السنوار فى رحلته مع المقاومة الفلسطينية الطويلة كان يعلم قبل أن يدخل السجن أول مرة انه سيتم اغتياله فى نهاية المطاف .. وبعد خروجه من السجن الطويل ضمن صفقة جلعاد شاليط كان قد تعلم خلال فترة السجن اللغة العبرية وبدأ فى تأليف الكتب وكان لديه يقين ان الحرب مع الاسرائيليين ممتدة وان اغتياله لا يعنى ان المقاومة انتهت فهناك ألف مقاوم ومقاوم وان قصة المقاومة أطول من عمره وهكذا تحققت يوم اغتياله عندما استهدف فى منزل مع أصدقائه المقاومين وليس فى نفق كما كانت تكذب العصابة.. كان منذ اختياره خلفاً لاسماعيل هنية يعلم ان نهايته قريبة لأن نتنياهو يبحث عن أى انتصار وليس الأسري.. كثير من الروايات الاعلامية الاسرائيلية تحدثت عن تصفيته وأذاعت ونسجت خيوط «الكذب الاعلامي» لكن طريقة استهدافه فى المنزل وهو يقاوم أعطت درسا للجميع ان الرجل البسيط الذى يخطط للحرب ليس كما يزعمون فهو يعيد لنا تاريخ جيفارا وجواد حسنى وأحمد عبدالعزيز وجميلة بوحريد وعمر المختار.. أسماء فى الذاكرة العربية لا ننساها رغم غبار التاريخ وعوامل التعرية الثقافية على رموزنا.. فالرجل المولود فى مخيم خان يونس مات بالقرب منه فى منزل طالته قنابل العدو يعيش عيشة بسيطة ومعه ذخيرته.. ولم لا ويحيى السنوار – أبو إبراهيم – كرس حياته للدفاع عن بلده حاولت التحدث معه بعد خروجه من السجن عبر صديق فلسطينى الكاتب عادل أبو هاشم الذى كان طرف خيط لإجراء أحاديث مع أسرة يحيى عياش وزوجته ومع الرئيس قبل «وفاته بأسبوعين» ومع أحمد ياسين لكن كان حديث عادل دائما عن يحيى السنوار.. الذى قرأته له روايته التى كتبها فى السجن «الشوك والقرنفل» لم يكن نتنياهو يتصور ان خطة السنوار فى عملية طوفان الأقصى ستفتح جبهات قتال عديدة فى المنطقة يريدها نتنياهو لكن لم يكن فى خياله أن تستمر إلى أكثر من 395 يوما حتى الآن وادخلته فى نفق مظلم أمام عالم فشل فى اتخاذ قرار انسانى بوقف الحرب ونفاذ المساعدات والغرب الذى يساند اسرائيل بلا حدود.
الاسرائيليون كما لم ينسوا السادس من أكتوبر «يوم كيبور» والذى بكت فيه جولدا مائير لكسينجر وزير خارجية أمريكا كما بكى قائد الحرب لديها الشهير موشى ديان عندما زار سيناء.. أيضاً لن ينسوا ان طوفان الأقصى أعاد القضية إلى المربع الأول وجعلها حديث العالم فى أطول صراع عالمى حتى الآن منذ 1976.. تقوم به عصابة عنصرية ضربت كل قوانين الشرعية الدولية ومبادرات السلام عرض الحائط.
لقد تم اغتيال السنوار واقفا يذكرنا بأبطال فيتنام فى مواجهة أمريكا ونيلسون مانديلا فى جنوب افريقيا.. وظنى ان فلسطين بها ألف سنوار وسنوار لم تصل إليهم الموساد أو الشاباك أو الشين بيت لمواصلة حمل الراية والدفاع عن الأرض والعرض.. أمام محتل غاصب ونتنياهو «المجنون بالحرب» ليخفى عورات محاكمته.. وجاء بلينكن إلى المنطقة ربما هى الزيارة الأخيرة لأنه لن يكون وزيرا لخارجية أمريكا حتى لو نجحت كامالا هاريس لكى يحقق صفقة من وراء تصفية السنوار الذى تم اصطياده صدفة من المسافة صفر.. فى منطقة يسعى نتنياهو لتوسعة دائرتها واشعال المنطقة وادخالها فى نفق لا يعرف نفسه كيف سيخرج منه وسط انشغال البيت الأبيض بضيفه القادم الأسبوع القادم بعد ماراثون الانتخابات ولا أعول كثيرا على من سيجلس فى البيت الأبيض لأنهم كلهم سواء اسرائيل هى ولايتهم الـ «52» المدللة والكل يخطب ودها لترضى عنه من أجل صوت انتخابى يدفع بأى من المرشحين الجلوس على المقعد البيضاوى لمدة 4 سنوات قادمة وننتظر البيانات «الجوفاء» المؤيدة لإسرائيل دون مراعاة انسانية لما ارتكبته آلة الحرب الأمريكية من دمار لغزة ولبنان وتعطيل الملاحة الدولية فى وقت غاب فيه الحديث عن حقوق الانسان وحقوق المقاوم المدافع عن أرضه.