يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «سيأتِى على الناسِ سنواتٌ خدّاعاتٌ، يُصدَّقُ فيها الكاذِبُ، ويُكذَّبُ فيها الصادِقُ، ويُؤتَمَنُ فيها الخائِنُ، ويُخَوَّنُ فيها الأمينُ، وينطِقُ فيها الرُّويْبِضَةُ. قِيلَ: وما الرُّويْبِضةُ؟ قال: الرجُلُ التّافِهُ يتَكلَّمُ فى أمرِ العامةِ».
وفى عالم اليوم برزت حرب جديدة هى حرب القتال عن بعد، يشوه فيها الوطنيّون الشرفاء، ويُدعم فيها الخونة والعملاء لأعداء أوطاننا وأمتنا العربية والإسلامية .
ولم يعد تشكل الجيوش فى الحاضر كتشكيلها فى الماضي، حيث كانت الجيوش فى السابق تقسم على خمسة أقسام هي: المقدمة، والمؤخرة، والميمنة، والميسرة، والقلب، غير أن تشكيل الجيوش صار فى عالم اليوم مختلفاً، وصارت الحرب الفكرية والنفسية والمعلوماتية هى المقدمة الحقيقية التى تعمل الدول على هزيمة أعدائها نفسياً من خلالها، لتصبح فريسة سانحة وصيداً سهلاً عند دوران عجلة الحرب العسكرية إنْ اضطرت إليها، ذلك أن أكثر الدول المعتدية الآثمة ترى أن إسقاط الدول من داخلها بأيدى بعض الخونة من أبنائها والمرتزقة المأجورين معهم أقل كلفة بكثير من الحروب التقليدية.
وهو ما يستدعى فهم الآتى بدقة :
١- أن العمليات النفسية تعد من أهم الوسائل الرئيسية لحروب الجيل الرابع التى يستخدمها أعداؤنا فى توظيف وتجنيد الإرهابيين لتحطيم الجبهة الداخلية فى دولنا، والتشكيك فى قدرات الدولة الوطنية ومنجزاتها ومؤسساتها، مستخدمين فى ذلك مواقع التواصل الاجتماعي، والفضائيات، وسلاح المال، والعملاء.
2- أن تلك الحملات الهدامة التى تروج للشائعات والفكر المتطرف ممولة ومدعومة بإمكانات ضخمة، عبر بعض الفضائيات وكثير من مواقع التواصل، وهو ما يدخل فى إطار الإرهاب المعلوماتي، ويرتبط هذا الأسلوب إلى حد كبير بالمستوى المتقدم الذى أصبحت تكنولوجيا المعلومات تؤديه فى كل مجالات الحياة.
وأؤكد أن حيل الأعداء لإسقاط منطقتنا وإفشال دولها الواحدة تلو الأخرى لم ولن تنتهى أو تتوقف، مستخدمين كل ما يمكن أن يطلق عليه حروب الجيل الرابع والجيل الخامس، إلى ما يمكن أن نعتبره حالة خاصة صنعت لإنهاك منطقتنا، وهى الحروب الأكثر سوءا ودموية وتدميرا فى تاريخ الإنسانية، وما تدمير غزة وقتل نسائها وأطفالها وتجويع من تبقى من أهلها عنا ببعيد، ناهيك عن استخدام أعدائنا كل الوسائل غير المشروعة من توظيف الإرهاب وتبنى الإرهابيين ودعمهم، وتعظيم أمر الخيانات، وشراء الولاءات، ومنهجة استخدام سلاح الشائعات، وتُوظيف الكتائب الإلكترونية، مع استخدام أقصى وسائل الحصار والضغط السياسى والاقتصادى والنفسي، والمحاولات المستميتة فى إثارة الشعوب وتأليبها على حكامها، وتشويه الرموز والمكتسبات الوطنية، والتشكيك فى كل الإنجازات والتهوين من أمرها، ومحاولة كسر إرادة الشعوب، والتشكيك فى العلماء والمفكرين والمثقفين الوطنيين، ودعم مناوئيهم، وتوجيه رسائل التهديد المبطنة تارة والصريحة أخرى للمتمسكين بمبادئهم المخلصين لأوطانهم الحريصين على أمنها واستقرارها.
٣- هذا هو حالهم معنا ولن يتغير، فماذا عن حالنا نحن، فالخطر كل الخطر أن نقف موقف المتفرج أو المتردد، بل يجب أن نكون فى سباق مع الزمن، ونقدر مخاطر الظرف الراهن لأمّتنا ومنطقتنا، وأن نعمل على كل المستويات: الدينية، والثقافية، والإعلامية، وغيرها، على تحصين أوطاننا من مخاطر السقوط أو الوقوع فى فخ الهزيمة النفسية، مع الحرص على دعم جيوشنا الوطنية لتظل قوة ردع و حائط صد عن أوطاننا وأمتنا وعزتنا وكرامتنا بل وحياتنا وأعراضنا ومقدراتنا الوطنية.