجية وقناة السويس، وخلق مجتمعات عمرانية وصناعية وزراعية وتجارية جديدة، لذلك هذا نموذج عبقرى لصناعة المستقبل الواعد. وفكر سابق وخلاق لكيفية بناء دولة حديثة.
أيضاً تطوير الموانئ المصرية، المطلة على البحرين المتوسط والأحمر، وتحويلها إلى موانئ عالمية، للحصول على جزء كبير من كعكة التجارة العالمية وتجارة اللوجستيات والتى تمر أمام الشواطئ المصرية بنسبة ٢١٪ من حجم التجارة العالمية، ولذلك تتهافت الشركات العالمية فى هذا المجال للعمل والاستثمار فى مصر بملكية وسيادة مصرية كاملة، ولذلك أيضاً وبعد التطوير الكبير وغير المسبوق، باتت الموانئ المصرية فى الصدارة، حيث احتل ميناء بورسعيد المرتبة العاشرة عالمياً فى زمن قياسى وتفوق على موانئ عالمية تعمل منذ سنوات وهو أيضاً نموذج لصناعة المستقبل.
النماذج كثيرة وعديدة فى التحول من الأزمة إلى الإنجاز، وكيفية صناعة المستقبل رغم التحديات الموروثة والثقيلة إلا أنه تم تحويل المحنة إلى منحة، من خلال فكر خلاق ورؤى ثاقبة وإرادة صلبة قادها الرئيس عبدالفتاح السيسى، وسوف نستكمل فى الحلقات القادمة، كيف حقق هذا القائد العظيم، هذه الإنجازات غير المسبوقة على مدار ٠١ سنوات، وأنقذ وأنجز، وعبر بوطنه من التحديات والأزمات، إلى النجاحات والإنجازات، التى ساهمت فى صناعة المستقبل وتحقيق التفوق، وخلق الفرص، وتجاوز المحدودية إلى رحاب الوفرة، والفرص، وللحديث بقية.